تسلسل الأحداث وتوقيت التحرك
بعد موافقة سيموني إنزاجي على العرض المغري من نادي الهلال السعودي والرغبة القوية من الإدارة السعودية في ضم المدرب الإيطالي الذي سبق له قيادة لاتسيو وإنتر وروما وإيطاليا، وجد نادي إنتر نفسه في موقف اضطراري.
فقد كان عليهم التحرك بسرعة بحثاً عن بديل يليق بسمعة الفريق العريق ويضمن الحفاظ على لقب الدوري الإيطالي والخروج بأداء قوي في منافسات القارة العجوز وكأس إيطاليا وكأس العالم للأندية.
هنا دخلت الصفقة المرتقبة لمورينيو حيز التنفيذ إذ تم الاتصال به بشكل مفاجئ واقتراح توليه المسؤولية الفنية للمرة الثانية في موطنه السابق، على الرغم من ارتباطه بعقد طويل الأمد مع نادي فنربخشه التركي يمتد حتى العام 2026 براتب سنوي يصل إلى 6 ملايين يورو.
هذه المطالب المالية كانت العقبة الأبرز أمام إنتر لاسيما مع التداعيات الاقتصادية التي عانت منها الأندية الأوروبية في الآونة الأخيرة، لكنهم لم يتخلوا بسهولة عن فكرة إرجاع "الرجل الذهبي" إلى ملعب سان سيرو.
المطالب المالية وحتمية البحث عن بديل
وضح إصرار إدارة إنتر على محاولة استقطاب مورينيو أنها رغبت في إعادة الروح القديمة للفريق الذي قاده إلى كأس العالم للأندية والدوري الإيطالي وكأس إيطاليا في موسم واحد.
إلا أن قيمة الشرط الجزائي في عقده مع فنربخشه كان عائقًا حقيقيًا، فلا يمكن تجاهل خروج مورينيو من قلعة النادي التركي إلا بعد دفع تعويضات ضخمة أو تفاوض صعب لأجل إلغاء العقد.
وبحسب ما أوردت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، فإن راتب مورينيو السنوي يوازي أكثر من ضعف ما يمكن للنادي إنفاقه حالياً على مدرب شاب في بداية المشوار التدريبي، وهو ما دفع إدارة إنتر للتراجع عن فكرة جلبه بشكل رسمي.
حسم الخيار بالتعاقد مع تشيفو

في ظل إصرار فنربخشه على الحفاظ على مدربه التاريخي وعدم التخلي عنه بسهولة، قرر نادي إنتر إغلاق صفحة مفاوضات مورينيو والانتقال سريعًا لخيار آخر أقل كلفة وأكثر استثمارًا على المدى البعيد، وهو والتر ساباتيانو تشيفو.
ويعد تشيفو أحد أبناء أكاديمية إنتر التي قدمت الأسماء الكبيرة التي قادت الفريق لتحقيق الأمجاد في حقبة مورينيو الذهبية.
فقد كان تشيفو جزءًا لا يتجزأ من التشكيلة الأساسية لقميص النادي الإيطالي ذلك الموسم الذي وضع بصمته على القميص الأزرق والأسود، قبل أن ينتقل للعب في فرق أخرى مثل لاتسيو وبارما ثم يعتزل كرة القدم باتجاه التدريب.
التعاقد مع تشيفو يستمر لموسمين مقبلين، حيث سيحظى بدعم كبير من الإدارة التي تريد إحداث توازن بين رفع سقف التطلعات وجلب وجوه تربطها علاقات تاريخية بالنادي وتمنحه جرعة حماس جديدة.
التحديات المقبلة وآفاق كأس العالم للأندية
مع دخول تشيفو إلى منصبه التدريبي رسميًا، يتعين عليه ظروفًا استثنائية، ففي البداية سوف يقود تحضيرات إنتر لخوض غمار بطولة كأس العالم للأندية التي لا تقل أهميتها عن المنافسات الأوروبية، إذ تنتظر الفريق مهمة صعبة نظرًا لصعوبة المنافسين الحاضرين عادة مثل أبطال أمريكا الجنوبية وأندية أبطال آسيا وأفريقيا.
ويتطلع جمهور سان سيرو إلى مشاهدة فريق متوازن في خط الدفاع والوسط والهجوم، وقد اعتاد الجمهور هذا النوع من الأداء في عهد مورينيو الذي كان دائم التنويع في التكتيك.
حالياً يقع العبء على تشيفو لإثبات قدرته على الحفاظ على لقب السيري آ الذي حققه الموسم الماضي للمرة الأولى منذ سنوات، إلى جانب إحراز كأس إيطاليا، وإن كانت الأولوية ملقاة الآن على فرض شخصية قوية تظهر صلابة إنتر في البطولات الخارجية.
ردود فعل الجماهير والإعلام

تباينت الآراء بين جماهير النيراتزوري؛ حيث كانت هناك شريحة تتمنى عودة مورينيو بسبب إنجازاته الضخمة مع النادي وحضوره الإعلامي القوي عالميًا، بينما اعتبر آخرون أن التعاقد مع تشيفو يعكس عقلانية في مواجهة الأزمات المالية الحالية والاستثمار في مدرب شاب ينبع من رحم النادي ويعرف تفاصيل البيئة المحيطة بالفريق جيدًا.
أما وسائل الإعلام الرياضية العالمية ومنصات التواصل الاجتماعي فقد اهتمت بتسليط الضوء على الأسلوب الذي تعاملت به إدارة إنتر مع رحيل إنزاجي السريع، وخاصة قدرة الفريق على إيجاد حلول داخلية دون التسرع في الصفقات الكبرى غير المضمونة في ظل منافسة شرسة من فرق مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان وريال مدريد في سوق المدربين.
خلاصة ورؤية مستقبلية
يبقى قرار إنتر بالتعاقد مع تشيفو أمرًا استراتيجيًا يسعى لتعزيز توازن الفريق بين تجربة مورينيو الرائدة وعقلانية الاستفادة من الموارد المالية المتاحة.
ومع دخول المدرب المنافسة العالمية للمرة الأولى كمدرب موظف في أحد أندية النخبة، ستتجه الأنظار صوبه لمعرفة مدى قدرته على المنافسة في المسابقات المحلية والقارية.
أما هوى أسرار محاولات جلب مورينيو وفتح مفاوضات علنية معه، فستظل مادة دسمة للحديث الإعلامي وجمهور كرة القدم في إيطاليا والعالم بأسره لعدة أشهر، خاصة مع اقتراب انطلاق الموسم والاستحقاقات القارية مثل دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية التي تضيف نكهتها الخاصة إلى سجل إنجازات النادي التي لا تزال تبحث عن مزيد من الأمجاد لكتابة فصل جديد في كتاب تاريخ إنتر ميلان.