القصة منذ بدايتها
يواصل الهلال صحوته الدفاعية في دوري روشن السعودي بعد تراجعه في الآونة الأخيرة، غير أن أنباءً صادمةً طالت صفوفه خلال الأيام الماضية، إذ أعلن نادي الفتح رسميًا عن إصابة لاعبه المعار من الهلال صهيب الزيد بقطعٍ كاملٍ في الرباط الصليبي للركبة، ما سيبعده عن الملاعب نحو ستة أشهر، ويؤجل عودته إلى القلعة الزرقاء إلى منتصف الموسم المقبل على أقل تقدير.
انطلق مشوار صهيب الزيد (20 عامًا) مع الهلال في صيف 2024، حين ارتقى إلى الفريق الأول عقب تألقه في الفئات السنية. ومع صعوبة حصوله على دقائقٍ احترافيةٍ في ظل تكتل نجوم خط الوسط، اتخذت الإدارة قرارًا بإعارته للعالمي الفتح حتى نهاية الموسم الجاري، لإكسابه خبرةً ميدانيةً، وفق خطةٍ تهدف إلى بناء جيلٍ شبابيٍ قادرٍ على الإسهام في مشروع الزعيم طويل الأمد.
رقمٌ لافتٌ أثناء الإعارة
خاض الزيد مع الفتح 29 مباراةً في الدوري السعودي، صنع خلالها ثلاثة أهدافٍ حاسمةٍ، وقدم أداءً لفت الأنظار بفضل سرعته ومهاراته الفنية في توسيع الملعب، ما جعل جماهير "النموذجي" تتغنى بخارطة مستقبله.
ولم تكن تلك الإحصائيات لتتم لولا ثقة مدرب الفتح في قدراته وقدرته على فرض نفسه أساسيا في تشكيلةٍ تنافس على الارتقاء لخط وسطٍ أصالابي.
الإصابة القاصمة

لكن فرحة الاستعداد للعودة إلى الهلال قبل أسابيعٍ قليلةٍ تحولت إلى مأساةٍ كرويةٍ، حين تعرض صهيب الزيد لإصابةٍ قويةٍ في الركبة خلال إحدى حصص التدريب الأسبوع الماضي، شرع على إثرها الأطباء بنادي الفتح في إجراء الفحوصات الطبية اللازمة.
وضع التقرير الطبي للاعب تثبت إصابته بقطعٍ كاملٍ في الرباط الصليبي إلى جانب تلفٍ طفيفٍ في الغضروف المفصلي، ما استوجب خضوعه لعملية جراحيةٍ خلال الأيام المقبلة، تليها فترة تأهيلٍ تمتد إلى ستة أشهرٍ قبل العودة للتدريبات والانخراط التدريجي مع المجموعة.
مدى التأثر بموقف الفتح
يأتي خبر إصابة الزيد في توقيتٍ حرجٍ لقافلة الفتح، التي تستعد لمواجهة الوحدة في الجولة الحادية والثلاثين من دوري روشن يوم 10 مايو الجاري.
ويقبع "النموذجي" في المركز الحادي عشر برصيد 33 نقطةٍ، متقدّمًا بنقطة واحدةٍ فقط عن الهلال الذي حلّ في المركز الثاني مؤقتًا برصيد 62 نقطةٍ قبل مواجهة الرائد.
ومن دون الزيد، سيفقد الفتح عنصرًا شبابيًا مهمًا في الجانبين الدفاعي والهجومي، ما سيدفع الجهاز الفني للبحث عن بدائلٍ داخليةٍ أو عن طريق اللاعبين المتاحين في الدكة.
مصير عودة الزيد إلى الهلال
بالنسبة للهلال، كان الزيد أحد الملفات المرشحة للمراجعة بعد نهاية الموسم، لاسيما وأنه ظهر بمعدلاتٍ مبشّرةٍ على مستوى التمرير وخلق الفرص، فحافظ على نسبة دقة تمريرٍ بلغت 82% ومعدّل مراوغات ناجحةٍ يصل إلى 55%، وفق إحصائيات “Opta”.
والآن، عقب إتمام عملية الرباط الصليبي وتأهيله، لن يكون مستعدًا للمشاركة قبل شهر ديسمبر 2025 على أبعد تقدير، أي في بداية الإعداد للموسم الجديد، فاتحًا بوابة مرحلةٍ شاقةٍ لإثبات أنه نجمٌ يستحق الثقة في قائمة الزعيم.
تداعيات فنية وإدارية

رغم أن الهلال في صدد الاستعداد لمباراة الرائد ضمن الجولة الثلاثين، ولديه أول مباراةٍ تحت قيادة الأسطورة محمد الشلهوب بعد إقالة جورج جيسوس، فإن غياب الزيد لن يشكل فراغًا كبيرًا لتركة الدماء الشابة داخل الفريق.
فالإدارة اعتادت على تفعيل سياسة الاستقدامات الذكية والبحث عن التوازن بين الخبرة والشباب.
مع ذلك، قد يدفع الجهاز الفني إلى إضافة خيارٍ شبابيٍ آخرٍ من الهلال أو الإستعانة بلاعبٍ مؤقتٍ عبر سوق الانتقالات الصيفية قبل كأس العالم للأندية في يونيو 2025.
دروسٌ مستفادةٌ من تجربة الإعارة
قدّمت تجربة الزيد مع الفتح نموذجًا يستحق الإشادة، وقد تبين أنها من أفضل طرق اكتساب الخبرة التي تطبقها الأندية الكبرى.
فقد استطاع اللاعب تجاوز مرحلة "قلة اللعب" لدى عودته من الإصابة في أبريل 2023، واستعاد توازنه الفني سريعًا، ما يؤكد أن الإعارات تساعد اللاعبين الشباب على تصريف العقدة أمام ضغط المباريات والتأقلم مع أجواء المنافسة القوية.
خاتمة: بصيص أملٍ نحو التعافي
يبقى صهيب الزيد واحدًا من أهم المواهب الشابة في المملكة، ورغم الضربة القاسية للإصابة في الرباط الصليبي، إلا أن عزيمته على العودة أكثر قوةً مع دعم الهلال والفتح عائليًا وفنيًا.
وقد أثبتت حالات مشابهةٌ في الدوريات الكبرى – مثل عودة المخضرم فيا إلى الملاعب بعد إصابةٍ مماثلةٍ – أن لاعبي الوسط يمكنهم العودة بأداءٍ أفضل بعد التأهيل الصحيح.
ومع بداية برنامج التأهيل المتخصص في جدة، ستكون عيون الجماهير الهلالية والفتحاوية شاخصةً على رحلة التعافي التي يأمل الجميع أن تنتهي بعودته للملعب وهو أكثر نضجًا وتحكّمًا فنيًا.