أعلن نادي ريال سوسيداد رسمياً أن مدربه الإسباني إيمانول ألجواسيل سيغادر منصبه عند انتهاء الموسم الجاري، منهياً فترة تدريب استمرت أكثر من ست سنوات ونصف في قلعة “أنويتا”. ويأتي ذلك بعد خمسة مواسم حقق فيها المدرب البالغ من العمر 53 عاماً قفزات نوعية للفريق، سواء على مستوى الدوري الإسباني أو في بطولات الكؤوس الأوروبية والمحلية.
مسيرة استثنائية بدأت من الرديف
تولى ألجواسيل قيادة فريق الرديف لريال سوسيداد عام 2015، ثمّ تمت ترقيته لتدريب الفريق الأول في ديسمبر 2018 بعد رحيل المدرب السابق. ونجح سريعاً في تطبيق فلسفته التكتيكية المعتمدة على الضغط العالي واللعب الجماعي المنظم، مما جعله يكسب ثقة اللاعبين والجماهير على حدٍ سواء. وبتوجيهه، صعد النادي إلى المراكز الأوربية في جدول ترتيب “الليغا” لعدة مواسم متتالية، كما قدم أداءً مميزاً أمام كبار إسبانيا.
إنجازات محلية وقارية
خلال رئاسة ألجواسيل للفريق الأول، بلغ ريال سوسيداد نصف نهائي كأس ملك إسبانيا في موسم 2023–2024، حيث ودّع البطولة أمام ريال مدريد بشرفٍ كبير بعد مواجهة قوية أمام حامل اللقب. كما تأهل ثلاث مرات لدوري المؤتمر الأوروبي، ووصل إلى دور الـ16 في إحدى النسخ، مما أثبت قدرة المدرب على تأهيل الفريق للمنافسة القارية. وفي الدوري الإسباني، حصد الفريق مراكز بين الخامس والسابع في المواسم الماضية، محققاً نقاطاً أضافت إلى رصيده من الألقاب الرياضية والمالية.
بيان الرحيل وأسبابه
ذكرت إدارة النادي في بيان رسمي: “أبلغ إيمانول ألجواسيل مجلس الإدارة بعد انتهاء الجولة الختامية بأنه يفضل عدم الاستمرار كمدرب رئيسي للموسم المقبل، وذلك لأسباب شخصية ومهنية يسعى فيها لبدء تحدٍ جديد في مسيرته التدريبية”. وأضاف البيان: “نشكره على سنوات التفاني والإخلاص التي قضاها مع النادي، وسنظل ممتنين لإسهاماته في تطوير مستوى الفريق ورفع راية ريال سوسيداد في المحافل المحلية والقارية”.
ردود الفعل داخل أنويتا
تفاعل جمهور الفريق وعشاق “البلانكوس” مع الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبر كثيرون عن حزنهم لرحيل أحد أبرز مدربي العقد الأخير في النادي. وأشاد بعض رواد مواقع التواصل بأسلوبه التكتيكي المبتكر، بينما تمنى فريق من المتابعين أن يكون المدرب قد طوّر من قدرات اللاعبين الشباب وفتح لهم أبواب التشكيلة الأساسية. وأشار آخرون إلى أن رحيله قد يمثل فرصة لإعادة الهيكلة الفنية قبل انطلاق الموسم المقبل.
الخيارات المحتملة لخلافته
تتجه الأنظار الآن إلى أبرز الأسماء المرشحة لخلافة ألجواسيل، ففي مقدمتها عدة مدربين إسبان لهم تاريخ مع الدوري المحلي وأندية متوسطة الحجم. ويُعدّ المدرب أوزيبيو غارسيا، الذي قاد أثلتيك بيلباو إلى نهائي كأس السوبر الإسباني، خياراً مطروحاً، إلى جانب ميكيل أرتيتا الذي برز مع ريال بيتيس في المواسم الأخيرة. كما يثير البعض اهتمامًا بمدربين أجانب سبق لهم العمل في الدوري الإسباني مثل يان أوليسون وجوليان ناجلسمان، رغم أن الخيار الأبرز سيكون داخلياً بغرض الحفاظ على هوية أسلوب اللعب.
توابع فنية وإدارية
من المتوقع أن يسارع النادي إلى فتح ملف التعاقد مع مدرب جديد قبل نهاية الموسم الحالي، من أجل التحضير لمعسكر الإعداد الصيفي وتحديد الأهداف المستقبلية، خاصة التأهل لدوري المؤتمر الأوروبي أو الدوري الأوروبي. كما يُنتظر أن يناقش مجلس الإدارة مع المدير الرياضي الجديد خطة تعزيز الصفوف بلاعبين جدد في مراكز الدفاع ووسط الملعب، لتعويض رحيل محتمل لبعض العناصر الأساسية وتهيئة الفريق للبطولات المتعددة.
إرث ألجواسيل وأثره على الأكاديمية
لا يقتصر تأثير المدرب المنصرف على الفريق الأول فقط، بل امتد إلى أكاديمية الشباب، حيث وفر الفرص للشبان الواعدين وصعد عده إلى التشكيلة الأساسية، منهم لاعبين مثل أنخل روبرت وميكيل أويارزابال. وقد أظهرت الفترات التدريبية تحت قيادته تطوراً ملحوظاً في أساليب اللعب والتحضير البدني، مما أدى إلى رفع مستوى الأكاديمية وجعلها من بين الأفضل في إسبانيا.
ختام فصل واستعداد لبدء جديد
مع انتهاء حقبة طويلة حافلة بالإنجازات في “أنويتا”، يختتم إيمانول ألجواسيل فصلاً لامعاً في تاريخ ريال سوسيداد، تاركاً خلفه أسساً تكتيكية وفنية قادرة على الاستمرار بها مدرب المستقبل. وبينما يبدأ النادي رحلة البحث عن خليفة يقدم الاستمرارية والاندماج مع الجماهير، يبقى اسم ألجواسيل محفوراً في ذاكرة عشاق الفريق، كرجل قاد سفينة “البلانكوس” عبر عواصف الدوري الإسباني والمشاركة الأوروبية.
