يترقب الجمهور الفرنسي والعالمي حدثاً كروياً مميزاً عندما يواجه باريس سان جيرمان إنتر ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا هذا السبت في التاسع مساءً بتوقيت القاهرة، ويسعى الجميع لمتابعة الحدث الكبير الذي يجمع بين عمالقة القارة وهناك حالة من الفضول لمعرفة موقف اللاعبين والمدربين الفرنسيين من هذه القمة. وفي هذا السياق أعلن ديدييه ديشان، مدرب المنتخب الفرنسي ولاعب مارسيليا في السابق، عن دعمه الصريح لنادي العاصمة الباريسية، رغم انتمائه التاريخي لقلعة الجنوب الفرنسي. تصريحات ديشان التي أطلقها خلال المؤتمر الصحفي الذي كشف فيه عن قائمة الديوك لمواجهة إسبانيا في دوري الأمم الأوروبية يوم الخميس المقبل، أثارت حماسة البعض واستياء آخرين من جماهير نادي مارسيليا، خاصة أن العلاقة بين ديشان وقلعة فيلودروم تعود إلى سنوات طويلة بدأها كلاعب ومروراً بفترات التألق التي قضاها في صفوف الفريق قبل أن ينتقل إلى جانب آخر في مسيرته الكروية.
خلفية انتماء ديشان
ينتمي ديدييه ديشان لنادي مارسيليا منذ بداياته كلاعب شباب قبل أن يترقى إلى صفوف الفريق الأول، ويشارك في المسابقات المحلية والأوروبية، وحقق عديداً من البطولات مع الفريق الجنوبي وكان أحد أبرز اللاعبين في التسعينات. ارتبط اسمه بقلعة فيلودروم وبقاعة المشجعين التي ظل يرفع فيها شعار البطولات المحلية والقارية، قبل أن يخوض تجربة انتقال إلى يوفنتوس الإيطالي عام 1994 والتي مهدت لمسيرة مهنية حافلة شهدت تحقيقه كأس دوري أبطال أوروبا مع الفريق الإيطالي مرتين وخوضه نهائي البطولة الأوروبية مع مارسيليا ولشبونة. هذه المسيرة الغنية أكسبت ديشان مكانة خاصة في قلوب جماهير مارسيليا التي ترى فيه أحد أبنائها البررة الذين رفعوا اسم الجنوب الفرنسي عالياً في المحافل الدولية، لذلك بدا دعم ديشان لنادي العاصمة الفرنسية سابقة في مسيرته الكروية والإدارية أزعجت شريحة واسعة من جمهور الزرق والبيضاء.
سبب دعم باريس
شرح ديشان موقفه قائلاً إن انتماءه للمنتخب الفرنسي وتحمل مسؤولية الدفاع عن ألوان الكرة الفرنسية في المناسبات الكبرى يدفعه للدعم الواضح للباريسيين على اعتبار أن وجود فريق فرنسي في المباراة النهائية سينعكس إيجابياً على سمعة كرة القدم الوطنية. وأوضح في حديثه: “لحسن الحظ أن وظيفتي تتطلب دعم أي فريق فرنسي يصل إلى هذا الحد، حتى لو كان لي ماضٍ مع نادي آخر، فالجميع يعرف أنني أريد فوز باريس سان جيرمان في هذا النهائي”، مشيراً إلى أن منتخب بلاده سيستفيد من تحقيق النادي الباريسي للبطولة خاصة من الناحية المعنوية والثقة العالية التي ستنتقل للاعبين قبل مواجهة إسبانيا في دوري الأمم في منتصف شهر يونيو. واجه ديشان تساؤلات عدة حول إمكانية تراجعه عن التصريح إذا فاز إنتر ميلان باللقب ولكن رد مبتسماً أن رغبته في رؤية فريق فرنسي يتوج باللقب هي المحفز الرئيس له في هذه اللحظة.
