شهد نجم وسط ملعب باريس سان جيرمان الإسباني فابيان رويز لحظات من الرعب والقلق داخل منزله بعد ساعات قليلة من تتويج فريقه بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في التاريخ. ففي الوقت الذي كانت فيه أنظار عشاق الكرة العالمية متوجهة إلى ملعب أليانز أرينا في ميونخ لمتابعة مباراة النهائي الحلم بين باريس سان جيرمان وإنتر ميلان، تعرض منزل الدولي الإسباني لمحاولة اقتحام نفذها قاصران، ما أثار حالة استنفار كبيرة لدى الشرطة الفرنسية وحدها. وفي هذا التقرير المفصل نرصد مراحل هذا الحادث وكيف تعاملت الجهات المختصة معه، مع الإشارة إلى الحالات المشابهة التي طالت بعض نجوم باريس سان جيرمان في الفترة الماضية، وما يتوقع أن يحدث لاحقاً بالنسبة للنادي وحماية لاعبيه.
انهيار الاحتفال بفرحة اللقب
بعد هدف التتويج المثير وردود الفعل العارمة على منصات التواصل الاجتماعي احتفالاً بالفوز على إنتر ميلان وتتويج باريس سان جيرمان بلقب الأبطال، كانت السعادة العارمة تعم جمهور النادي الفرنسي وعشاقه حول العالم. أصبح اللاعبون ينشدون الكؤوس ويتلقون عبارات التهنئة من المشجعين والإعلام على حد سواء، ولكن هذه اللحظات الاحتفالية لم تنعم بالهدوء تماماً في منزل فابيان رويز. إذ أفادت صحيفة لو باريزيان الفرنسية بأن جهاز الأمن الوطني تلقى بلاغاً يسجل محاولة اقتحام منزل نجم الوسط مساء الاثنين، أي بعد يومين فقط من التتويج في ميونخ. وتبين أن الجناة اثنان من قاصري السن اقتحما المدخل وحاولا البحث في الغرف عن مقتنيات ثمينة قبل أن يغادرا المكان تاركين خلفهما أثار فوضى على الأثاث والدواليب. ووفق التقارير الأولية، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان رويز أو أي من أفراد أسرته متواجدين داخله في تلك اللحظة الحرجة.
تفاصيل القبض على المشتبه فيهما
سرعان ما هرعت دوريات الدرك والشرطة المحلية إلى عنوان المنزل الواقع في إحدى ضواحي باريس بعد تلقي البلاغ، حيث تم استدعاء فرق البحث الجنائي لجمع الأدلة ومعاينة موقع الجريمة. وأوضح مصدر مطلع في لو باريزيان أن المشتبه بهما قاصران اثنان من سكان المنطقة دخلا البيت عابري السبيل في محاولة للاستيلاء على أجهزة كهربائية ومجوهرات، لكن صوت إنذار مجهز الأسلاك ونظام المراقبة بالفيديو سجلا تحركاتهما، ما دفع المهاجمين إلى الفرار وهما يحملان حقيبة صغيرة وضعا فيها بعض المسروقات قبل أن يتم إلقاء القبض عليهما على بعد كيلومترات قليلة من المنزل. وقد عثر معهم على هواتف محمولة ومبلغ مالي ضئيل يثبت نية السرقة، وبحسب التحقيقات الأولية فقد اعترفا أمام المحققين بأنهما قاما بهذا العمل تحت تأثير التشجيعات المتداخلة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول انتشار ثقافة السطو على منازل اللاعبين عقب أفضل اللحظات الرياضية.
ردّ فعل إدارة باريس سان جيرمان
على الرغم من فرحة النادي بحصد الثلاثية التاريخية (الدوري الفرنسي، كأس فرنسا، ودوري أبطال أوروبا)، فقد وجدت إدارة باريس سان جيرمان نفسها مضطرة لرفع درجة التأهب الأمني حول نجوم الفريق وتكثيف وسائل الحماية في منازلهم الخاصة. ووفقاً لتصريحات أحد المسؤولين في النادي نقلها موقع النادي الرسمي، فإن الإدارة تعمل مع السلطات المحلية لتعزيز انتشار الحراسة الخاصة والخدمات الأمنية في منازل اللاعبين، لا سيما الأجانب منهم الذين باتت حياتهم اليومية عرضة لمخاطر مماثلة. وأكد المسؤول أن الحادثة الأخيرة تحتاج إلى إعادة تقييم بروتوكولات التأمين الشخصي، خصوصاً بعد أن تكررت حوادث اعتداءات وسرقة لمحاولة الدخول تحت تهديد السلاح مع بعض نجوم الفريق في السنوات الأخيرة، من بينهم المهاجم البرازيلي نيمار دا سيلفا الذي شهد منزله أيضاً محاولة اقتحام عام 2023.
