زلزال مولع بمصير الاتحاد بطلب غير متوقع
أضاع مطالب رامون بلانيس مدير كرة القدم الإسباني الرؤية الصحية لمستقبل نادي الاتحاد في ظل تصاعد الخلافات الداخلية بين إدارة العميد وأحد أعضاء مجلس الشركة الربحية ما دفعه للتفكير جديًا في الرحيل قبل انطلاق الموسم الجديد لتكون هذه الخطوة صدمة لجماهير النمور التي استقبلت تعيينه بحفاوة كبيرة
مع الانتداب الشتوي 2024 نجح الاتحاد في استقدام رامون بلانيس صاحب السجل الذهبي مع برشلونة وريال بيتيس ليبدأ رحلة جديدة كان من المتوقع أن يرتقي بقدرات الفريق عبر صفقات ذكية ومتابعة مستمرة لمسار اللاعبين الشباب وما قد يُقدَّم منهم في الموسم التالي وقد تجلّت فعاليته سريعًا في التعاقد مع لاعب الوسط الواعد أوناي هيرنانديز قادمًا من برشلونة أتلتيك مقابل 4.5 مليون يورو بالإضافة إلى 500 ألف كمتغيرات قبل أن يضم ظهير ألباني الخبرة ماريو ميتاي الذي شكل عمودًا دفاعيًا أسهم بقوة في تتويج الفريق بلقب دوري روشن السعودي 2024–2025 ولقب كأس خادم الحرمين الشريفين في نهاية الموسم
غير أن رغبة بلانيس في إطلاق مشروع طويل الأمد اصطدمت بقيود ميدانية لم تكن في الحسبان فقد طرأت خلافات مع عبدالله الغامدي عضو مجلس الشركة الربحية على خلفية دور الأخير المتداخل في اختصاصات المدير الرياضي ليجد بلانيس نفسه أمام توجيهات متضاربة حول ملفات الانتقالات وتكوين الطاقم التدريبي وعقود اللاعبين الشباب وهو ما دفعه، وفق ما كشف عنه الصحفي محمد البكيري، إلى رفع خطاب رسمي إلى مسؤولي صندوق الاستثمارات العامة لتوثيق ما يتعرّض له من مضايقات رسمية قبل أن يستقر فيه قرار الرحيل

تتمثل المضايقات حسب إفادة البكيري في ضغوط شفوية ومكتوبة على بلانيس لتعديل خياراته الفنية مجددًا لصالح أسماء معينة أو لإلغاء صفقات كان قد وضع اللمسات النهائية عليها وهو ما عرقل مشروعه في بناء قاعدة قوية من اللاعبين المحليين والأجنبيين المتوافقين مع فلسفة الفريق وأسلوب النجم سامي الجابر المدرب المساعد آنذاك وأثار مخاوفه من فقدان دوره القيادي داخل البنية الإدارية للنادي وحرمانه من حرية اتخاذ القرار
قفزت هذه الأنباء إلى واجهة المشهد الاتحادي في الوقت الذي لا يزال فيه الموسم الماضي حاضراً بذاكرة الأنصار بعد احتلال العميد صدارة دوري روشن برصيد 83 نقطة بفارق ثماني نقاط عن الوصيف الهلال والتتويج بكأس خادم الحرمين الشريفين عقب الفوز على القادسية في النهائي لتزداد المفارقة المؤلمة عندما يختار أحد أهم مهندسي هذا الإنجاز مغادرة السفينة قبل حتى انطلاق العام الكروي الجديد

وجاء رد الجماهير الاتحادية غاضبًا على منصات التواصل الاجتماعي مطالبةً إدارة النادي بالتدخل العاجل لحماية رجلٍ مثل بلانيس لا يمكن أن يُعوض بخبرات محلية ضيقة أو بدائل انتقالية لم تُظهِر بعد القدرة على التفاوض الدولي وحسم الصفقات في الوقت المناسب لما يتطلّبه حضور الاتحاد الطموح في دوري أبطال آسيا الموسم المقبل
وفي الجانب الفني سيعني رحيل المدير الرياضي الإسباني فقدان استمرارية مشروع ارتكز على التوازن المالي والتخطيط طويل الأمد والتعاقد مع لاعبين شباب يمتلكون مقومات التطور لسنوات كثيرة قادمة ويقلق مسؤولين في القطاع الرياضي بالنادي من أن يؤدي هذا التغيير المفاجئ إلى تأخر ضم بدائل أساسية في المراكز التي حددها بلانيس سابقًا كتلك الخاصة بقلب الدفاع وصانع الألعاب وأحد الجناحين الموهوبين إلى جانب ملف الهداف المستهدف والذي لم يُحسم اسمه بعد رغم توصياته
ويُتوقع أن يخوض الاتحاد موقفًا حرجًا في المفاوضات المقبلة مع بعض الوكلاء الدوليين الذين باتوا يتابعون تغيّر السياسات داخل النادي وقد يلجأ العميد إلى تسوية متبادلة مع صندوق الاستثمارات العامة لتضميد الجراح عبر تعيين مدير رياضي جديد بأسرع وقت يكون قادرًا على استكمال ملف الصفقات المتفق عليها أو على الأقل إعادة فتح مفاوضات مع الأندية الأوروبية على أساس معايير واضحة تجنبًا لأي تأخر يضر بحظوظ الفريق في المنافسة الآسيوية والمحلية
يتضح جليًا أن مستقبل الاتحاد على أبواب منعطف خطير وأن القرار القادم من رامون بلانيس لن يؤثر على آليات النادي الفنية والمالية فحسب بل سيترك أثرًا معنويًا عميقًا على لاعبين استعادوا الثقة في المشروع الاتحادي خلال الأشهر الماضية وجماهير منحت المدرب واللاعبين دفعة معنوية لا مثيل لها بعد سنوات من الانتظار والتراجع في أداء الفريق
لن تكون إدارة نادي الاتحاد قادرة على تجاوز تداعيات رحيل رامون بلانيس ببساطة، بل ستكون مخاطِرة كبيرة إذا لم تتمكن من ضمان استمرارية المشروع الرياضي وتعيين بديل يمتلك رؤية واضحة وفهمًا لثقافة النادي وجماهيره وجدية في تنفيذ خطط الانتقالات لتفادي ضياع الموسم قبل أن يبدأ والإبقاء على سمعة العميد في الصدارة المحلية والوجود القاري.