في تقريره المالي الأخير، أعلن نادي برشلونة عن تحسن غير متوقع في إيراداته الموسمية، حيث تجاوزت عائدات الموسم الحالي سقف 881 مليون يورو، بفارق 38 مليونًا عن تقديرات الإدارة التي وضعتها في أكتوبر الماضي، والبالغة 843 مليون يورو. ويُعزى هذا النمو أساسًا إلى ثلاثة معايير رئيسة: سوق الانتقالات، الأداء القاري بقيادة المدرب الألماني هانز فليك، ومشروعات تطوير ملعب “كامب نو” التي أفرزت دخلًا إضافيًا مهمًا.
تعافي إيرادات الانتقالات وأثرها المباشر
شهدت خزائن النادي مداخيل صافية بلغت 45 مليون يورو من صفقات البيع والشراء في نافذة الانتقالات الصيفية والشتوية، مقارنةً بتوقعات سابقة بلغت 22 مليونًا (وكانت مبيعات الموسم الماضي قد بلغت 81 مليون يورو). وعزا التقرير هذا الارتفاع إلى واقعين متلازمين: أولًا، تسويق اللاعبين الشبان بذكاء، مثل صفقة انتقال لاعب الشباب الشمالي إلى دوري أوروبي متطور مقابل 20 مليون يورو صافية. ثانيًا، التزام النادي بسياسة “البيع في الوقت المناسب” عبر تسهيلات للدفع وتقسيم أقساط الشراء على مدى مواسم عدة، ما ضاعف قيمة الصفقة في السجلات النهائية.
وتشير المصادر إلى أن هذه العائدات ساهمت في تمويل تسجيل ثنائي الهجوم الجديد، داني أولمو وباو فيكتور، دون المساس بمخصصات الأجور أو خوض ديون إضافية، في مؤشرٍ مهم على مرونة ميزانية النادي.
دوري الأبطال منجمٌ للمال ومكاسب الأداء القاري
إلى جانب سوق الانتقالات، لعب الأداء الإقليمي دورًا أساسيًا في تفجير الإيرادات الفعلية. فقد ضاعفت مشاركة الفريق في دوري أبطال أوروبا دخله من المنصة القارية بنحو 15 مليون يورو حتى ربع النهائي فقط، بعدما كان النادي يتوقع 0 يورو إذا خرج مبكرًا. وتتضمن هذه المكاسب جوائز الألقاب وحصص البث التلفزيوني وحقوق الإعلانات داخل الملاعب، وهي بنود تتزايد بوضوح مع كل جولة يتجاوزها الفريق.
ويُضيف التقرير أن بلوغ النهائي سيمنح برشلونة 18.5 مليون يورو إضافية، بينما سيؤمن فوزه باللقب حزمة بقيمة 6.5 مليوناً كمكافأة تتويج، ما يعني أن نصف مليون متفرج من عشاق “البلوغرانا” يمكنهم الترفيه عن النادي بضع ملايين في كل محطة.
الكؤوس المحلية ترفع سقف المكاسب

لم يقتصر التفوق المالي على المنصات الخارجية، بل شمل البطولات المحلية أيضًا. فقد حقق النادي 1.2 مليون يورو من مكافأة الكأس الملكية إثر التتويج بلقبه، بالإضافة إلى زيادة متوقعة في عائدات كأس السوبر الإسباني بعد إضافة مكافأة البطل. ويسجل هذا الانتصار في سجلٍّ طويل من الألقاب الصغيرة التي يدرك مكتب الرئيس جوان لابورتا أهميتها الاقتصادية – إذ تضيف كل بطولة 300–500 ألف يورو كحق نشر وترويج يذهب مباشرة إلى خزينة النادي.
مبيعات المقاعد الفاخرة ودعم تطوير “كامب نو”
على صعيد البنية التحتية، حسم برشلونة اتفاقاً لبيع 475 مقعداً من “VVIP” في الملعب الجديد، بقيمة إجمالية بلغت 100 مليون يورو، مستثمراً جزءًا منها في تجهيز مرافق البث والبث الرقمي لزيادة الدخل المستقبلي. وقد استخدم النادي هذه الأموال جزئيًا لتغطية تكاليف التسجيل لأولمو وباو فيكتور، ما يوضح توازناً متزايداً بين الاستثمار في التشكيلة وتجديد المنشآت.
إدارة تكتيكية لقطاعات الدخل المتفاوتة
بتحليل توزيع الإيرادات، يبرز أن الدخل التجاري (رعاية ومبيعات قمصان وشراكات) ارتفع بنسبة 8%، ليبلغ 315 مليون يورو، مستفيدًا من اتفاقيات جديدة مع رعاة آسيويين وأميركيين، فيما استقرت إيرادات حقوق البث عند 375 مليونًا بعد تجديد عقود محلية وأوروبية. وبذلك يحتفظ برشلونة بمركزٍ قويٍّ بين أندية العالم القلائل التي تتجاوز مداخيلها التسويقية والبث معًا حاجز 600 مليون يورو.
هانز فليك: القاسم المشترك بين التفوق التقني والمالي

وفي قلب هذا التعافي يقف المدرب هانز فليك، الذي نجح في إعادة فرض فلسفة “الكرة الجميلة” وإشراك لاعبين شباب في آنٍ مع خبرات المخضرمين، ما أثمر نتائجٍ سبقت التوقعات الفنية ورفعت سمعة النادي اقتصادياً. إذ اعتُبر انتزاع نقاط حاسمة في الدوري والكأس، وتقدم سلس إلى مراحل متقدمة في الأبطال، علامةً إيجابيةً أمام الشركاء التجاريين والداعمين الذين وجدوا في الأداء المنضبط جاذبًا للاستثمار.
آفاق ما بعد الأزمة
بعد سنواتٍ صعبة من ديونٍ فاقت 1.2 مليار يورو وإجراءات تقشف قاسية، يمثل هذا التقرير المالي إشراقةً واعدةً نحو وضعٍ مستقرٍّ مع نهاية العقد الحالي. ويعمل مجلس الإدارة على إعادة هيكلة الدين وتخفيف الأعباء عبر برامج سداد تمتد حتى 2030، بينما يطمح لابورتا إلى الوصول بإيرادات 1 مليار يورو سنويًا قبل حلول 2027، مع تقليص راتب اللاعبين إلى نسبةٍ لا تتجاوز 55% من إجمالي الإنفاق.