شهادة نيفيل لمن لا يُصدّق
في تعليق حصري نقلته شبكة “سكاي سبورتس” البريطانية، قال نيفيل:
“ليست النقاط في جدول الدوري وحدها ما يحدّد عظم نادٍ إنجليزي، بل أيضاً ألقابه في المحافل القارية. ليفربول يمتلك ستة ألقاب لدوري أبطال أوروبا مقابل ثلاثة فقط لمانشستر يونايتد، والآن أصبح عدد بطولات الدوري متعادلاً بيننا. من اليوم، لا مجال للجدل: ليفربول النادي الإنجليزي الأكثر نجاحاً”.
هذه التصريحات لقيت صدى واسعاً في الأوساط الصحافية والجماهيرية، خصوصاً أنها جاءت من مدافع سابق قاد اليونايتد إلى أكبر إنجازاته في العقد الأول من الألفية الثانية، ما يضفي على الموقف صدقية استثنائية.
خلفية الصراع بين “الريدز” و”الشياطين”
على مدى أكثر من قرن، تنافس ليفربول ومانشستر يونايتد على لقب النادي الإنجليزي الأكثر تتويجاً. بدأت الهيمنة الحمراء في ستينيات القرن الماضي تحت قيادة بيلي شكسبير وفرانسيس لي، ثم استمرت المنظومة الحمراء في عهد بوب بيزلي والسيّد كيني دالغليش وحتى جوزيه مورينيو ويورغن كلوب. من ناحية أخرى، اكتسح اليونايتد ألقاب الدوري في تسعينيات وأوائل الألفية بفضل السير أليكس فيرغسون، ما جعل عدد بطولاته القياسي 20 لقبا حتى قبل الموسم الحالي.
رحلة ليفربول إلى لقب الـ20

قاد الهولندي آرني سلوت الموسم الجاري بحنكة فنية عالية، فاستطاع استعادة التوازن بعد رحيل كلوب وقلب موازين الدوري بفريقٍ أكثر مرونة تكتيكية. حصد ليفربول 88 نقطة من 38 مباراة، سجل خلالها 80 هدفاً وتلقّى 28 هدفاً فقط، محققاً أفضل خط دفاعي وهجومي في المسابقة.
• الانسجام التكتيكي:
اعتمد سلوت على أسلوب “بناء اللعب من الخلف” والتمرير السريع بين المحاور، ما منحه تفوقاً على الفرق التقليدية في الدوري.
• قوة الوصول للمهاجمين:
حدث توازٍ بين تحركات محمد صلاح وسيرجينيو ديست والظهيرين المتقدمين، ما خلق مساحات أمام مهاجمين مثل داروين نونيز ولويس دياز.
• العمق البديل:
استفاد الفريق من جودة اللعب الاحتياطي، فكان بدلاء مثل هارفي إليوت وأليسون بيكر يساهمون في الحفاظ على نسق الانتصارات.
اليونايتد بين الفرح والاعتراف
رغم خيبة التعادل مع توتنهام أو الهزيمة أمام تشيلسي في جولات حاسمة، يواصل مانشستر يونايتد استعداده للموسم المقبل. لكن اعتراف نيفيل أوجد دافعاً جديداً:
- تحديث الرؤية: أعلن تخطيط الفريق لاستثمارات صيفية في قلب الدفاع وصانع الألعاب الهجومي.
- إعادة بناء الانضباط: عاد الحديث عن ضرورة استعادة قيم “فيرغسون” من انضباط نفسي وجسدي في المباريات الكبرى.
- تفكيك أحداث الماضي: يسعى الفريق إلى درس أسباب التخلي عن لقب الدوري عامي 2011 و2020، من حيث أعطال الثقة الداخلية وضعف تركيبته البدنية.
ألقاب أوروبية تحسم المعركة

يبقى المتغير الأهم في معادلة “الأكثر نجاحاً” عدد الألقاب الأوروبية، حيث يضغط ليفربول على حصاده الماضي في دوري الأبطال: 1977، 1978، 1981، 1984، 2005، و2019. في المقابل، يُنسب إلى مانشستر يونايتد ثلاثية البطولة في 1968، 1999، و2008. وهذا الفارق في السيخلافات القارية هو ما استند إليه غاري نيفيل في تصريحه التاريخي.
ردود فعل جماهيرية وإعلامية
شهدت منصات التواصل العربية والأوروبية انقساماً بين مؤيد لنيڤيل في تقدير عراقة الإنجازات القارية وبين مشجعي اليونايتد الذين ركّزوا على ضرورة إضافة ألقاب مستقبلية لرد الاعتبار. واحتضنت صفحات “ماركا” و”موندو ديبورتيفو” التحليل المكثف للموقف، وأكد المحللون أهمية توازن البطولات المحلية والقارية لتحديد “أفضل نادي إنجليزي على الإطلاق”.
تأثير القرار النفسي على الموسم المقبل
ليس اعتراف نيفيل مجرد تصريح عابر، بل هو مؤشر على أن المنافسة بين الناديين دخلت حقبة جديدة تتخطى الصراع على الصدارة في جدول الدوري. وستصبح الخطط الصيفية لكل منهما مدفوعة بمقاييس متنوعة:
- مانشستر يونايتد: يضع استعادة لقب الدوري على رأس أولوياته، إضافةً للعودة إلى نصف نهائي أو نهائي دوري الأبطال في السنوات القادمة.
- ليفربول: يسعى للمحافظة على لقب الدوري الأول تحت قيادة آرني سلوت، مع إضافة لقب قاري سابع يبعده أكثر عن منافسه الشرس.
خلاصة المشهد
بات ليفربول رسمياً النادي الإنجليزي الأكثر نجاحاً بعد تفوقه القاري وتعادله عدداً من الألقاب المحلية مع مانشستر يونايتد. ومثل هذا الموقف يؤكد على مدى تغيير المعايير في تقييم الأندية الكبرى؛ إذ لم يعد اللقب المحلي وحده كافياً، بل باتت الكؤوس الأوروبية عاملاً فاصلاً في تحديد التفوّق. ومع انطلاق مفاوضات الانتقالات والموسم الجديد على الأبواب، ستبقى أندية “أنفيلد” و”أولد ترافورد” في تركيز المشجعين والصحافة، وكل منهما يضع نصب عينيه هدفاً واحداً: إضافة شرفٍ جديد إلى خزائنه لتحقيق براغماتية الألقاب والصدارة.