المفاجأة التاريخية في ويمبلي
في الثالث عشر من مايو الجاري، قلب كريستال بالاس موازين القوى في معقل ويمبلي، ونجح في هزيمة حامل اللقب 1-0 بهدف قاتل سجّله ويلي هيندرسون في الشوط الثاني.
لم تكن هذه النتيجة مجرد فوزٍ عابر، بل هي تتويج استثنائي لأول لقب لكريستال بالاس في “الكأس العريقة”، بعد صيامٍ طويل عن الألقاب امتدّ لأكثر من 110 سنوات!
تحذير جلاسنر لبيب… كيف جرى؟
قبل نحو شهر من النهائي، تحديدًا في الثاني عشر من أبريل، واجه الفريقان بعضهما في مباراة مثيرة بالدوري الإنجليزي. سيطر مانشستر سيتي على النتيجة لوقت طويل، لكن بالاس تقدّم بهدفين دون رد قبل أن يعكس السيتي الطاولة ويقلبها بنتيجة (5-2).
فور انتهاء المباراة، اقترب جلاسنر من بيب جوارديولا وأخبره بحزم:
“إذا اجتمعنا مجددًا في مباراة حاسمة، لا يمكنك استخدام نفس الأسلوب… سنجد له الحل”
هذه العبارة البسيطة احتوت على رسالة استراتيجية مدروسة ومحفوفة بالتحدي، وكأن جلاسنر أعلن للجميع أنه يملك "مفتاح استخلاص نقاط ضعف" أسلوب جوارديولا، وأنه مستعدّ لتطبيقه في أحلك الظروف.
احتفال بالاس يستعيد الكلمة وينشرها

لم تمضِ ساعات على تسلم كريستال بالاس الكأس حتى عاد إلى منصة “إكس” (تويتر سابقًا) ليضع مقطع الفيديو القصير لتحذير جلاسنر وينشر تعليقًا مقتضبًا لكنه مدوّي:
“قلناها لكم”
بهذه الرسالة المختصرة، استطاع حساب النادي أن يذكّر الجميع بأن الفوز لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة تخطيط ذكي وشفافية في مواجهة استهتار المنافس.
جابرة الخواطر وتحليلات ما بعد المباراة
بعد انتهاء اللقاء، غصّت المنتديات الرياضية بتحليلات التكتيك الذي وظفه جلاسنر. أبرز النقاط التي ذُكرت:
- إغلاق المساحات أمام ثنائي السيتي: ركّز بالاس على الحدّ من خطورة كيفين دي بروين وإيرلينغ هالاند من خلال إسناد أدوار مزدوجة للظهيرين.
- الضغط العالي والمنظم: تكرر الركض الجماعي نحو حامل الكرة، ما حرمه السيتي من بناء هجمات منظمة عبر التمرير القصير.
- الاستفادة من العمق الدفاعي: تحوّل فريق “النسر” إلى كتل الدفاع المترابطة مع الهجوم المرتد السريع، فصنع هيندرسون هدف الانتصار المستحق.
من جانبه، اعترف جوارديولا في المؤتمر الصحفي بعد المباراة بأن فريقه لم ينجح في قراءة منافسه ولم يتحكّم في إيقاع اللقاء، مؤكدًا أن كرة القدم:
“لعبة لها قواعدها الخاصة، وفقدنا الرهان التكتيكي.”
ردود فعل المشاركين والجماهير

- صحفي رياضي: “لم تكن مجرد مباراة، بل درسٌ تكتيكي في كرة القدم الحديثة، وأوليفر جلاسنر خرج منها كمن يوزّع شهادات الاستحقاق على كل المدربين.”
- معلق تلفزيوني: “السيتي تراخى في التمرير، ولم يقرأ الخطأ الأولي الذي دفعه للانسياق إليه، فكانت النهاية مأساوية.”
- على مواقع التواصل: ظهر وسم #تحذير_جلاسنر يتصدّر التريند لعدة ساعات، حيث انقسم الجمهور بين من أشار إلى أنها “صفعة طيبة” للسيرك الكرواتي في مانشستر، ومن رأى أنها “مفاجأة كبيرة” للعالم كله.
مستقبل مانشستر سيتي بعد الفشل
يستعد مانشستر سيتي للعودة سريعًا إلى أجواء الدوري الإنجليزي، مع مباراتين مهمتين أمام بورنموث ثم فولهام خلال الأسبوع الحالي، محاولًا استعجال تصحيح الأوضاع قبل الانطلاق في مشوار “كأس العالم للأندية” المقرر في يونيو القادم في الولايات المتحدة.
ويبدو أن فرص جوارديولا ستُقاس خلال الأيام القادمة بمدى قدرته على إعادة الروح القتالية للاعبيه وتقديم ردٍّ حاسم على الضربة المالية التكتيكية التي وجّهها له أوليفر جلاسنر.
خلاصة الحدث وأبعاد الدرس التكتيكي
ما حدث في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي لم يكن مجرّد فوزٍ مفاجئ، بل محطة مفصلية في سجل المواجهات التكتيكية بين المدربين الكبار.
رسالة جلاسنر التي سبقت الحدث بثلاثة أسابيع كانت كافية لصنع الفارق، وتحويل مباراة في ويمبلي إلى صفحة من صفحات التاريخ التي ستُروى لأجيال قادمة، كدرسٍ حيّ يثبت أن كرة القدم ليست فقط مهارات فردية، بل عقلية جماعية وخطط مدروسة.
ومن يدري… ربما يستعيد جوارديولا بعض الألقاب، لكن الدرس المُرّ الذي تلقاه أمام “نسر لندن” سيبقى محفورًا في ذاكرة كل محبٍّ للعبة الجميلة.