تُعد علاقة ليونيل ميسي وكيليان مبابي في باريس سان جيرمان إحدى أكثر الثنائيات الهجومية التي أُثِير حولها الجدل في السنوات الأخيرة. ورغم النجاح الكبير الذي حققه الثنائي معًا، إلا أن ميسي كان له تأثير غير مباشر على أسلوب لعب مبابي، وهو تأثير يبدو أنه أضر بالنجم الفرنسي في تجربته مع ريال مدريد، وجعل أدائه في السنوات الأخيرة أقل إشراقًا مما كان عليه في بداياته.
تحول أسلوب مبابي الهجومي بسبب ميسي
قبل انضمام ميسي إلى باريس سان جيرمان، كان كيليان مبابي يُعرف بمهاراته الفردية العالية، وبقدرته الفائقة على المراوغة والتسديد من مسافات بعيدة، مما جعله أحد أبرز المهاجمين في العالم. لكن مع وجود ميسي في الفريق، بدأ مبابي في التحول تدريجيًا إلى “الهداف” الذي يعتمد على الفرص التي يُقدمها له ميسي بدلاً من ابتكار الفرص بنفسه.
مقطع فيديو مدته 13 دقيقة، يضم حوالي 100 فرصة صنعها ميسي لصالح مبابي، يُظهر بوضوح كيف أن النجم الأرجنتيني أصبح المصدر الرئيسي لفرص مبابي التهديفية. وفي حين سجل مبابي 20 هدفًا صنعها له ميسي، يبرز الفيديو كيف أصبح مبابي أكثر اعتمادًا على تمريرات ميسي في إنهاء الهجمات، بدلًا من إبداعه الفردي الذي كان معروفًا به في السابق.
الاعتماد على الآخرين وتأثيره في منتخب فرنسا وريال مدريد
هذه التبعية الواضحة لميسي في بناء الهجمات كان لها تأثير كبير على مبابي في فترة لاحقة، سواء على مستوى منتخب فرنسا أو مع ريال مدريد. ففي منتخب بلاده، بدأ مبابي يعاني من قلة الفرص السهلة التي كان يحصل عليها من ميسي، مما أثر على مستواه بشكل عام. وفي ريال مدريد، حيث انتقل الصيف الماضي، وجد مبابي نفسه في وضع مشابه، إذ لم يتوافر له نفس الدعم الهجومي الذي كان يحصل عليه في باريس سان جيرمان.
في مدريد، لم يُظهر مبابي نفس التفاهم الفوري مع زملائه، خاصة في ظل تغيُّر أسلوب لعب الفريق مقارنة بما كان يعيشه في باريس. على الرغم من أن التوقعات كانت تشير إلى أن مبابي سيصبح النجم الأول في الفريق، إلا أن الأداء الجماعي لم يكن في مستوى الطموحات، مما جعله يبدو أقل بروزًا مقارنة بما كان عليه في أوقات سابقة.
أهداف مبابي في ريال مدريد: دليل على التراجع
يمكن النظر إلى أهداف مبابي مع ريال مدريد في الموسم الحالي كدليل على هذا التحول في أسلوبه. معظم أهدافه جاءت من ركلات جزاء أو كرات سهلة داخل منطقة الجزاء، مما يشير إلى انخفاض في إبداعه الفردي. نادرًا ما نشاهد مبابي يخترق الدفاعات أو يسجل أهدافًا من مسافات بعيدة كما كان يفعل في الماضي، مما يعطي انطباعًا بأنه أصبح يعتمد على الحلول الأسهل والأكثر أمانًا. هذه التحولات تجعلنا نتساءل إذا ما كان قد فقد جزءًا من ثقته في مهاراته الفردية التي كانت تميز بداياته، ويُفضل الآن الحلول الجاهزة.
هل أصبح مبابي أقل اجتهادًا؟
بالإضافة إلى ما سبق، يرى بعض النقاد أن وجود ميسي بجانب مبابي قد يكون قد جعله “أكثر كسلاً”. فمع ميسي الذي يُعتبر المُصنع الرئيسي للهجمات، كان مبابي أقل ضرورة في بذل الجهد لصناعة الفرص أو خلق التمريرات الحاسمة. هذا الاعتماد على ميسي في الجانب الإبداعي قد أدى إلى تراجع مستواه البدني والفني، بل وأدى إلى أن يصبح أكثر ميلًا للاستفادة من الفرص التي تُصنع له بدلاً من أن يكون هو من يصنع الفارق.
مبابي بحاجة لإعادة اكتشاف نفسه
مع مرور الوقت، أصبح من الواضح أن مبابي في حاجة ماسة لإعادة اكتشاف نفسه كلاعب كرة قدم متكامل. وإذا أراد العودة إلى مستواه السابق والظهور بنفس القوة التي كان عليها في بداية مسيرته، يتعين عليه إعادة بناء ثقته في قدراته الفردية والتخلي عن الاعتماد الكبير على زملائه في إتمام الهجمات. عليه أن يواجه تحدي القيادة الفردية مجددًا، سواء في منتخب فرنسا أو مع ريال مدريد.
خاتمة: ميسي ومبابي في السياق العام
في النهاية، كان ليو ميسي له تأثير كبير على أسلوب لعب مبابي في فترة تواجدهما معًا في باريس سان جيرمان، لكن هذا التأثير كان له نتائج سلبية على مستقبله كأحد أفضل المهاجمين في العالم. التحول من لاعب يعتمد على نفسه في صناعة الفرص والتسجيل إلى مجرد مُنهي للهجمات قد أفقده جزءًا من بريقه السابق. في ريال مدريد، حيث لم يحصل على نفس الفرص التي كانت تُصنع له من قبل، أصبح مبابي يواجه تحديات حقيقية في استعادة مستواه السابق، وعليه أن يتعلم من هذه التجربة ويعود إلى الأسلوب الذي كان يجعله أحد أفضل اللاعبين في العالم.