مع تأكد غياب جول كوندي لثلاثة أسابيع بسبب الإصابة التي تعرَّض لها أمام إنتر ميلان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، وجد الهولندي هانز فليك نفسه أمام تحدٍ كبير لإيجاد البديل الأمثل في مركز الظهير الأيمن. وقد أشارت صحيفة "سبورت" الكتالونية إلى أن المدرب الألماني منح ثقته الكاملة لـإيريك غارسيا لتولي هذه المهمة خلال الجولات الحاسمة، بما فيها إياب سان سيرو وكلاسيكو الليغا أمام ريال مدريد.
إصابة كوندي وتداعياتها على خطة فليك
تعرض المدافع الفرنسي لإصابة عضلية في الدقيقة الـ24 من لقاء كامب نو الذي انتهى 3-3 أمام إنتر، وأعلن النادي غيابه لثلاثة أسابيع، مما يعني أنه سيفوت مباراة الإياب في ملعب سان سيرو يوم 6 مايو، إضافة إلى كلاسيكو الليغا المقرر في 11 مايو على ملعب سانتياغو برنابيو. وتأتي هذه المباريات في قلب جدول برشلونة المتضيق، بعد تتويجه بلقب السوبر الإسباني وكأس ملك إسبانيا، وهو ما يضع على عاتق فليك عبء الحفاظ على زخم الانتصارات وضمان مشاركة لاعبين أصحاب قدرة تحمل عالية.
لماذا ارتضى فليك غارسيا؟
رغم توافر خيارات أخرى في مركز الظهير الأيمن، مثل رونالد أراوخو أو هيكتور بيليرين الذي استعاد لياقته بعد الإعارة، يرى فليك في غارسيا البديل المثالي للأسباب التالية:
1. التجربة السابقة على الجناح
قبل أن يستدعيه فليك للمشاركة كظهير أيمن في مباراة إنتر، أثبت المدافع الإسباني قدرته على الأداء في هذا المركز خلال فترة إعارته إلى جيرونا في موسم 2021–2022. وقد شارك آنذاك في 34 مباراة بالدوري، وساهم بتمريرات عرضية متقنة وكسب رهان الالتحامات الثنائية.
2. الفهم التكتيكي وإتقان بناء اللعب
يتسم أسلوب غارسيا بالهدوء في التحكم بالكرة وبناء الهجمة من الخط الخلفي، وهو ما يماثل فلسفة فليك في الضغط المتوسط والتموضع المتقدم للأظهرة. إضافة إلى ذلك، يملك صاحب الـ22 عاماً نظرة ثاقبة لقراءة تحركات الخصوم، مما يساعد على إغلاق المساحات أمام لاعبي الأجنحة سريع الخطى عند التحول الدفاعي.
3. التنسيق مع زملاء الوسط
يُعتبر غارسيا حلقة وصل قوية بين الظهير والظهور الهجومية، حيث يعرف كيف ينسق مع لاعبي وسط الميدان مثل بوسكيتس وفابريغاس في تبديل المراكز وخلق مثلثات اللعب. وتعود قدرة برشلونة على تفكيك دفاعات الخصوم جزئياً لهذا التكامل بين الخطين الخلفي والوسطي.
البدائل المتاحة وفلسفة الاختيار
بالإضافة إلى غارسيا، كان بإمكان فليك اللجوء إلى:
- رونالد أراوخو: قلب دفاع طُرِح أيضًا في مركز الظهير، لكن تفضيل بقاء الأوروغوياني في خط الدفاع الثلاثي يضمن تماسكًا أكبر ضد فرق الهجوم المباشر.
- هيكتور بيليرين: بعد عودته من إعارته، يمتاز بقدرة تسلُّقية قوية على الجناح الأيمن، لكنه لا يزال بحاجة للاعتياد مجددًا على أنماط اللعب السريع في برشلونة.
- يولانج ماكيني: الذي جربه فليك كلاعب وسط متقدم في بعض المباريات، لكن إسناد واجب دفاعي كامل له سيكون مخاطرة.
ورغم جاذبية هذه الأسماء، فإن ثقة فليك في غارسيا انبنى عليها عامل الخبرة المكتسبة داخليًا والشعور بالمسؤولية العائلي في غرفة تبديل الملابس، وهو ما يُسهم في استقرار الأداء تحت الضغط.
استعدادات برشلونة للمواعيد المصيرية
قبل التوجه إلى ميلانو، سيخوض برشلونة مباراته الأخيرة في الليغا ضد قادش، وهي فرصة لرفوف أعضاء الفريق، والتأكد من جاهزية غارسيا والفئات البديلة. فليك يأمل أن يحقق ثلاث نقاطٍ تعزز حظوظ الفريق في إنقاذ لقب الدوري، وفي الوقت نفسه منح الظهير الإسباني دقائق إضافية للانسجام مع ديناميات الجناح الأيمن وسرعة الارتداد الدفاعي.
وبعد مباراة الإياب في سان سيرو، يتطلّع البارسا إلى استضافة ريال مدريد في كلاسيكوٍ لا يقبل القسمة على اثنين، إذ يأتي في مرحلة تحديد موقف برشلونة من لقب الليغا، وقد يؤثر نتيجة القمة على معنويات اللاعبين قبل مواجهة نهائي كأس الملك.
أبعاد فنية ونفسية
يكمن سر اختيار فليك لغارسيا أيضًا في الجانب النفسي؛ فالشاب الإسباني تربّى داخل أكاديمية لاماسيا، ويمتلك ارتباطًا قويًا مع جماهير النادي. ويساعده في ذلك الذكريات التي سجلها مع فريق الشباب في المباريات الكبيرة، مما يمدّه بثقة إضافية عند الاحتياج لقائد ميداني في المباريات الحاسمة.
من الناحية الفنية، سيواصل فليك تطبيق استراتيجية الضغط المتوسط الحالة، تحريك الأظهرة للأمام لسد المساحات خلفية، والانتقال السريع عند استرجاع الكرة. وسيكون غارسيا الجسر بين هذا الضغط وتنفيذ خططي التمرير الثنائي بسرعة إلى الأمام، خصوصاً عند الاعتماد على فتى القادسية لامين يامال وفيران توريس في الأجنحة.
الرهان على استمرار الزخم
يبقى التحدي الأبرز لفليك هو الحفاظ على وتيرة الانتصارات بعد فقدان عنصر دفاعي أساسي؛ فالظروف المحيطة بالمباريات المقبلة تضغط على الشق البدني والنفسي للاعبين. ويؤكد هانز على ثقته في قدرات غارسيا ليكون جزءًا من حل رفع الوصافة أو التتويج بالليغا، قبل البحث عن درع أوروبا في سان سيرو.
وفي حال نجحت تجربة إيريك غارسيا كظهير أيمن مؤقت، فقد يفتح ذلك الباب أمام استمرار التنوع التكتيكي في خط الدفاع لموسمٍ قادم، مع إمكانية تطوير خيار جراسيا كظهير متوازن هجوميًّا ودفاعيًّا. وبذلك يكون فليك قد نجح في تحويل أزمة إصابة كوندي إلى فرصة لتعزيز المرونة الفنية للفريق وصقل مواهب شبابه في أوقات الحسم.
