في تقلبٍ هو الأغرب في موسم دوري الدرجة الثانية الإيطالي، قفزت أنفاس جماهير سامبدوريا إلى السماء بعدما قرر الاتحاد الإيطالي لكرة القدم خصم أربع نقاط من رصيد بريشيا، ما منح “الجنويز” فرصة جديدة للبقاء عبر مباراة الملحق. خطوةٌ صدمت الوسط الرياضي في إيطاليا وأشعلت المواقد على أمل فجرٍ جديدٍ لناديٍ اعتاد التوهج في الستاد، قبل أن ينجرف نحو هاوية الهبوط إلى الدرجة الثالثة.
منطومة الهبوط في “سيريا بي” وتداعيات الهزيمة
ينص نظام المسابقة هذا الموسم على هبوط أربعة أندية مباشرةً إلى الدرجة الثالثة: أصحاب المراكز 18 و19 و20، إضافةً إلى صاحب المركز 17 إذا كان فارق نقاطه عن صاحب المركز 16 أربع نقاط أو أكثر، بينما يخوض صاحبا المركزين 16 و17 “ملحق الهبوط” (مباريتا ذهاب وإياب) في حال كان الفارق أقل من أربع نقاط.
قبل قرار العقوبة، كان سامبدوريا يترنح في ذيل الترتيب بالمركز الثامن عشر برصيد 32 نقطة، فيما احتل بريشيا المركز الخامس عشر برصيد 43 نقطة، بفارق 11 نقطة عن أصحاب مراكز النجاة. ولكن بعد خصم أربعة نقاط من رصيد الفريق اللومباردي، تراجع إلى المركز الثامن عشر (39 نقطة)، ليرتفع سامبدوريا إلى المركز السابع عشر برصيد 36 نقطة، ويصبح الفارق مع ساليرنيتانا صاحب المركز السادس عشر نقطة وحيدة (37 نقطة)، ما يعني إسناد “ملحق مصيري” بين مجلة البندقية وقطبي لنجاوة الميركاتو الشتوي.
ملامح القرار وسبب العقوبة
أرجعت “لاجازيتا ديلو سبورت” توقيع العقوبة على بريشيا إلى تأخر صرف رواتب اللاعبين والجهاز الفني عن شهر فبراير الماضي، وهو تجاوزٍ يُعدّ انتهاكًا واضحًا للوائح الاتحاد الإيطالي المالية الصارمة. وقد سبق أن وُجهت تحذيرات إلى إدارة بريشيا بضرورة الالتزام بالجدول الزمني للمدفوعات، غير أن التأخير المتكرر دفع الهيئات الكروية إلى توقيع أقسى عقوبة، رادعةً بذلك أي نادٍ يفكر في التهاون بمستحقات نجومه.
فرحة سامبدوريا وجنون الجماهير
تدفقت رسائل التهنئة على سامبدوريا من مشجعيه ومن شخوص الوسط الرياضي، فاحتفل لاعبو الفريق والمدرب ماسيمليانو فيتشيني في غرف الملابس بوصولهم إلى “فرصة البقاء الأخيرة”. أما جمهور “البلاترز” فارتفع صوته في مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #SAMPISTAY (سامبدوريا يبقى)، معبراً عن فرحةٍ عارمة بحظٍ منقوش في قوانين الدوري، وقد استخدم البعض صورًا قديمة من انتصارات النادي في “ليغا برو” و”كأس إيطاليا” كمؤشرات على قدرة الفريق على قلب المعطيات مجددًا.
تاريخ سامبدوريا مع دراما البقاء

لم تكن هذه أول معركة يخوضها نادي جنوة على جبهة النجاة؛ إذ سبق للفريق أن نجا من الهبوط في مناسباتٍ عدة عبر “ملحق مصيري” أو تأخر عقوبات إلى جانب نزاهة الجهات المنافسة. ويُذكر أن آخر مواجهة فاصلة خاضها “البلاترز” كانت في موسم 2016–2017 ضد فيورنتينا الذي انقلب عليه بنتيجة 2-1 في الإياب في استاد “ماراتسي”، قبل أن يحافظ على مكانه في “سيريا آ”.
