قراءة شاملة لأرسنال وأساليبه الجماعية
أوضح إنريكي، في تصريحاته التي نقلها الصحفي فابريزيو رومانو، أن قوة أرسنال تكمن في اللعب الجماعي والتوزيع المتوازن للمسؤوليات:
“أرسنال لا يعتمد على لاعب واحد، بل هو منظومة تعمل بتناسقٍ عالٍ. أسلوبنا متشابه معهم من حيث الضغط والتحرك بدون كرة، ولكننا نطمح لتقديم أداءٍ أكثر حسمًا.”
ويشير هذا الوصف إلى قدرة “الغانرز” على تبديل المراكز باستمرار بين بوكايو ساكا وغابرييل مارتينيلي، معتمدين على تمريرات الجماعة في وسط الملعب التي يشرف عليها توماس بارتي وغرانيت تشاكا. وإدراكًا لذلك، يخطط إنريكي لتضييق المساحات بين الصفوف الثلاثة، وفرض إيقاعِ ضغطٍ مرتفعٍ يقطع خطوط التمرير بين المدافعين ولاعبي الوسط.
الاستعداد التكتيكي والاستفادة من الخبرة الأوروبية
لم يخفِ مدرب “بارك دي برنس” أن الفريق سبق له أن بلغ نصف النهائي في الموسم الماضي، ولكنه يرى أن “اللحظة الحالية تتطلب منعكسات مختلفة”:
“الوصول إلى المربع الذهبي أمرٌ جيد، لكن الهدف هو بلوغ النهائي. هذه المرة يجب أن نخطو خطوة إضافية إلى الأمام.”
وتعكس هذه الرغبة إدراكًا لأهمية التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم، وتوظيف لاعبي الارتكاز – فيتينا وفابيان رويز – لكسب المعركة في منتصف الملعب، قبل توجيه الكرات نحو المهاجمَيْن كيليان مبابي ودانيلو بيريرا، اللذين توجّها معًا في تسجيل 52 هدفًا هذا الموسم في جميع المسابقات.
مفاتيح العبور ونقاط الضعف لدى المنافس

حدّد إنريكي عدداً من الأهداف الرئيسة للاعبيه قبل المباراة، وهي:
- فرض الأسلوب منذ الدقائق الأولى عبر بناء الهجمات من الخلف مع إغلاق ثنائيات ساكا ومارتينيلي.
- الضغط المنتظم على حامي المرمى آرون رامسدايل لخلق الأخطاء في بناء اللعب.
- استغلال الأطراف عن طريق أكرم حكيمي ومولا مورتا، اللذين سيحاولان زعزعة توازن دفاع أرسنال باستخدام الانطلاقات السريعة والكرات العرضية.
- التركيز على الكرات الثابتة بعد أن استقبلت شباك الضيوف خمسة أهداف من ركلات ركنية هذا الموسم في مختلف البطولات.
ويرى أنريكي أن مدى نجاح خطته مرتبط بمستوى الانضباط الانفعالي والقدرة على فرض السيطرة الذهنية، لا سيما مع خبرة بعض نجوم الفريق الكتالوني السابقين في “ساحة المعركة” الأوروبية.
دور النجوم وتأثيرهم النفسي
لا يخفى على أحد أن باريس سان جيرمان يضم الثلاثي الهجومي الأكثر رعبًا في القارة، وعلى رأسهم كيليان مبابي صاحب الـ38 هدفًا، بالإضافة إلى الخبرة التي يقدمها ليونيل ميسي عبر 14 تمريرة حاسمة في دوري الأبطال. ويُعتبر القائد ماركينيوس ركيزةً أساسية في التحام الخطوط الخلفية، في حين يسعى الحارس جيانلويجي دوناروما لإعادة أمنية الشباك النظيفة إلى الواجهة بثلاثة لقاءات دون استقبال أهدافٍ في بداية أدوار الإقصاء.
وفي الجانب المعنوي، يُنتظر أن يشكل حشد الجماهير الباريسية خلف اللاعبين دعمًا حاسمًا لإخماد أهازيج أنصارهما على ملعب الإمارات، ومَنح “البي إس جي” دفعة معنوية تأسر الروح وتخلق “حلبة ضوضاء” كما طالب به أنريكي في المؤتمر الصحفي:
“نحتاج لصخبٍ يربك الخصم حتى قبل لمسة الكرة الأولى. هذا النوع من الأجواء يضيف ما يعادل ربع القوة الإضافية للاعبين على أرضية الملعب.”
المواجهة الذهنية والتحضيرات النهائية

مع اقتراب موعد اللقاء، ركّز المدرب الإسباني على أهمية الجاهزية البدنية، مشيرًا إلى أن بعض اللاعبين ما زالوا يستعيدون عافيتهم، لكنه طمأن الجماهير بأن قائمة المباراة سترى “أفضل تشكيلة ممكنة قادرة على التعاطي مع المواجهة التكتيكية والعناصر الفنية لأرسنال”.
وقد أجرى الفريق حصتين تدريبيتين أخريين على ملعب رواندا المقابل للاستاد، ركزت الأولى على المحاكاة التكتيكية لاستلام الكرات العرضية والكرات الثانية، فيما خصصت الثانية لحالة الضغط العالي والانتقال السريع من الدفاع للهجوم.
إرث إنريكي مع المحطات النهائية
تُذكّر هذه الخطوة بتجربة إنريكي السابقة مع برشلونة حين قاد الفريق الكتالوني للقب دوري الأبطال عام 2015، ونجح في قلب تأخره 0–1 أمام يوفنتوس إلى فوزٍ تاريخي. ويأمل أن يُعيد تلك الروح المقاتلة مع فريقه الحالي، في ظل مساعي باريس سان جيرمان لتحقيق أول بطولة قارية كبرى في تاريخه.
نظرة مستقبلية وما بعد الإياب
يُعد لقاء الإياب في حديقة الأمراء فرصة لتصحيح المسار واستكمال المهمة، خاصة إذا ما نجح “البي إس جي” في العودة بنتيجة إيجابية من لندن. وستكشف الأيام المقبلة عن مدى قدرة لويس إنريكي ولاعبيه على ترجمة الأهداف التي حدّدها إلى واقع ميداني حاسم، يفتح أبواب النهائي أمامهم. وفي كل الأحوال، يبقى العامل التكتيكي والاصرار النفسي هما مفتاحا النجاح في سباق “التتويج الأول” الذي طال انتظاره لنادي باريس سان جيرمان.