الاعتراض الذي أضاء ساحة “كالسيوم”
بحسب الصحفي الإسباني توني خوانمارتي، عبر حسابه على "إكس" (تويتر سابقًا)، لم يكتفِ أولمو بتحية فليك الروتينية عند تغييره بل أبقاها على وجهه عبوسًا واضحًا، ثم أشار بمرفقيه في حركة اعتبرها البعض تأكيدًا على اعتراضه الشديد. هذه اللقطة، التي جرى تداولها سريعًا عبر الشبكات الاجتماعية، أثارت حفيظة أنصار البلوجرانا بين من ينحاز لتفهم دوافع اللاعب وموقفه من الضغط العالي المفروض عليه، ومن يرى أن مثل هذا السلوك قد يضر بملف الاحترافية داخل غرفة الملابس.
سياق المباراة وأداء أولمو
سجل إنتر ثلاثية تاريخية خلال الشوطين، حيث انطلق ماركوس تورام بدقيقة الشوط الأول، وأضاف دينزل دامفريس الهدف الثاني، قبل أن يقلص لامين يامال الفارق لبرشلونة ويعادل فيران توريس النتيجة بشباك الضيوف. وفي الشوط الثاني، عزّز دامفريس التقدم مجددًا، وردّ رافينيا بهدفٍ قاتل أعاد التعادل 3-3 على الفريق الكتالوني.
ظهر أولمو في أكثر من لقطة بصمات فنية واضحة، خصوصًا في بناء الهجمات وتمويل خطوط جري أنسو فاتي ورافينيا، لكنّ قراءته للدفاع الأزرق والأسود لم تترجم إلى هدف أو صناعة حاسمة، مما دفع فليك إلى إحداث تغيير تكتيكيّ، بدفع الشاب فيرمين لوبيز الذي يُجيد الضغط في منتصف الملعب واستعادة الكرة بسرعة.
دوافع فليك التكتيكية وخيارات “المُرضية”

يعتمد هانزي فليك على نظام 4-3-3 بطابع مضغوط وضغط متوسط، حيث تبقى مسؤولية أولمو مزدوجة بين التمركز الدفاعي ودعم محور البنيان الهجومي. وعندما شعر المدرب الألماني بأن إيقاع اللعب يتراجع وسط غياب المقاطعة الفعّالة، قرر إشراك فيرمين لتعزيز الضغط المضاد وقطع انتقالات الكرة التي استفاد منها دامفريس في هدفه الثالث.
في تصريحات لاحقة، أوضح فليك أنه "كان بحاجة لمن يمنح الفريق ديناميكية جديدة في الثلث الأوسط"، وأن التبديلات تندرج في إطار "محاولة استباق سيناريوهات إنتر المرتدّة"، دون أن يعلق تحديدًا على اعتراض أولمو، مكتفيًا بالقول: "جميع اللاعبين محرومون من المبارايات المقبلة، ولكن احترام الخيار الفني هو قاعدة في غرفة الملابس".
تداعيات سلوكية وشخصية
لم تكن هذه المرة الأولى التي يظهر فيها أولمو بمظهر الاعتراض في برشلونة؛ إذ سبق وأن حاول فرض وجهة نظره في وسائل الإعلام بعد تبديل خروجه أمام إيبار في الكأس، وتحدث بعدها عن "رغبته في اللعب أكثر". ولكن لحدود الكتابة الحالية، بدت الحركة الأخيرة أكثر وضوحًا وسط قاعة مزدحمة بالصحفيين وملايين المتابعين عبر المنصات الرقمية.
يرى بعض المحللين أن مواقف أولمو المتكررة تعكس "رغبة جامحة في التألق" بعد انتقاله الصيف الماضي بصفقة تجاوزت 60 مليون يورو، فيما يعتبر آخرون أن "الاحترافية تتطلب قبول أي دور يراه المدرب مناسبًا"، وحتى لو لم يكن يتماشى مع طموحات اللاعب الفردية.
انعكاسات على قادم المباريات

سيكون على فليك إدارة هذا الملف بحذرٍ بالغ قبل مواجهة الإياب في جوزيبي مياتزا يوم الثلاثاء المقبل. فحتى في حال فوز برشلونة بهدفٍ نظيف أو أكثر، فإن أي توتر داخل التشكيلة قد يكلف الفريق بطاقة النهائي. ووفقًا لتقارير ماركا وموندو ديبورتيفو، يدرس فليك عقد اجتماع خاص مع أولمو لشرح رؤيته الفنية وإعادة الثقة المتبادلة، على اعتبار أن مشاركة الإسباني مهمة في استعادة الاستحواذ وتبادل التمريرات مع بيدري وبرايثوايت.
على الجانب الآخر، قد يستفيد فيرمين من إظهار قدرته على المساهمة الدفاعية، وربما يتحول إلى خيار دائم في المباريات الأوروبية، خاصةً إذا واصل الضغط العالي وصنع الفارق في تعطيل هجمات برشلونة.
خبرة فليك في إدارة النجوم
يمتلك مدرب ألمانيا السابق سيرةً احترافية غنية بإدارة شخصيات كبيرة، بدءًا من البايرن ميونخ وحتى المنتخب الألماني، حيث تعامل مع لاعبين صغار السن وكبار السن على حدٍ سواء. ولكن تعامله مع نجوما بارزين مثل مانيه أو ليفاندوفسكي كان يتسم بحزمٍ أكبر، مقارنةً بأسلوبه مع أولمو الذي يُعد أحد أكثر الوافدين الجُدد تكلفة.
إذا نجح فليك في امتصاص غضب اللاعب ودمجه مجددًا في مخطط الضغط العالي الهجومي، فقد يتحول هذا الحدث إلى نقطة تحول إيجابية تُظهر قدرة الجهاز الفني على ضبط الإيقاع الداخلي. أما إذا تكرر موقف أولمو أو تصاعدت حدة الصدام، فقد يُطرح سيناريو استبعاد اللاعب من القائمة الأوروبية أو حتى فرض غرامة داخلية وفقاً لنظام النادي.
الخلاصة
تبقى رسالة أولمو العفوية زلّة قد تعيد صياغة علاقة لاعبٍ شابٍ موهوب بفريقٍ كبيرٍ يسعى للنهائي القاري. وبغضّ النظر عن النتائج الفنية التي ستسفر عنها مواجهة الإياب، فإن إدارة هذا الملف ستشكل اختبارًا حقيقيًا لقدرة فليك على دمج الطاقات الشخصية في منظومته التكتيكية، مما قد يترك بصمةً واضحة على مستقبل الإسباني داخل فريق "البرنابيو" الكتالوني وإمكانياته في المواعيد الحاسمة.