في خطوة دراماتيكية جمعت بين السياسة الكروية والدبلوماسية الرياضية توجّه رئيس نادي برشلونة جوان لابورتا إلى مدينة ميونخ الألمانية ليس لحضور نهائي دوري الأمم الأوروبية فحسب بل لإجراء محادثات حاسمة مع ألكسندر تشيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بهدف تفادي عقوبات قد تهدد استقرار النادي ومستقبله المالي
في خطوة دراماتيكية جمعت بين السياسة الكروية والدبلوماسية، توجه رئيس نادي برشلونة جوان لابورتا إلى مدينة ميونخ الألمانية ليس لحضور نهائي دوري الأمم الأوروبية فحسب، بل لإجراء محادثات حاسمة مع ألكسندر تشيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بهدف تفادي عقوبات قد تهدد استقرار النادي ومستقبله المالي.
لقاء حاسم خلف الأبواب المغلقة
شرح طبيعة الإيرادات غير التقليدية
خلف الأبواب المغلقة التقى لابورتا بتشيفرين مبينًا طبيعة الاختلاف في تقييم مصادر الدخل التي اعتمدها برشلونة أخيراً، والتي اعتبرتها لجنة الاستدامة المالية في الاتحاد الأوروبي "مناورات رافعة" وليست إيرادات اعتيادية قابلة للاعتماد ضمن معايير اللعب المالي النظيف الجديدة. إذ يرفض الاتحاد تسجيل عائدات بيع حقوق البث المستقبلية وأصول أخرى كدخل تقليدي، معتبرًا هذه الخطوات خارجة عن ضوابط الشفافية المالية.
عقوبات محتملة تهدد النادي
غرامات أو منع تسجيل لاعبين
سبق وأن غرم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم برشلونة نصف مليون يورو نتيجة انتهاك سابق لقواعد الاستدامة المالية، فيما يلوح حالياً بعقوبات أشد قد تصل إلى حجز أموال أو منع تسجيل لاعبين أو حرمان من البطولات الأوروبية في حال تثبيت المخالفات، وهو ما دفع لابورتا إلى استغلال كل فرصة لتوضيح المعايير المتباينة بين الاتحاد الإسباني الذي أقر هذه الأساليب وبين الاتحاد القاري صاحب الكلمة الفصل في المسابقات القارية.
عرض تفصيلي للآلية المالية
استراتيجية "سحب الملكية"
وبحسب تقرير نشرته صحيفة ماركا الإسبانية، فقد استعرض لابورتا أمام تشيفرين ملفًا مفصلاً يشرح فيه كيفية استخلاص برشلونة لإيرادات ضخمة عبر آليات تمويل مبتكرة استخدمت للتعاقد مع نجوم من طراز روبرت ليفاندوفسكي وجول كوندي رغم الضغوط المالية الناجمة عن تداعيات جائحة كورونا والعجز المتزايد في الميزانية. وهو عرض يفصل الآليات التي سميت "سحب النفوذ والملكية"، والتي تعتمد على بيع حقوق مستقبلية مقابل تمويل فوري.
التأكيد على التزام طويل الأمد
التوازن المالي هدف مشترك
وحاول رئيس برشلونة خلال اللقاء عرض بدائل تظهر النادي بصفته ملتزماً بتحقيق التوازن بين الإنفاق والإيرادات على المدى الطويل، وهو الهدف المركزي للوائح الاستدامة المالية الجديدة التي ألغت قواعد اللعب المالي النظيف القديمة التي كانت تُنتقد لضعف آليات الرقابة وثغراتها القانونية. ويُنتظر أن يصدر قرار اللجنة المختصة في الاتحاد الأوروبي قبل انطلاق مباريات دوري أبطال أوروبا للموسم المقبل حتى يحدد النادي مصيره في سوق الانتقالات وقدرته على تسديد مستحقات الصفقات الحالية والمقبلة.
