
معضلة الظهير الأيمن تستفحل
في موسمٍ يكتنفه التحدّي بالنسبة لخط الدفاع، عجز ريال مدريد عن تدارك مشكلة الظهير الأيمن بغياب داني كارباخال ونقص البدائل المناسبة، حتى بعدما بادر مانشستر سيتي بعرض المخضرم الإنجليزي كايل ووكر خلال سوق الانتقالات الشتوية الماضية.
تفجّرت الأزمة بعد تعرض كارباخال لإصابة قطع في الرباط الصليبي، ما أبعده عن الملاعب لفترة طويلة، وترك مكانه على الجبهة اليمنى خالياً من الثقة الفنية. لجأ كارلو أنشيلوتي إلى تحريك لوكاس فاسكيز من مركز متوسط الميدان دفاعياً، لكن الأداء المتراجع لم يعالِج النقص الواضح، فأُجبر في بعض المباريات على إشراك فيديريكو فالفيردي في مركز الظهير الأيمن، إذ بدا الأخير أكثر قدرة على تغطية المساحات وخلق التوازن بين الدفاع والهجوم.
عرض مانشستر سيتي وغياب الرد

بحسب تقرير لصحيفة The Athletic، قدّم بيب غوارديولا مخططات توضح توافر كايل ووكر على طاولة ريال مدريد خلال يناير 2025، بعدما خرج اللاعب من حسابات مانشستر سيتي. وُصف العرض بأنه “فرصة ذهبية” لتعزيز الجبهة اليمنى بظهير يجمع بين الانطلاقات السريعة والخبرة الأوروبية، لكن إدارة النادي الملكي لم ترُد على العرض ولم تبادر إلى فتح باب التفاوض — ما شكّل مفاجأة كبيرة في الأوساط الرياضية.
تحرك ميلان وحتمية قرار الشراء
لم ينتظر ووكر طويلاً، إذ انتقل على سبيل الإعارة لمدة ستة أشهر إلى صفوف ميلان الإيطالي حتى 30 يونيو 2025، مع وجود بند حق الشراء مقابل خمسة ملايين يورو. ووفقاً لموقع MilanLive، طلب الروسونيري تخفيض هذا المبلغ لتفعيل الصفقة بشكل نهائي، في ظل سعي النادي لضبط ميزانياته والاستثمار في لاعبين يقدمون مردودًا فوريًا.
أرقام وخبرة كايل ووكر

لم يتأخر ووكر في الاندماج مع فريقه الجديد، حيث خاض حتى الآن 15 مباراة رسمية في مختلف المسابقات، إذ خُلّف دوره أكثر دفاعياً في تشكيلة ميلان مقارنة بما اعتاد عليه في السيتي، مع حفاظه على سرعته وتنظيمه لخط الظهر. على الرغم من عدم تسجيله أو صناعته لأي هدف، فإن خبرته الممتدة في دوري أبطال أوروبا وبطولات إنجلترا تعزز من قيمته التكتيكية، وقد يقود الروسونيري للتتويج بكأس إيطاليا عندما يواجه بولونيا في النهائي المنتظر.
انعكاسات الضياع على ريال مدريد
من جانبها، تواجه تقنية أنشيلوتي صعوبات متعددة؛ إذ أن رؤية المدرب الإيطالي المتمثلة في التوازن بين خطوط اللعب ارتبطت بشكل كبير بقدرة الظهير الأيمن على المساندة الهجومية والعودة السريعة إلى الميادين الخلفية. وعليه، لم يقدّم فالفيردي أو فاسكيز حلّاً مثالياً، ما تسبب في بعض الهفوات أمام الفرق القوية في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا معاً.
خيارات أخرى مهجورة
قبل انتهاء الميركاتو الشتوي، رُبط ريال مدريد أيضاً ببعض الأسماء مثل سيزار أزبيليكويتا ولاعبين آخرين من الدوري الإنجليزي، لكن الحسم السريع غاب عن النادي الملكي، الذي ظل ينتظر تحسن حالة كارباخال أو عودة مارسيلو لتعويض النقص. وهذا التردد يكرّس المخاوف من عدم وجود خطة واضحة لتعزيز دفاعات الفريق قبل الصيف، في حين يلوح الضغط الجماهيري والإعلامي مع قرب دخول مرحلة حاسمة من الموسم.
هل يُصحح الخطأ الصيف المقبل؟
تثير تجربة كايل ووكر تساؤلات بخصوص سياسة ريال مدريد في فترة الانتقالات المقبلة. فإذا نجح ميلان في خفض قيمة الشراء وإبرام الصفقة بشكل دائم، سيكون إنجليزيّاً واحداً قد ملأ الفراغ الذي عجز عنه الملكي. وفي المقابل، قد يجدد النادي بحثه عن ظهير جاهز فنياً وبدنياً، خاصة مع تزايد حدة المنافسة على لقب الليغا والسعي الدائم للتألق في أوروبا.
ختامًا
يُعدّ تفويت ضم ووكر دليلاً إضافياً على أن إدارة ريال مدريد بحاجة إلى تقييم استراتيجيتها في ملف الظهير الأيمن، حيث لا يقتصر الأمر على معاناة مؤقتة، بل يتطلب بناء خط دفاع متماسك ومستقر يليق بتاريخ النادي وأهدافه الكبرى. مع بقاء عدة أشهر على انطلاق السوق الصيفي، يبقى الجمهور مطالباً بالصبر، في انتظار تحركٍ سريع ومحدد لتقوية الجبهة التي لطالما كانت حاسمة في إنجازات ريال مدريد عبر العصور.