سلسلة اعتداءات نجوم النادي في السنوات الماضية
لم تكن حادثة منزل فابيان رويز هي الأولى من نوعها التي تطال لاعبي باريس سان جيرمان أو ذويهم. ففي عام 2021، تعرض زميله في الهجوم الأرجنتيني أنخيل دي ماريا لمحاولة اقتحام أيضاً، حيث دخلت مجموعة من اللصوص المسلحين إلى منزله أثناء تواجده مع أسرته قبل أن يتمكن الحراس من صدهم وتدخل الشرطة. وفي وقت سابق، كان المدافع البرازيلي ماركينيوس قد واجه اعتداءً مماثلاً على والديه اللذين نجيا بأعجوبة بعدما اقتحم لص المنزل طالباً مبالغ مالية. وكذلك الحال بالنسبة للإكوادوري ويليان باتشو الذي عاشت عائلته ليلة عصيبة بعد دخول لصوص محاولين السرقة ثم صدهم بالقوة. هذه الأحداث دفعت لاعبي باريس سان جيرمان إلى اللجوء للخدمات الأمنية الخاصة وتثقيف أنفسهم حول إجراءات السلامة المنزلية، بالإضافة إلى التنسيق مع الأندية لتوفير حراسة مسلحة خاصة عند الضرورة.
التحقيقات الحكومية ومسار القضية
تم إحالة القاصرين المعتقلين إلى الجهات القضائية المعنية بالأحداث التي يرتكبها القاصّر في الأراضي الفرنسية، وهو ما يختلف في طريقة التعامل مع الجرائم الجنائية المعتادة. وأشارت مصادر لو باريزيان إلى أن النيابة العامة ستتخذ الإجراءات القانونية الواجبة، مع إمكانية إخضاعهما لبرامج إعادة تأهيل ترمي إلى منع عودتهما إلى مثل هذه الجرائم مرة أخرى. وقال مصدر أمني إن التحقيق يركز على الأسلوب الذي اعتمده الفتيان في اقتحام المنزل وطريقة الحصول على معلومات العنوان والأوقات التي يكون فيها اللاعب أو عائلته في وضع أقل حرصاً. كما يتم فحص كاميرات المراقبة في المنطقة المحيطة للتوصل إلى أي شركاء محتملين شاركوا في التخطيط أو التنظيم التي استهدفت منزل رويز.
كيفية التصدي لمخاطر سرقة منازل اللاعبين
تشير مصادر مختصة إلى أن تزايد هوس الجمهور واهتمامه بمتابعة حياة نجوم كرة القدم وأماكن تواجدهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي يجعلهم هدفاً سهلاً أمام العصابات المنظمة والقاصرين الساعين للربح السريع. ولهذا يدعو خبراء الأمن الرياضي اللاعبين إلى اعتماد النصائح التالية: أولًا، تجنُّب نشر موقع الإقامة بالتحديد على حساباتهم العامة وتحديث إعدادات الخصوصية بصورة دورية. ثانيًا، الاستثمار في أنظمة أمنية ذكية من كاميرات وتسجيل مشفر للأحداث، بالإضافة إلى جهاز إنذار متصل مباشرة بقوات الشرطة المحلية. ثالثًا، العمل جنبًا إلى جنب مع إدارة النادي لتأمين الحماية الشخصية، وتفادي ترك المنازل فارغة لأوقات طويلة دون حراسة أو تنسيق مسبق مع جيران موثوقين لتلقي أي إشارة خطر.
التحدي المقبل لباريس سان جيرمان
بالرغم من الأزمة الأمنية التي طالت منزل فابيان رويز مباشرة بعد الاحتفالات التاريخية بلقب الأبطال، فإن الإدارة والجهاز الفني للفريق مصممان على مواصلة استعدادات الفريق للمشاركة في كأس العالم للأندية 2025 المقرر إقامتها في الولايات المتحدة الأمريكية. سيكون باريس سان جيرمان على رأس المجموعة الثانية إلى جانب أتلتيكو مدريد الإسباني وبوتافوجو البرازيلي وسياتل ساوندرز الأمريكي. ومع تحقق حلم التتويج بالأبطال لأول مرة، يأمل الجميع في أن يكون التركيز الأكبر منصباً على تحقيق بطولات جديدة في البطولات الدولية والمحلية، دون تشتيت للجهود بسبب أحداث جانبية من قبيل الاعتداءات أو محاولات السرقة. إذ باتت حماية اللاعبين وضمان شعورهم بالأمان داخل وخارج الملعب من الأولويات التي لا يحتمل النادي تهاونها، خصوصاً أن مثل هذه الحوادث قد تؤثر سلباً على الأداء والنفس المعنوي للاعبين.
خاتمة
إن محاولة اقتحام منزل فابيان رويز بعد الفوز التاريخي بدوري أبطال أوروبا تؤكد أن النجومية في كرة القدم قد تأتي بتبعات غير رياضية أحياناً، حيث تكون حياة اللاعب الخاصة عرضة للاعتداءات والاستهداف. ورغم ذلك، يظل رد الفعل الأمني السريع والتعاون مع السلطات المحلية والرغبة المشتركة في توفير بيئة آمنة للاعبين وأسرهم السبيل الأمثل لمواجهة هذه التحديات. باريس سان جيرمان أمامه مسؤولية مزدوجة؛ الحفاظ على الحصاد الكبير الذي تحقق بلقب الأبطال، والعمل في الوقت ذاته على حماية نجومه من الأخطار الأمنية المتزايدة، حتى تصل احتفالات الفوز إلى ذروتها دون تهديدات من خارج المستطيل الأخضر.