الإصلاحات الداخلية ضمن النقاش
تعزيز الشفافية وإعادة الهيكلة
وأوضح مقربون من لابورتا أن الاجتماع لم يقتصر على تكييف المفاهيم المالية فقط، بل شمل عرض خطة إصلاحات تعزيزية لإدارة الموارد تضم إجراءات جديدة لزيادة الشفافية والتقليل من الاعتماد على التمويل بآليات "رافعة"، فيما يعمل الجهاز القانوني في برشلونة على تجهيز دفاتر حسابية وتقارير مالية معدّة بدقة لمحاكاة التأثير الإيجابي لهذه الإصلاحات على الوضع المالي والنادي.
أزمة مالية أوروبية مستمرة
برشلونة في قلب الجدل المالي
ولا تنفصل أهمية زيارة لابورتا عن السياق الأوسع لأزمة الدخل في كرة القدم الأوروبية التي زادت حدّتها بعد توقف الأنشطة الرياضية وتأجيل المباريات وقلة الحركة في سوق الانتقالات، والتي أظهرت هشاشة أندية كبرى في احتواء الصدمات الاقتصادية. وعلى الرغم من ذلك، صمد برشلونة نسبياً بفضل سعة قاعدته الجماهيرية وعقود رعاية ضخمة، رغم المخاوف المستمرة من تراجع العائدات التلفزيونية.
اختبار حقيقي لدور لابورتا
مرونة الاتحاد الأوروبي في الميزان
ويواجه النادي اختباراً عملياً لحجم التزامات الاتحاد الأوروبي بالمرونة في تطبيق اللوائح المالية في ضوء الظروف الاستثنائية التي مرّت بها الأندية الأوروبية، كما أنه اختبار لنجاعة استراتيجيات لابورتا في الدفاع عن مصالح النادي وحمايته من عقوبات قد تؤثر على قدرته في المنافسة مع أندية تمتلك ميزانيات متقاربة وتنافسية عالية في سوق الانتقالات.
ردود فعل الجماهير وانتظارات مستقبلية
الجماهير تأمل في تخفيف العقوبات
أما على مستوى الجماهير، فقد استقبلت الأنباء بارتياح نسبي، آملين أن يكلل اللقاء بنتائج إيجابية تحافظ على حق برشلونة في استكمال بناء فريق قوي دون قيود قارية. كما يأمل المشجعون أن يتحول هذا الملف إلى فرصة حقيقية لتطوير هيكلة النادي المالية والانتقال من الاعتماد على حلول مؤقتة إلى تبني خطة طويلة الأمد تضمن الاستقرار المالي قبل الرياضي.
التحدي مستمر: كيف سيتعامل برشلونة؟
الدبلوماسية الرياضية طريق الحل
بينما ينتظر الرأي العام الكروي قرار الاتحاد القاري النهائي، تبقى الأنظار موجهة إلى برشلونة وكيفية تجاوزه لهذه المحنة المالية عبر دبلوماسية رياضية تنتهي بإعفاء النادي من أقسى العقوبات أو تخفيفها بدرجة تسمح له بدخول الموسم المقبل بطموحات واضحة وأهداف كبرى على الصعيد الأوروبي والمحلي دون أن تخنقه قيود اللعب المالي التي أصابت عدداً من الأندية بجمود كامل في سوق الانتقالات.
ختامًا: رسالة تحذير للأندية الأوروبية
قواعد الإنفاق أصبحت أكثر صرامة
في نهاية المطاف، تبرز زيارة لابورتا إلى ميونخ كرسالة تحذير واضحة لمسيري الأندية الأوروبية بأن قواعد الإنفاق أصبحت أكثر صرامة، وأن الحاجة لابتكار حلول مستدامة باتت شرطاً لا مفر منه للبقاء في صدارة المنافسة القارية. أما برشلونة، فيسعى لاستثمار هذه الجولة الدبلوماسية في إعادة صياغة علاقته مع الاتحاد الأوروبي وتثبيت موقعه كقطب مالي ورياضي قادر على التكيف والتجديد في ظل التحديات الراهنة.
