في خطوة أخرى تُضاف إلى سجلات المدرب المخضرم كارلو أنشيلوتي، نجح ريال مدريد في استعادة توازنه وتخطي الكبوة التي مر بها خلال الفترة الماضية، بعد هزيمتين قاسيتين أمام برشلونة في الدوري الإسباني (4-0) وأمام ميلان في دوري أبطال أوروبا (3-1). هذا الفوز الأخير على إشبيلية لم يكن مجرد انتصار آخر، بل كان بمثابة نقطة تحول هامة جعلت الفريق يعود إلى السكة الصحيحة ويتجاوز منافسه التقليدي برشلونة في ترتيب الدوري الإسباني، ليصبح خلف المتصدر أتلتيكو مدريد بفارق نقطة واحدة، مع تبقي مباراة مؤجلة لكل من الفريقين.
أنشيلوتي يحوّل الهزائم إلى انتصارات
تُعد مرحلة الصحوة التي يعيشها ريال مدريد حاليًا بمثابة درس جديد في كيفية التعامل مع الأزمات، وهي نتيجة حتمية لجهود كارلو أنشيلوتي الذي يعرف تمامًا كيفية استعادة الفريق لعافيته بعد الهزائم الثقيلة. وقد كشفت شبكة “ريليفو” الإسبانية عن كواليس تلك الصحوة، مشيرة إلى أن الانتفاضة المدريدية بدأت بعد السقوط أمام ميلان في دوري الأبطال.
بعد تلك الخسارة، قرر أنشيلوتي أن يتحدث مع لاعبيه بشكل صارم، وهو ما لم يكن كافيًا لوحده. بل الأهم من ذلك، كان أن اللاعبين أنفسهم بدأوا في نقد أنفسهم بجدية، حيث عقدوا جلسات حوارية صريحة بينهم في غرفة الملابس، وتحدثوا عن ضرورة التحسن في الأداء الجماعي والالتزام بالخطط التكتيكية التي تليق باسم ريال مدريد. كان الحديث من الطرفين (المدرب واللاعبين) صريحًا وحادًا، وركّز على أهمية العودة للطريق الصحيح.
النقد الذاتي والتزام الفريق: وصفة أنشيلوتي للعودة
في حديثه بعد الفوز على إشبيلية، كشف أنشيلوتي عن تفاصيل هذه العودة، قائلاً: “نجحنا في تسوية الأمور في غرفة الملابس بعد الخسارة أمام ميلان. تحدثنا بوضوح شديد، وقد ساعدنا النقد الذاتي على الوصول لما كنا نفتقده خلال تلك الفترة. وهذا شمل الالتزام الجماعي، التصرف السليم، والجري أكثر قليلًا على أرض الملعب”. وأضاف: “عودة الأمور إلى نصابها كانت حتمية، وكل لاعب بدأ يعيد تقييم نفسه، مثلما فعل كيليان مبابي الذي كان دائم النقد لنفسه، وهذا ساعده على الخروج من وضع كان من الممكن أن يصبح معقدًا تمامًا”.
فترة حرجة تحولت إلى انطلاقة جديدة
وتُعتبر الفترة التي تلت الهزائم الثقيلة أمام برشلونة وميلان بمثابة محك حقيقي للريال، حيث كانت المباريات تلي الأخرى، وكلها تحمل أهمية كبيرة، وكان الفريق يتعامل معها على أنها “نهائيات لا تقبل سوى الفوز”. هذا التوجه العقلي ساعد الفريق على تحسين أدائه تدريجيًا، على مستوى الأفراد والجماعة. فبعد فترة من التراجع، بدأ العديد من اللاعبين في استعادة مستواهم، مثل فينيسيوس جونيور الذي استعاد بريقه، بالإضافة إلى تألق كريم بنزيمة الذي عاد ليقود الفريق بتسجيل الأهداف وصناعة الفرص.
النتائج تتحدث: الريال يعود بقوة
الفوز على إشبيلية لم يكن مجرد انتصار على فريق عادي، بل كان انتصارًا معنويًا على النفس، ليؤكد ريال مدريد أنه قادر على العودة أقوى بعد كل كبوة. بفضل التزام اللاعبين وتعليمات أنشيلوتي الصارمة، أصبح الفريق أكثر تماسكًا، ليعزز موقعه في الدوري الإسباني.
ورغم الصعوبات التي مر بها الفريق هذا الموسم، إلا أن ريال مدريد يظهر الآن بمستوى متصاعد، حيث يستمر في الاقتراب من قمة جدول ترتيب “الليجا” ويضع نصب عينيه المنافسة على جميع الجبهات. ويبدو أن درسًا آخر قد تعلمه لاعبو الفريق وهو أن النجاح في كرة القدم لا يأتي إلا من خلال العمل الجماعي والالتزام بالخطط، وهي ما أعادهم إلى الواجهة.
أين يقف ريال مدريد الآن؟
فيما يخص ترتيب الدوري الإسباني، مع مباراة مؤجلة لريال مدريد، أصبح الفريق الآن على بعد نقطة واحدة فقط من المتصدر أتلتيكو مدريد، وهو ما يُبشر بمنافسة قوية على اللقب حتى اللحظات الأخيرة. من ناحية أخرى، بدأ المستوى الفني للفريق في التحسن الملحوظ، بفضل التعاون الجماعي والاستجابة السريعة من اللاعبين في التصحيح والانتقاد الذاتي. يظل أنشيلوتي، المدرب الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي للفريق، هو العامل الأساسي في هذه الصحوة، حيث يثبت مرة تلو الأخرى قدرته الفائقة على إدارة المواقف الصعبة بحنكة وخبرة كبيرة.
خلاصة الدرس: الصحوة تبدأ من داخل غرفة الملابس
في النهاية، قدم ريال مدريد درسًا مهمًا للجميع، وهو أن الصحوة تبدأ من الداخل، من غرفة الملابس حيث يُتخذ القرار الحاسم بالتغيير والتحسن. أنشيلوتي واللاعبون تعلموا أن الفشل لا يعني النهاية، بل يمكن أن يكون فرصة للتطور والنمو، ما يجعل هذا الفريق دائمًا قادرًا على العودة مهما كانت التحديات.