يعيش برشلونة هذه الأيام أسبوعًا حاسمًا على الصعيدين القاري والمحلي، إذ على بعد خطوةٍ واحدةٍ من بلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا للموسم الثاني على التوالي، يتحرّك الفريق الإسباني نحو سان سيرو لمواجهة إنتر ميلانو في إياب نصف النهائي بعد تعادلهما 3–3 في "كامب نو". وفي المؤتمر الصحفي الذي سبقه، سلّط داني أولمو، صانع ألعاب البلاوجرانا، الضوء على استراتيجيةٍ تكتيكيةٍ مهمةٍ وفريدةٍ سيعتمدها المدرب هانز فليك لتفادي مفاتيح إنتر الدفاعية والهجومية ولفتح المساحات أمام لاعبي الهجوم.
الأسبوع الحاسم: ثقل الأهداف الكبرى
قال أولمو وهو يتهيّأ بدنيًا قبل المباراة:
“ندرك تمامًا أن هذا الأسبوع قد يحدد مصيرنا نحو نهائيٍ آخر، ولذا علينا التركيز في كل تدريبٍ ومحاضرةٍ. بعد المباراة نجري حساب مواجهة ريال مدريد في الدوري، ولكن أولويتنا الآن هي إكمال مهمتنا القارية.”
وأضاف:
“لقد تعافينا بشكلٍ جيد رغم ضغط المباريات المتواصل. اللعب كل ثلاثة أو أربعة أيام يتطلب تماسك الفريق، وعلينا أن نستثمر معرفتنا ببعضنا جيدًا لتكرار الأداء الرائع الذي ظهرنا به في لقاء الذهاب”.
قصص نصف النهائي: خبرات أولمو المتنوعة
يشير سجل أولمو إلى خبرةٍ لا يستهان بها في مباريات نصف النهائيات القارية، فقد شارك مع لايبزيج أمام باريس سان جيرمان في دوري الأبطال موسم 2021–2022، ويعلم جيدًا كيف تُدار أمور الضغط واللحظات الحرجة. وعما تحمله تلك الخبرات من ثقلٍ على سيرته المهنية، قال:
“نصف النهائي ليس غريبًا علي، وهدفي هنا أن أضيف فصلًا جديدًا إلى تاريخي مع برشلونة، وأن أسرع الطريق نحو النهائي في ميونخ.”
تحدٍ مزدوج لإدارة النتائج والتسجيل

لم يخفِ أولمو المعاناة التي مرّ بها في أزمة تراجع معدله التهديفي في المباريات الأخيرة، وتعرضه لإشاداتٍ وقراءاتٍ مختلفةٍ حول مستواه، لكنه أوضح أن الدعم من المدرب والطواقم الفنية أعاد إليه الثقة:
“الثقة جاءت من النادي والإدارة وفليك الذي تواصل معي بصورة يومية. لا مشكلة لدي في التهديف طالما يستمر الفريق في الانتصارات.”
السر التكتيكي: يامال حُرّ.. والفريق سيستثمر ذلك
انتقل أولمو للحديث عن أهم نقطةٍ فنيةٍ في المؤتمر الصحفي، متطرّقًا إلى مراقبة لامين يامال باثنين من لاعبي إنتر:
“يامال أثبت في المباريات الكبرى أنه لاعبٌ من طرازٍ خاص. عندما يخصص له المدرب المنافس لاعبين اثنين جدًا، فإن ذلك يمنحنا لاعبًا حرًا إضافيًا، ويخلق مساحاتٍ خلف خطوطهم لنستثمرها.”
وشدّد:
“هذه ميزةٌ كبيرة. إذا ركّزوا على يامال فقط، سنملك إمكانيةْ مفاجأتهم بتمريراتٍ بينيةٍ أو تحركاتٍ متبادلةٍ تُخلّ بطابعهم الدفاعي. سنساند لامين ونحرص على خلق خطوطٍ للمساندة والإكمال.”
فليك عن قرب اللاعبين وكيفية التواصل

من جانبه، وصف أولمو نهج هانز فليك بأنه الأقرب إلى اللاعبين بين جميع مدربي البلاوجرانا في العقد الأخير:
“فليك دائمًا قريب من الملعب ومن حساسيات اللاعبين، لديه رسالة واضحة وأفكارٌ يسهل تطبيقها، وقد نجح في خلق بيئةٍ مثاليةٍ لنا. نشعر أننا جزءٌ من مشروع مستمرٍ وليس انتصاراتٍ عرضيةٍ.”
كيف يستثمر برشلونة الفرصة؟
- 1. توظيف الأجنحة: استغلال انحياز دفاع إنتر إلى جهة يامال بخروج الجناحين نحو الداخل أو توسيع الملعب بالتمريرات العرضية.
- 2. المساندة من المحور: تدخل فرينكي دي يونج وبيدري في التمريرات القصيرة لخلق اختراقاتٍ خلف خط الوسط الإيطالي، وفق إرشادات فليك.
- 3. التحولات السريعة: استخلاص الكرات المرتدة واستغلال المؤازرة الدفاعية من لاملاط وكوندي للانطلاق على الأجنحة.
- 4. الضغط الموحد: تنظيم الضغط العالي عند بناء هجمات إنتر، لقلب المعادلة خارجيًا ومنع تمرير الكرة إلى قلب دفاع النيراتزوري.
المشهد النهائي والرهان على “السر التكتيكي”
يفتح هذا التكتيك المجال أمام نجومٍ أمثال سيرجيو بوسكيتس للعودة وإغلاق المساحات خلفه، بينما يكون أولمو ورافينيا في انتظار كراتٍ حاسمةٍ خلف الرقابة المزدوجة على يامال. ويؤكد الصحفيون في “ماركا” و”موندو ديبورتيفو” أن هذه الخطة قد تمنح الفريق الكاتالوني جانبًا هجوميًا جديدًا لم يظهر للجماهير في موسمٍ شهد جدلًا تكتيكيًا داخليًا وخارجيًا.
ما ينتظر الفائز في النهائي
من المقرر أن يلعب الفائز من هذه الموقعة ضد المتأهل من ثنائية باريس سان جيرمان وآرسنال في نهائي ميونخ يوم 31 مايو، فيما يضع ذلك برشلونة على أبواب معركةٍ قاريةٍ جديدةٍ بعد أن كتب تاريخًا طويلًا في المسابقة، متسلحًا بإيمانٍ تكتيكيٍ شاركه أولمو وجماعة “الخطط الدقيقة”.
ختامًا…
في نهاية المطاف، لا شيء يعد بمزيدٍ من الإثارة قبل صافرة انطلاق المواجهة المرتقبة في “سان سيرو” سوى معرفة مدى قدرة البلاوجرانا على تحييد بطل إيطاليا وتحويل التكتيك المدروس إلى إنجازٍ يرفع من أسهم الفريق في التتويج بلقبٍ هو الأغلى على صعيد الأندية.