تحديات المواجهة الفاصلة

ينتظر سامبدوريا اختبارٌ حقيقي في لقاء الذهاب من الملحق، المقرر إقامته على ملعبه “لويجي فيراريس” أمام ساليرنيتانا، حيث سيحتاج لتفادي الخسارة وإحراز نتيجة إيجابية تمنحه أفضلية في مباراة الإياب. ومن ثم يجب أن يُجيد استثمار ذهاب الإياب في ملعب “كوبي ديور” لدى مضيفه، مع الضغط النفسي الكبير الذي سيعتمده “المنجنيق” اللاتسيوي (لقب ساليرنيتانا) لاستعادة مبتغاه.
آراء الخبراء وتوقعاتهم
- المحلل جوزيبي فيتوري: “هذا القرار يعكس جدية الاتحاد الإيطالي في مكافحة التلاعب المالي، لكنّه في الوقت نفسه أفسح المجال أمام ناديٍ عريق مثل سامبدوريا لتلافي كارثة رياضية”.
- كارلو ماريني، رئيس لجنة المسابقات سابقًا: “خصم النقاط سيؤثر على الموسم المقبل لبريشيا، ويجعل مهمة الحفاظ على التوازن في “سيريا بي” أكثر صعوبة، بينما صار سامبدوريا أمام حياةٍ جديدة تتطلب إعادة هيكلة فورية قبل انطلاق الموسم القادم”.
- محللو قنوات “راي سبورت”: يتوقعون أن تكون المواجهة بين سامبدوريا وساليرنيتانا “نهائيًا بلا هوادة”، ولا يستبعدون امتداد الحسم إلى الوقت الإضافي وربما ركلات الترجيح، نظرًا للتكافؤ الشديد بين الفريقين.
سيناريوهات النجاة والسيناريو الأسوأ
إذا نجح سامبدوريا في تخطي الملحق، فسيحتفل بلحظة إنقاذ الموسم ويبدأ فورًا عملية البناء للموسم القادم تحت إدارة رياضية جديدة، ربما تشهد تعزيزات شتوية مبكرة للتأكد من عدم تكرار مأساة الاقتراب من قاع الجدول. أما في حال الفشل، فسيواجه الهبوط المباشر إلى الدرجة الثالثة لأول مرة منذ عقود، ما سيستلزم إعادة تأسيس الهوية الكروية وإعادة الاعتبار لعشاق يرفضون رؤية شعارهم في قاع هرم الكرة الإيطالية.
نظرة أخيرة قبل قرية المصير
مع تصاعد وتيرة الأدرينالين في أروقة “سيريا بي”، يحرص سامبدوريا على تجهيز السلاح النفسي والبدني لنجومه، عبر معسكرٍ تدريبي خاص وبرامج تحفيزية مصممة على قياس تحمل اللاعبين لضغوط “نهاية العالم”. كما يدرس الجهاز الفني استراتيجيات هجومية تعتمد على الكرات الثابتة والاستفادة من سرعة الأجنحة، إلى جانب تدعيم البنية الدفاعية لضمان أقل عدد من الأهداف قبل حسم البقاء.
ختامًا..
شهدت إيطاليا مؤخرًا دراما لا تُضاهى في أحد أصعب مواسم دوري الدرجة الثانية، وجعل قرار خصم النقاط من بريشيا “ملحمة البقاء” أكثر إثارة. وبينما ينتظر الجميع صافرة انطلاق المواجهة الفاصلة، يرفع سامبدوريا رأسه عاليًا، عازمًا على تحويل “قبلة الحياة” التي منحها له نظام اللوائح إلى انتصارٍ يشبه الأساطير، ويؤكد أن قوة التاريخ لا تُقاس بالمراكز وإنما بالإرادة التي لا تعرف الانكسار.