تزايدت في الأسابيع الماضية الأنباء التي تربط مدافع آرسنال الواعد، ويليام ساليبا، بنادي ريال مدريد خلال سوق الانتقالات الصيفية المقبلة، في ظل الحاجة الملحّة لدعم جدار دفاع “الميرنغي” وتعزيز قدراته الهوائية والبدنية. ورغم الجاذبية الفنية التي يتمتع بها الفرنسي (22 عامًا)، تظهر عائقان أساسيان يفرضان عزوفًا مؤقتًا من قِبَل إدارة فلورنتينو بيريز عن السير في مفاوضات جادّة: الأول يتعلق بالتكلفة المالية، والثاني يخص توقيت انتهاء عقده وحق تجديده.
إنجازات ساليبا وجودته التكتيكية
صنع ساليبا اسمه أولاً في الدوري الفرنسي عبر موهبة لافتة مع مرسيليا خلال موسم 2020–2021 على سبيل الإعارة، قبل أن ينتقل إلى صفوف أرسنال صيف 2022 بعقد طويل الأمد يمتد حتى عام 2027. اعتمد عليه المدرب ميكيل أرتيتا لملء ثغرة قلب الدفاع، فبرز بمتانته في التمركز وبراعته في اللعب المباشر من الخلف، ما منح “الجانرز” ثباتًا دفاعيًا لم يعرفه منذ سنواتٍ. أظهرت الإحصائيات تحسينًا ملموسًا في نسبة إبعاد الكرات العالية (أكثر من 65% نجاحًا) ومهارة في بناء الهجمات (أكثر من 70 تمريرة صحيحة في المباراة الواحدة).
المبلغ المطلوب يتجاوز الحدود الممكنة
بحسب تقرير شبكة ريليفو الإسبانية، فإن قيمة بطاقة ساليبا التسويقية تواجه سقفًا مرتفعًا للغاية، قد يتجاوز 80 مليون يورو عند فتح نافذة التفاوض مع آرسنال. ويترافق هذا الرقم مع معطيات أخرى:
• حقوق مالية:
يمتلك “المدفعجية” عقدًا قويًا يمنع بيعه بأقل من السعر الذي دفعوه للتعاقد معه، بعد سلسلة من المساهمات الدفاعية الملموسة.
• اللعب المالي النظيف (FFP):
يلتزم ريال مدريد بمعايير اللعب المالي النظيف التي تفرض توازنًا بين المدخولات والمصروفات، ما يجعله يدرس بدقة أي صفقة تفوق سقف الـ70 مليون يورو لصفقات الظهيرين أو قلب الدفاع.
• تكاليف بديلة:
امتدت ميزانية فريق العاصمة لتجديد عقود النجوم مثل فينيسيوس جونيور وكاسيميرو، إضافة إلى احتمالية ضم كيليان مبابي مستقبلاً، ما يجبر الإدارة على ضبط أولويات الإنفاق.
وبناءً عليه، بدا فلورنتينو بيريز متحفظًا على دفع مقابل مادي مرتفع مقابل مدافع لا يزال في بداية طريقه، رغم الإعجاب بأدائه وقيمته التكتيكية المستقبلية.
عامل الوقت وتشبّث أرسنال ببضاعته
العائق الثاني يرتبط بمدى ملاءمة توقيت انتقاله للصيف المقبل، علمًا بأن عقد ساليبا مع آرسنال ممتد حتى صيف 2027. وهذا يعني:
1. فترة طويلة قبل الحرية:
إذا جرى ضمّ اللاعب الآن، سيدفع ريال مدريد مقابل رحيله قبل عامين كاملين عن نهاية عقده، بينما يمكن أن يتحرك في صفقة مجانية في 2027.
2. أولوية التجديد:
من المتوقع أن يعرض آرسنال في العامين المقبلين تجديدًا لعقده بنفس الشروط الحالية أو بتحسينات بسيطة، ضمانًا لعدم فقدان موهبته مجانًا.
3. خدمة الاحتياجات الفعلية:
ستظل إمكانية ضمه دون مقابل مجانًا عامين من الآن خيارًا أقل كلفة من الدفع الفوري لمبلغ قد يصل إلى 80 مليونًا أو أكثر، خاصة إذا تم ترحييل الصفقة حتى اقتراب انتهاء العقد.
هذا التأجيل يجعل إدارة ريال مدريد في موقف “المراقب” لصفقة محتملة، ولا يدفعها للانخراط في مفاوضات شراء فورية إلا إذا حدث تغيير جذري في رغبة اللاعب أو في مقاييس سعره السوقي.
حاجة الدفاع الملكي للتجديد
على الرغم من أن الفريق يضمُّ في قلب الدفاع أسماء قوية ك رافاييل فاران وإيدر ميليتاو وديفيد ألابا، فإن متوسط أعمار هؤلاء تجاوز الثلاثين عامًا أو اقترب منه، مع اختلاف خبرات اللعب تحت ضغط مختلف المنافسات. وأشار العديد من المحللين إلى:
• سقف السرعة والاندفاع:
ينقص خطوط الدفاع الملكي عامل السرعة المثلى للمواجهة مع المهاجمين الشباب المتحركين.
• الأداء الطويل الأمد:
يتطلب دوري الأبطال وكأس العالم للأندية الحفاظ على مستوى ثابت لأكثر من نصف الموسم، وهو ما يحتاج إلى دماء جديدة قادرة على التعافي البدني بسرعة.
• البناء من الخلف:
أصبح أسلوب كارلو أنشيلوتي يعتمد على انطلاق الهجمة من الدفاع، لذلك يحتاج لصاحب قدمين قويتين في التمرير والتحكم بالكرة تحت الضغط.
ورغم حاجة الفريق لتعزيز جدار الدفاع، تُفضل الإدارة شراء مدافعٍ متاحٍ في صفقة أكثر “توافقًا” من الناحية المالية، أو انتظار إمكانية التعاقد مع ساليبا مقابل صفقة انتقال حر بعد عامين.
حلول ممكنة وأسواق بديلة
في ضوء العائقين المالي والزمني، قد يركّز المرينجي اهتمامه على:
• الصفقات المجانية أو منخفضة التكلفة:
كالحصول على أنطونيو روديجر بنهاية عقده مع تشيلسي، أو تجديد الثقة بديفيد ألابا الذي ينتهي عقده قريبًا.
• أسماء صاعدة:
مثل بابلو مارتينيز من ميلان أو ماتياس دي ليخت من يوفنتوس، إذا توافرت فرصة بنصف سعر ساليبا.
• الاستثمار في الأكاديمية:
ترقية قلب الدفاع الشاب من “كاستيا” لمنحه تجربة تدريجية في الفريق الأول دون تكلفة إضافية.
نظرة مستقبلية
بينما يترقب المشجعون والمدرب موعد فتح سوق الانتقالات، يبقى ملف ساليبا محفوفًا بتقلبات العرض والطلب. وإذا استمرت إدارة “البلانكوس” في الاعتماد على استراتيجية ضبط المصروفات والانتظار حتى ينخفض السعر السوقي للمدافع الفرنسي، فإن فرص الصفقة قد تُكتب للنضوج برفق على بنود العقد الحالي حتى صيف 2027. وفي هذه الأثناء، سيظل اسم ويليام ساليبا مرتبطًا بطموحات تعزيز الدفاع الملكي، لكنه دون وضوح حول وقت إتمام الخطوة الكبيرة.
