بداية التقارب ورغبة الأهلي في ضم إنزاجي
بعد صعود الأهلي من دوري الدرجة الأولى إلى دوري المحترفين السعودي، شرعت إدارة النادي في البحث عن مدرب جديد قادر على قيادة الفريق إلى منصات التتويج المحلية والقارية.
فوقع الاختيار بصورة أولية على المدرب الإيطالي سيموني إنزاجي الذي حقق نجاحات لافتة مع لاتسيو وإنتر ميلان، فضلاً عن تجربته المعتبرة في الكالتشيو.
وانطلق التفاوض بين الطرفين خلال معسكر إعداد الفريق في النمسا قبل انطلاق الموسم الماضي (2023–2024) حيث عرض مسؤولو الأهلي على إنزاجي عقدًا سنويًا بقيمة 8 ملايين يورو مقابل قيادته للفريق وقيادة طموحات "الراقي" في المنافسات القادمة.
ووفقًا للمريسل لم يكن هناك خلاف حول الراتب وطبيعة العقد كون إنزاجي يفرض وجود بند خاص يمكنه من تطبيق فلسفة اللعب التي يعتمدها في أوروبا مباشرة، قبل مواجهة الواقع السعودي الصعب تقنيًا وإداريًا.
خطة إنزاجي الثلاثية وتأثيرها على البدائل الدفاعية
اشتهر سيموني إنزاجي في الفترات الأخيرة بخيار تكتيكي واضح يعتمد على ثلاثة قلب دفاع وثنائي جناح ينطلق إلى العمق، وهو الأسلوب الذي ثبت نجاحه مع نادي إنتر ميلان خلال منافسات دوري أبطال أوروبا موسم 2024–2025 حتى بلوغ النهائي.
لكنه اصطدم بحاجز صعوبة تطبيقه في ملاعب الدوري السعودي، حيث يختلف نسق المباريات وسرعة المنافسين عن الدوري الإيطالي.
وتتمثل الخلاف الرئيسي في رفض الأهلي عدم تأقلم لاعبي الفريق الحاليين مع منظومة الثلاثة المدافعين بجانب صعوبة جلب لاعبين متخصصين جدد لتطبيق هذا الأسلوب سريعًا، بينما كان إنزاجي متمسكًا بفقرته الدفاعية على الرغم من الشروط المالية الجذابة.
وبحسب ما أشار المريسل فإن المسؤولين الأهلاويين رأوا أن اعتماد إنزاجي على هذا التشكيل سيلغي المزايا المتوفرة لديهم في الخلفية الدفاعية، كما أن الأندية المنافسة لن ترحم أي تردد في تطبيق الخطة حتى تتأكد من نقاط الضعف الجديدة.
تراجع الأهلي وظهور اسمه إلى جانب ماتياس يييسله

بعد أن قارب الأهلي على حسم التعاقد مع إنزاجي باتفاق شفهي وتوقيع جزئي، تعثّر الأمر أخيرًا في اللحظات الأخيرة، فجاء قرار إدارة النادي بالتراجع عن الصفقة لأجل إعادة النظر في القدرات البشرية المتوافرة وحجم الاستثمار المدروس في مشروع الموسم المقبل.
وبعد أسبوع واحد فقط على رفض إنزاجي، وجّه الأهلي جهوده إلى المدرب الأرجنتيني الشاب ماتياس يييسله الذي سبق له إنجازات بجلب نتائج مبهرة في الأندية التي دربها سابقًا.
وبقرار تعيين يييسله ارتاح جمهور الأهلي جزئيًا إلى وجود مدرب يعيد بناء صفوف الفريق تدريجيًا دون تغييرات جذرية في الأسلوب أو الحاجة لجلب عناصر جديدة بكثافة، إذ من المتوقع أن يتعامل يييسله في البداية مع لاعبي الموسم الماضي ويشكل لهم خطة مرنة تجمع بين منظومة دفاعية رباعية وخيارات هجومية متنوعة.
صدمة الأهلاويين وحالة الحماس لدى الهلال
رغم أن رفض الأهلي للتعاقد مع إنزاجي جاء لأسباب فنية بحتة بخصوص خطة اللعب، فإن الجماهير الأهلاوية غمرتها حالة من الدهشة والغضب عندما أعلنت وسائل إعلام سعودية رسميًا تعاقد نادي الهلال مع المدرب الإيطالي بمجرد رحيل إنزاجي عن مفاوضات الراقي.