ارتباط نهائي الأبطال ببطولة الأمم
يعقد ديدييه ديشان مؤتمر الإعلان عن قائمة المنتخب لمباراة إسبانيا في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية في 5 يونيو الجاري، وحضر المؤتمر بحثاً عن توضيح حالة اللاعبين التي لن تشارك في المباريات الودّية أو الرسمية بسبب تألقهم في النهائي الأوروبي. وأكد ديشان أن بعض اللاعبين لن يتمكنوا من التواجد في التدريبات الأولية للفريق لأنه يتوجب عليهم التفرغ لمباراة حاسمة مع أنديتهم، قائلاً: “بالطبع الغيابات ستؤثر ولكننا نملك قائمة كبيرة من اللاعبين القادرين على رفد المنتخب”. وأضاف: “أعرف جيداً أهمية حالة اللاعبين بعد النهائي، فإما يشعرون بسعادة نتيجة الفوز وإما مرارة الهزيمة، ولهذا يجب أن نحافظ عليهم نفسياً قبل مواجهة لقاء حاسم في دوري الأمم”.
جماهير مارسيليا بين الحماسة والاستياء
لا تخفي جماهير مارسيليا استيائها من تصريح مدرب منتخب بلادهم السابق، فقد عبر بعض مشجعي الفريق الجنوبي عن شعورهم بالغدر بعد أن دعم ديشان باريس على الرغم من ارتباط اسمه وماضيه بقلعة فيلودروم التي طالما عاش فيها لحظات الانتصارات المحلية والقارية. وكتب أحد المشجعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “كيف يدعم ديشان PSG وهو من صنع مجد مارسيليا كلاعب ومدرب شاب في القارة الأوروبية؟”. وفي المقابل هناك من رأى أن دعم ديشان للباريسي أمر طبيعي ويصب في مصلحة منتخب فرنسا الكروي، واعتبره البعض تضحية مؤقتة تراهن على استمرار تألق اللاعبين الفرنسيين في الملاعب الأوروبية.
قوة باريس سان جيرمان في الموسم الماضي
يذكر أن باريس سان جيرمان قد حقق عدة إنجازات خلال السنوات الماضية، ويضم كوكبة من ألمع نجوم العالم مثل كيليان مبابي ونيمار وماورو إيكاردي ومركز خط الوسط الذي يقوده ماركو فيراتي ومهارات جيانلويجي دوناروما حارس المرمى، وهو ما يجعل التوقعات متجهة لصالح الفريق الباريسي في مواصلة تحقيق الألقاب القارية. إضافة إلى أن خبرة المدير الفني الجديد الذي تولى القيادة الفنية مؤخراً جاء ليحافظ على توازن الفريق ويجعله منافساً شرساً في أوروبا. وفي المقابل يدخل إنتر ميلان المباراة النهائية بعد مشوارٍ رائعٍ في المشوار الكروي وقام بتخطي أقوى الفرق في البطولة، وهو ما يجعل منافسة قوية تنتظر الفريقين في صراع نهائي الأبطال.
أثر النهائي على طموح المنتخب الفرنسي
يربط الكثير من المراقبين بين التتويج لنادي فرنسي في النهائي وبين الحالة المعنوية للاعبي منتخب الديوك قبل خوض نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية أمام إسبانيا يوم 10 يونيو. ويرى ديدييه ديشان أن وصول باريس إلى منصة التتويج سيمنح دفعة قوية للاعبين الذين يمارسون نفس الجو الأوروبي رفيع المستوى، وأشار إلى أن فوز فريقٍ فرنسيٍ باللقب سيجعل الجهاز الفني للمنتخب أكثر ارتياحاً قبل مفترق الطرق الأوروبي. وأضاف: “فزنا معاً أو خسرنا معاً، لكن وجود فريق فرنسي في النهائي أعطى كرة القدم الوطنية حقها في الساحة الأكبر، وهذا المهم بالنسبة لي كمدرب وممثل للكرة الفرنسية”.
ختامًا: ديشان بين الوفاء والواجب
ختاماً يظل موقف ديدييه ديشان محل جدل بين الشارع الكروي في فرنسا، ففي حين يحتفي بعضهم بدعمه باريس والحرص على مصلحة منتخب فرنسا، يرفض الجانب الآخر، من جماهير مارسيليا، هذا التصريح باعتباره خروجاً على الوفاء والولاء للقلعة التي صنعت نجوميته في بداياته. وبينما تترقب الجماهير بداية اللقاء المرتقب على ملعب سان سيرو السبت المقبل، يواصل ديشان بناء فريقٍ متوازن يعوّل عليه في مواجهة إسبانيا في دوري الأمم الأوروبية، على أمل أن تكون الضربة المعنوية لأندية الفرنسيين في أوروبا عاملاً حاسماً قبل خوض غمار المنافسة القارية مع إسبانيا وألمانيا وغيرها من المنتخبات الكبرى.
