شهدت مباراة الذهاب في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بين أرسنال وبايرن سان جيرمان على ملعب الإمارات هزيمة ثقيلة للمدفعجية بهدف وحيد، سجّله الفرنسي عثمان ديمبيلي في الدقيقة الرابعة بعد انطلاقة خاطفة. ورغم الأداء القوي أحياناً من لاعب الوسط الألماني جرانيت تشاكا والهجمات المتنوعة التي حاولها المهاجم هدسون-أودوي، باءت كل الفرص تقريباً بالفشل أمام صلابة دفاع الضيوف وحارسهم المخضرم جيانلويجي دوناروما.
نتائج الذهاب ومعطيات الإياب
انتهى اللقاء بنتيجة 1-0 لصالح باريس سان جيرمان، وهي نتيجة تبقي الباب مفتوحاً لريمونتادا تاريخية عند أرسنال في ملعب حديقة الأمراء يوم 7 مايو الجاري. وتعود أصداء ذلك اللقاء إلى أربعة أسابيع مضت؛ حيث بدا فريق المدرب ميكيل أرتيتا قادراً على فرض أسلوبه الهجومي منذ صافرة البداية، إلا أن الهدف المبكر كال رغبات جماهير “الغانرز” بإحياء حلم الوصول إلى نهائي سانتياجو بيرنابيو.
من الناحية الإحصائية، استحوذ أرسنال على الكرة بنسبة 58% مقابل 42% لبي إس جي، وصنع 12 فرصة، لكن الفعالية الهجومية غابت ويكفي أن نذكر أن الإنذارات العديدة التي نالها الدفاع اللندني أربكت التشكيل وقلّصت من خيارات أرتيتا التكتيكية، لا سيما مع غياب نونو تاڤاريس للإصابة، والذي يُعتبر أحد الخيارات الدفاعية الأساسية في الأجنحة.
الدروس من تجارب أياكس وتوتنهام

لا يزال التاريخ يذكر أن فريقين فقط نجحا في قلب تأخر ذهاب نصف النهائي على أرضه إلى تأهل إلى النهائي؛ أياكس أمستردام في موسم 1995/1996، وتوتنهام هوتسبر في نسخة 2018/2019. وفي الحالة الأولى، خسر أياكس أمام باناثينايكوس 0-1 ثم فاز إياباً 3-0 على الأراضي اليونانية، بينما تلقّى توتنهام هزيمة 0-1 أمام أياكس في لندن قبل أن يحقق ريمونتادا معادلة 3-2 في أمستردام بفضل ثلاثية لوكاس مورا التاريخية.
يُشار هنا إلى أن كلا المثالين يشتركان في عنصرين رئيسيين: استغلال الاندفاع الشديد في الذهاب لخطف هدف مبكر ثم التراجع تكتيكياً، ومنح الثقة الكاملة لخط الهجوم في مباراة الإياب. في حال نجح أرسنال في محاكاة تلك الوصفة، فقد يفاجئ أباطرة باريس ويعيد الحلم إلى ملعب فرنسا.
التحديات والأمل
يقف أرسنال أمام مجموعة من التحديات الكبيرة في مباراة العودة:
- الضغط الجماهيري: أكثر من 47 ألف متفرج سيرفعون سقف الصوت دعماً لبي إس جي في ملعب حديقة الأمراء، وهو ما يعني أن لاعبي أرسنال سيواجهون أجواءً معادية منذ الدقيقة الأولى.
- إيقاف ديمبيلي ومبابي: إن نجاح أرسنال في تحييد نجوم الهجوم الباريسي سيكون حاسماً، لأن أي هدف أول سيجعل المهمة شبه مستحيلة.
- الفعالية الهجومية: على الرغم من خلق الفرص في الذهاب، أخفق المدفعجية في ترجمتها إلى أهداف. تعزيز الكثافة الهجومية بإشراك مهاجمين أسرع وأوضح مثل جاريث بيل أو بوكايو ساكا والحفاظ على اللياقة البدنية حتى الدقائق الأخيرة سيدعمان رغبة الفريق في التسجيل المبكر.
مع ذلك، هناك عدة نقاط إيجابية تبث الأمل في نفوس جماهير “الغانرز”:
- ثقة أرتيتا الجماعية: أعلن المدرب البريطاني أكثر من مرة أن فريقه قادر على التعافي من الهزيمة الذكية، معتمداً على بروتوكول محدد يتضمن الضغط العالي والتمرير السريع في المساحات الفارغة خلف دفاع سان جيرمان.
- تاريخ مواجهات أوروبا: تفوق أرسنال على ميدان الفرق الفرنسية في عدة مناسبات في مسابقة الأندية الأعرق، ويملك سجلاً جيداً أمام باريسياً في البطولات القارية.
- التوافق الفني: نجح الثنائي أوباميانغ وساكا في قراءة تحركات بعض مدافعي بي إس جي خلال لقاء الذهاب، ما يتيح أرتيتا تعديل التكتيك وتحقيق مكاسب نسخية في الإياب.
سيناريوهات ممكنة

قبل انطلاق المباراة المقبلة، تتوزع التوقعات بين:
- ريمونتادا كبرى: بحضور جماهيري محترف وتنظيم تكتيكي مثالي، يمكن لأرسنال قلب الموقف وتسجيل هدفين على الأقل دون استقبال أهداف.
- تأهل باريس بالنتيجة نفسها: إذا تمكن أصحاب الأرض من الحفاظ على نظافة شباكهم أو إحراز هدف خارج ملعبهم، سيطيحون بطموحات الضيوف بكل سهولة.
- احتكام للأوقات الإضافية: سيناريو محتمل في حال نجح أرسنال في إدراك التعادل، خصوصاً إذا اعتمد أرتيتا على الدفع بلاعبي خبرة في الدقائق الأخيرة لمواجهة الإرهاق.
خاتمة
يبقى عشاق “الغانرز” على موعد مع قمة مثيرة في باريس يوم 7 مايو، حيث تعتمد فرص تأهل أرسنال إلى نهائي دوري الأبطال على مدى قدرته على استحضار الدروس التاريخية من أياكس وتوتنهام، فضلاً عن التفوق التكتيكي والذهني أمام نجمين من عالم الكرة مثل ديمبيلي ومبابي. وفي المقابل، يسعى باريس سان جيرمان إلى استخدام النتيجة الإيجابية من الذهاب والضغط الجماهيري لخطف بطاقة العبور إلى سانتياجو بيرنابيو. الأرجنتين صافية لرؤية من سيصنع الحدث!