وكتب المريسل آنذاك: “بعد الرفض بأسبوع تم التوقيع مع المدرب ماتياس يييسله”، فيما شهدت منصات التواصل الاجتماعي تباينًا في وجهات النظر بين من اعتبر أن الأهلي اتخذ قرارًا صائبًا بحماية جدار دفاعه ومنع تطبيق خطة صعبة بسرعة، وبين من رأى أن الرفض ضيع فرصة تاريخية لجلب مدرب أوروبي له بصماته المميزة.
وعلى الناحية الأخرى، استقبل أنصار الهلال نبأ انضمام إنزاجي بفرحة عارمة كونهم يرون فيه خيارًا استراتيجيًا قد يقود الفريق للتتويج بلقب دوري أبطال آسيا والتألق في كأس العالم للأندية، خصوصًا مع وجود عناصر هجومية بارزة جاهزة لتنفيذ فلسفة المدرب الإيطالي.
انعكاسات القرار على المنافسة المحلية والقارية

من الواضح أن رفض الأهلي التعاقد مع إنزاجي قلب موازين الصراع في الكرة السعودية، إذ من المتوقع أن يستفيد الهلال من خبرة المدرب في المنافسات القارية، بينما يواجه الأهلي تحدي الحفاظ على مكانته ضمن الأربعة الكبار على الأقل وتقديم عروض جيدة في دوري أبطال آسيا.
ويرى محللون رياضيون أن خيار يييسله معتمد على تطوير قدرات اللاعبين المحليين وتوظيف مجموعة محدودة من المحترفين الأجانب بما يتلاءم مع ميزانية النادي؛ الأمر الذي قد يصعب عليه المنافسة مع أندية مثل الهلال والنصر والاتحاد الذين يستفيدون من دفعات مالية أكبر وتعاقدات كبرى مع مدربين عالميين ولاعبين دوليين.
وبذلك أصبح الموسم المقبل صراعًا تكتيكيًا بين المدربين الذين يواجهون تحدي تحقيق نتائج فورية وإرضاء الجماهير بينما يديرون ملفات كبيرة متعلقة ببناء الفريق من الأساس.
هل كانت خطوة الأهلي صائبة أم فرصته ضاعت؟
يبقى السؤال الأهم لدى المتابعين: هل تحوّل هذا الرفض إلى فرصة ضاعت أم كانت خطوة احترازية حكيمة؟
يعتقد البعض أن تأجيل تنفيذ خطة إنزاجي كان ضروريًا لأن البيئة المحلية تحتاج لفترة إعداد أطول للمفاهيم التكتيكية المعقدة، بينما يرجح آخرون أن الاستفادة من خبرة المدرب الإيطالي كان سيفتح مصادر جذب قوية للاعبين كبار ويعطي الأهلي دفعة معنوية هائلة.
وبعد أقل من ستة أشهر من مغادرة إنزاجي لمفاوضات الراقي، بات فريق الهلال يهيمن على الساحة السعودية آسيوياً ومدافعًا عن لقبه محليًا، في حين يسعى الأهلي للحفاظ على استقرار فني وسط ضغوط الجماهير وتوقعات كبيرة بموسم فاخر يجمع بين متعة الأداء وتحقيق البطولات.
خلاصة القول
أورد الإعلامي عبد العزيز المريسل تفاصيل مثيرة حول أسباب رفض الأهلي للتعاقد مع سيموني إنزاجي قبل موسم 2024–2025، حيث ارتبط قرار التراجع بالصعوبة في تطبيق خطة اللعب بثلاثة قلب دفاع في ظل التركيبة الحالية للفريق، بالإضافة إلى الرغبة في تجنب تكاليف ضخمة ومتطلبات فنية معقدة.
وتبع هذا الرفض توقيع الأهلي مع ماتياس يييسله الذي انطلق مع الفريق مؤخراً في بناء مشروع جديد قد يختلف في الأسلوب والأهداف.
ومع انتقال إنزاجي إلى الهلال، دخل الموسم المقبل في السعودية بمنحى تنافسي مشتعِل، لا سيما بعد أن تجاذبت الصحافة الجماهيرية ردود أفعال حول من استفاد فعليًا من هذه الصفقة ومن تراجع عنها، لتبقى كواليس الصفقة وتداعياتها مادة دسمة للنقاش في أوساط الكرة الخليجية والعربية.