يعيش بوروسيا دورتموند فترة فاصلة في مشواره بدوري الدرجة الأولى الألماني، حيث تبدو آماله في حجز إحدى بطاقات التأهل إلى البطولات الأوروبية الموسم المقبل على المحك مع تبقي عدد محدود من الجولات. وفي ظل تذبذب النتائج وابتعاده نسبيًا عن المراكز المؤدية لدوري أبطال أوروبا، شدّد المدير الفني الكرواتي نيكو كوفاتش على ضرورة رفع مستوى التركيز والقتال أمام كل خصم، بدءًا من مواجهة هوفنهايم المقبلة، التي وصفها بـ«مفتاح المرحلة الحاسمة».
إدراك حجم المسؤولية وتجهيز رهان الفوز
على هامش الحصة التدريبية المسائية التي عقدها بوروسيا دورتموند قبل التوجه إلى ملعب «راين نيكار آرينا»، أكّد كوفاتش أن اللاعبين باتوا على دراية بالواقع الحالي للنادي في سلم الترتيب، مؤكدًا: «كل فرد في الفريق يعرف أهمية ما تبقى من مباريات؛ الفوز في مواجهة هوفنهايم سيُعيدنا إلى سباق المراكز الأربعة الأولى بقوة». وأضاف المدرب: «نحن نتعامل مع هذه المرحلة بكل الجدية الممكنة، ولطالما أثبتت كرة القدم أن الأرقام على الورق لا تضمن شيئًا حتى نهاية المباراة الأخيرة».
إرهاصات الموسم والنتائج المتذبذبة
انطلق موسم دورتموند تحت قيادة كوفاتش بتشكيلة ضمّت مزيجًا بين الخبرة الشابة والوجوه الجديدة، بعد صيف شهد تغييرات فنية وإداراتية. وعلى الرغم من البداية القوية على مستوى فرض سيطرتهم على مناطق وسط الملعب وفرض أسلوب الضغط العالي، شهد «أسود فيستفاليا» عدة تعثرات أمام فرق متوسطة القوة، ما دفع الفريق للتراجع نحو المركز السابع عشر في وقتٍ قصير قبل أن يستعيد توازنه جزئيًا.
حالياً، يقع دورتموند في المركز السادس برصيد 48 نقطة، مبتعدًا بفارق ثلاث نقاط عن صاحب المركز الرابع، مما يجعل أي هدية من الفرق المنافسة في الجولات القادمة حاسمة لصالح مفاجأة في ترتيب نهاية الموسم. ويواجه كوفاتش تحديًا مزدوجًا يتمثل في استعادة ثقة اللاعبين وجماهير ملعب «سيغنال إيدونا بارك»، بالإضافة إلى الحفاظ على تناسق الخطوط الثلاثة (الدفاع، الوسط، الهجوم).
تكتيك المباراة المقبلة وأهمية العناصر الأساسية

تُعد مواجهة هوفنهايم اختبارًا مثاليًا لقدرة كوفاتش على قراءة المنافس وتطويع إمكانات لاعبيه لخطف النقاط الثلاث. ومن المتوقع أن يعتمد المدرب الكرواتي على خطة 4-2-3-1 أو 3-4-3، مع منح الأولوية للتوازن بين تأمين العمق الدفاعي وإطلاق حريات هجومية للمهاجمين عبر الأطراف. وأبرز الأسماء المتوقعة في التشكيل الأساسي تشمل:
• مارسل شوماخر:
في حراسة المرمى للحد من محاولات اختراق الشباك.
• خط دفاع مكوّن من ماتس هوملز ونيكو شولز:
في المحور، مع الاعتماد على فيتسل وجيريرو على الأجنحة في حال تجربة رباعي الدفاع.
• ثنائي المحور فيليب كوتينيو وإميل سميث-رو:
لتعزيز البناء من العمق وربط وسط الملعب بخط الهجوم.
• ثلاثية هجومية تضم جادون سانشو:
في الجهة اليمنى، وجيوفاني رينا على اليسار، مع إيرلينج هالاند كرأس حربة صريح.
وشدد كوفاتش خلال المؤتمر الصحفي قبل السفر على أن استعادة النشاط البدني والسرعة في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم ستكون من أهم العوامل الحاسمة، مؤكدًا أنه كلف الجهاز الفني بتحليل ساعات طويلة من تسجيلات هوفنهايم، لكشف نقاط الضعف واستغلالها «بأسلوب ذكي ومخطط».
تأثير معنوي جماهيري وظروف الملعب
لا يخفى على كوفاتش أهمية الحضور الجماهيري لدعم فريقه خارج أرضه، حيث يأمل في حضور مئات المشجعين في مدرجات «راين نيكار آرينا» لإبهار الألوان الصفراء والسوداء. وقد حذّر المدرب اللاعبين من ارتكاب أخطاء الحكم «لأن الضغط النفسي في أجواء المنافسة على المراكز الأوروبية يرتفع بشكل كبير»، مشيرًا إلى ضرورة التركيز على التحرك دون الكرة وتنظيم الخطوط لتجنّب الهجمات المرتدة.
خطوات إعادة البناء قبل الانتقال إلى التحديات المقبلة

يرى كوفاتش أن المرحلة الحالية لا تقتصر على حجز المركز الخامس أو السادس فحسب، بل تهيئة الفريق نفسيًا وتقنيًا للاستحقاقات القادمة بما فيها نهائي الكأس الوطني ومباريات البطولة القارية المقبلة. ومن أبرز الإجراءات التي اتخذها خلال الأيام الماضية:
1. جلسات تحفيزية فردية وجماعية:
للسماح لكل لاعب بطرح مخاوفه وتلقي الدعم الضروري.
2. تدريبات خاصة على الكرات الثابتة:
لزيادة فاعلية التسجيل من ركلات الركنية والركلات الحرة.
3. تمارين عامل السرعة والكرس:
لرفع جاهزية الجسم وتحمل 90 دقيقة بأعلى مستوى لياقي.
قرارات الانتقالات الصيفية وعزم التغيير
على هامش حديثه، لمح كوفاتش إلى أن الإدارة تعمل على تعزيز صفوف الفريق بلاعبين جدد في مراكز مفتاحية، لاسيما في الدفاع والوسط. وأردف: «نحتاج لتجديد دماء بعض المراكز، لكن الأهم الآن هو أن نعود لسكة الانتصارات سريعًا، كي يكون ذلك دافعًا لإقناع المواهب بالانضمام ودعم مشروعنا في المستقبل». ويُتوقع أن يسلط النادي الضوء على ثلاثة إلى خمسة صفقات خلال سوق الانتقالات الصيفية، خاصة أن التواجد في أوروبا بات هدفًا اقتصاديًا وفنيًا لا يقبل المساومة.
ختامًا، إذا نجح بوروسيا دورتموند في انتزاع نقاط هوفنهايم، فإن ذلك سيشكّل انطلاقة جديدة نحو إنهاء الموسم في المربع الذهبي، مع استثمار زخم الروح القتالية التي طالب بها المدرب كوفاتش. وبينما يزداد الإلحاح مع كل خطوة في سلم الترتيب وأمام ساعات حاسمة تحدد مصير الموسم، يبقى القتال على أرض الملعب هو الفيصل، وستكون أنظار الجماهير متجهة نحو أداء يليق بتاريخ وشغف «أسود فيستفاليا».