645 يومًا في زنزانةٍ باردةٍ دون ذنبٍ
تعود جذور الأزمة إلى قرار المحكمة الوطنية إحالة روسيل وجوان بيسولي إلى السجن الاحتياطي بتهم غسيل أموالٍ وفسادٍ مالي، لكن النيابة العامة والمحكمة العليا البرتغالية أنهت تلك الاتهامات لاحقًا ببراءةٍ تامةٍ. يقول روسيل بصوتٍ متهدجٍ:
“خسرت عامين من حياتي، وعن المال لا أتحدث، فالتعويض الحقيقي هو الوقت الذي لا يعود. المحكمة نفسها اعترفت بأنها أخطأت، فلماذا لا تتحمل هي مسؤولية ذلك؟”
وأضاف رئيس برشلونة بين عامي 2010 و2014:
“نحن نطلب من وزارة العدل دفع تعويضٍ عادل، وإن كنت أرى أنّ القاضية لاميلا، التي أصدرت قرار السجن الاحتياطي، هي من يجب أن تتحمل ذلك من أموالها الخاصة، لا من دافعي الضرائب”.
يشير روسيل هنا إلى القاضية ماريا إيسابيل لاميلا التي وقّعت أمر الاعتقال الاحتياطي، ويحملها المسؤولية عن سنواتٍ لا تعوضها أي أموال.
تفاصيل السجن وأثرها النفسي
عاش روسيل أيامًا وصفها بأنها “سوادٌ دامسٌ”، حيث تخللتها جلسات تحقيقٍ متواصلةٍ وعزلةٍ طويلةٍ عن أسرته وأطفاله. ويتذكر كيف فقد طعم النوم والاستقرار، واصفًا الألم الذي ألم به حين استيقظ ذات صباحٍ في زنزانة باردةٍ لا يعرف أسباب وجوده فيها.
“تعلّمت أن الكرامة لا تُباع، ولكنّ الدفاع عنها قد يكلّفك سنوات من الحرية”، يقول روسيل، معبّرًا عن امتنانٍ عميقٍ لخبرات المحامين الذين استأجرهم والذين أثبتوا براءته أمام الأمم المتحدة والقضاء الأوروبي.
يما: توقيعٌ يُفخـر به التاريخ
انتقل روسيل بسلاسةٍ من الحديث عن مأساته الشخصية إلى فصول إنجازاته في عالم كرة القدم، وأبرزها عملية ضم الأحدث نجوم برشلونة لامين يامال في صيف 2023:
“أنا فخور للغاية لأنني أول من أبرم عقد يما مع النادي. أتذكر كيف توجه والداه إلى مكتب لابورتا وأنا حينها راهنت على المشروع الشاب. هذا هو إرث لاماسيا الحقيقية: الاستثمار في المواهب المحلية”، قال روسيل.
ويمثل يامال (16 عامًا) اليوم قامة عالية في تشكيلة “بلوجرانا”، بعدما أضفـى براعته ولمساته السريعة بعدًا هجوميًا فريدًا، وشارك في حصد الثلاثية المحلية (الليغا، كأس الملك والسوبر الإسباني) هذا الموسم.
رسالةٌ تحمل ألف معنىٍ إلى لابورتا
في ختام اللقاء، وجّه روسيل رسالةً ذات دلالةٍ خاصةٍ إلى خلفه على كرسي الرئاسة، جوان لابورتا:
“فكر فقط في برشلونة، أنت تفهمني جيدًا”، كانت كلماته التي حملت في طياتها إشادةً بإدارة النادي الحاليّة، في دعوةٍ ضمنيةٍ للتناسي و”نظرةٍ إلى الأمام” بعد عواصف السنوات الماضية.
ويعد هذا الموقف بمثابة إذعانٍ من طرفٍ رئيسٍ سابقٍ للاعتراف بضرورة تكاتف جميع القيادات الحالية والسابقين من أجل رفعة النادي وتعويض جماهير “كامب نو” عن مواسمٍ مريرةٍ.
إرثٌ لا يُمحى من سجلات البرسا
لا تنحصر إنجازات روسيل في قضية اليمال وحدها، بل امتدت إلى شراكات رعايةٍ ضخمةٍ مع قطر الخيرية ونايكي، إضافةً إلى تدشين أكاديميةٍ شبابيةٍ صاعدةٍ أعادت لبرشلونة هيبته على الساحتين القارية والعالمية. رغم ذلك، ظل قراره الانسحاب من الحياة العامة بعد ترحيله إلى السجن صادمًا لملايين المشجعين.
خاتمةٌ بأملٍ جديدٍ
بين ألم السجن ونشوة الفوز، قطع روسيل رحلةً دراميةً في تاريخ نادي برشلونة. اليوم، ومع انتهاء ما يُشبه “الظل القضائي” الذي لازم النادي في تلك الحقبة، يبقى السؤال مُعلَّقًا: هل سيسهم هذا الحوار الصادق في تقريب وجهات النظر بين القيادات السابقة والحالية، لصالح مشروعٍ شبابيٍّ يضمن لبرشلونة مستقبلاً أكثر إشراقًا؟ المشجعون يترقبون إجابةً لا تقلّ أهميةً عن تلك الأهداف التي سجّلت بأقدام يامال على أرض “كامب نو”.
