سطر نادي برشلونة فصلاً جديداً في تاريخه الكروي العريق بعدما تمكن من اقتناص لقب كأس ملك إسبانيا عقب انتصار مثير ومثير للجدل على حساب غريمه التقليدي ريال مدريد بنتيجة 3-2، في مباراة نهائية حافلة بالإثارة أقيمت على أرض ملعب لاكارتوخا بمدينة إشبيلية الإسبانية، وشهدت تنافساً محموماً حتى اللحظات الأخيرة من الأشواط الإضافية.
سرد أحداث المباراة
بدأت المواجهة بقوة من الطرفين، غير أن الأفضلية في الشوط الأول كانت لصالح الفريق الكتالوني، حيث تمكن بيدري من افتتاح التسجيل في الدقيقة 28، مستغلاً تمريرة متقنة من زميله لامين يامال ليضع فريقه في المقدمة. في المقابل، حاول ريال مدريد العودة بقوة إلى أجواء المباراة، إلا أن الدفاع الكتالوني بقي صامداً حتى نهاية الشوط الأول.
ومع بداية الشوط الثاني، ظهر ريال مدريد أكثر إصراراً على تعديل النتيجة، وهو ما تحقق له عندما سجل النجم الفرنسي كيليان مبابي هدف التعادل في الدقيقة 70 بعد ركلة حرة رائعة. لم يتوقف الضغط المدريدي عند هذا الحد، حيث نجح أوريلين تشواميني بعدها بسبع دقائق فقط في إضافة الهدف الثاني برأسية قوية إثر ركلة ركنية، ليقلب الميرينغي الطاولة على برشلونة في فترة قصيرة.
إلا أن برشلونة، الذي لطالما عُرف بروحه القتالية وعدم استسلامه، عاد سريعاً إلى المباراة. وفي الدقيقة 84، استطاع فيران توريس خطف هدف التعادل بعد سوء تمركز دفاعي بين تيبو كورتوا وأنطونيو روديغير. هذا الهدف أعاد المباراة إلى نقطة التعادل وأجبر الفريقين على خوض الأشواط الإضافية.
الحسم في الأشواط الإضافية

في الأشواط الإضافية، استمرت الإثارة والندية، حيث تبادل الفريقان المحاولات وسط تراجع بدني واضح، قبل أن يحسم المدافع جول كوندي اللقب لبرشلونة بهدف قاتل في الدقيقة 116، ليهدي فريقه تتويجاً غالياً بعد صراع شاق مع الغريم المدريدي.
الأرقام القياسية والإنجازات
لم يكن فوز برشلونة مجرد انتصار آخر في سلسلة مواجهاته ضد ريال مدريد، بل حمل بين طياته عدة أرقام قياسية وإنجازات بارزة تستحق التوقف عندها. إذ تمكن برشلونة بهذا التتويج من تعزيز رقمه القياسي في عدد مرات الفوز بلقب كأس ملك إسبانيا، بعدما رفع رصيده إلى 32 لقباً، مبتعداً بفارق كبير عن أقرب ملاحقيه أتلتيك بيلباو الذي يمتلك 24 لقباً، وريال مدريد الذي يملك 20 لقباً.
المدرب الألماني هانز فليك دخل أيضاً التاريخ من أوسع أبوابه، بعدما أصبح ثاني مدرب في تاريخ برشلونة يحقق الانتصار في أول ثلاث مواجهات له ضد ريال مدريد، مكرراً إنجاز المدرب الأسطوري بيب جوارديولا الذي كان قد فاز بخمس مباريات متتالية ضد الغريم الملكي في بداية مشواره.
وبهذا الانتصار، نجح برشلونة في تحقيق ثلاثة انتصارات متتالية على ريال مدريد للمرة الأولى منذ الفترة الممتدة بين يناير ومارس من عام 2023، مما يؤكد عودة الفريق الكتالوني بقوة إلى ساحة المنافسة المحلية بعد مرحلة من التراجع النسبي.
المعطيات التاريخية

من الناحية التاريخية، عدل برشلونة كفة المواجهات في نهائيات كأس ملك إسبانيا أمام ريال مدريد، إذ التقى الفريقان في 8 نهائيات، حقق كل فريق الفوز في 4 مواجهات. وكان الفوز الذي حققه برشلونة هذه المرة هو الأول له على ريال مدريد في نهائي كأس ملك إسبانيا منذ أكثر من ثلاثة عقود، وتحديداً منذ عام 1990 حين فاز بثنائية نظيفة حملت توقيع جييرمو أمور وجوليو ساليناس.
أما عن الجانب الفردي، فقد شهد اللقاء تسجيل كيليان مبابي هدفه الرابع والثلاثين بقميص ريال مدريد في موسمه الأول، ليتجاوز بذلك عدد أهداف كريستيانو رونالدو في موسمه الأول مع النادي الملكي (2009/2010)، حيث سجل البرتغالي آنذاك 33 هدفاً. ورغم هذا الإنجاز، يظل الرقم القياسي من نصيب المهاجم التشيلي إيفان زامورانو الذي أحرز 37 هدفاً في موسمه الأول مع ريال مدريد خلال موسم 1992/1993.
سابقة تاريخية
المباراة كذلك شهدت سابقة جديدة بين الفريقين، إذ تعد هذه المواجهة أول نهائي بين برشلونة وريال مدريد يمتد إلى الأشواط الإضافية منذ نهائي كأس ملك إسبانيا عام 2011، حين فاز ريال مدريد بنتيجة 1-0 بهدف كريستيانو رونالدو.
آفاق المستقبل
إن تتويج برشلونة بهذه الطريقة الدراماتيكية لا يعزز فقط سجله الذهبي في المسابقات المحلية، بل يمنحه كذلك دفعة معنوية هائلة مع بداية عهد المدرب فليك، الذي يبدو مصمماً على إعادة أمجاد الكتلان محلياً وأوروبياً.