
دخل فيديريكو كييزا التاريخ عبر بوابة “آنفيلد رود” بعدما كُشف الستار عن أسرارٍ تكتيكيةٍ دامغةٍ كان يحلم بها ماسيميليانو أليجري منذ أكثر من أربع سنوات، حين أنبأ بتطور جناح يوفنتوس السابق إلى مهاجمٍ مركزيٍّ قادرٍ على حسم المباريات. وها هو أرسنال ليفربول، تحت قيادة المدرب الهولندي أرني سلوت، يوفر الفرصة الذهبية لإيطاليا كييزا كي يجني ثمار نصيحة أليجري الشهيرة، رغم خيبة التعادل المريرة 3-2 أمام برايتون في الجولة الختامية للبريميرليج.
رؤيةٌ احترافيةٌ منذ 2021
حين تولى ماسيميليانو أليجري دفة يوڤنتوس في صيف 2021، لم يكن يكتفي بإدارة خططه الدفاعية الهجومية فحسب، بل رسم معالم مستقبل قيصر إيطاليا. قال المدرب الإيطالي، وفق ما نقل موقع Football Italia:
“أخبرت فيديريكو أنه يمتلك إمكاناتٍ هائلة للعب كمهاجم وسطٍ أو مهاجم داعم… التركيز على تسجيل الأهداف يجب أن يكون طموحه.”
كانت تلك الكلمات “زرًّا تكتيكيًّا” في عقل كييزا الصغير آنذاك، لكنها تبلورت تدريجيًّا مع الأيام. ومع انتقاله الصيفي 2023 إلى ليفربول، توقع الجميع براعته على الأطراف فقط، لكن سلوت كشف عن رغبةٍ رهيبةٍ في توظيفه أكثر قربًا من منطقة الجزاء، في دورٍ أشبه بـ”الرقم 9.5” الصريح.
تقارب الأفكار على أرض الواقع أمام برايتون

في مواجهة برايتون التي احتضنها ملعب “فالمر”، واجه كييزا تحدي العودة من أربعة أشهرٍ غيابٍ بسبب إصاباتٍ عضليةٍ متكررةٍ. ورغم ساعات التمرين المعدودة في باخرة الرحلة الإنجليزية، قرر سلوت منحه الفرصة الأولى كأساسيٍّ في مركزٍ أماميٍّ وسط ثلاثي الهجوم إلى جانب محمد صلاح وديوغو جوتا.
• الدقيقة 21: كسر كوليبالي الارتداد وسلّمه الكرة لقيصر لتأسيس هجمةٍ من العمق.
• الدقيقة 42: انفرد كييزا وسدد بجوار القائم، في لقطةٍ تذكّرنا ببداية صراعه مع الشباك.
• الدقيقة 68: انطلق من الجهة اليمنى إلى قلب الملعب، ومرر كرة في عرض المنطقة لصلاح، ما يؤكد “ثقة سلوت” في تناغم الثنائي البرتغالي-الإيطالي.
وعقب المباراة، قال سلوت مديحًا صارخًا:
“أكبر ميزة لدى فيديريكو هي موهبته في تسجيل الأهداف، لذا كلما زادت دقائقه قرب المرمى، ارتفعت فرصه. قدم أكثر مما توقّعت، ولعب بأداءٍ يفوق غياب أربعة أشهر كامل.”
أرقامٌ تكذّب الانتقادات
رغم التعثر 3-2، أظهرت الإحصائيات أن كييزا شارك في 4 هجماتٍ خطرةٍ وصنع 2 فرصٍ حاسمة، بلمسٍ للكرة بلغ 37 مرةً ودقة تمريرٍ 82%. وهذه الأرقام تُظهر قدرته على الابتكار داخل صندوق العمليات، شاهدًا حيًّا على تطورٍ ربما يبشر بموسمٍ من الأهداف والتمريرات الرهيبة.
من لاعب طرفٍ إلى مهاجمٍ متكاملٍ

لم يعد فيديريكو كييزا ذلك الجناح السريع الذي يعتمد على الركض طويلاً على الأجنحة فحسب، بل أصبح أكثر قراءةً للمباراة وقدرةً على استغلال المساحات الضيقة خلف المدافعين. وخلال تدريبات ليفربول، لاحظ المتابعون سرعة استجابته للتعليمات الجديدة، مع حرصٍ على تنويع مواقعه لخلق مفاجآت دفاعية، ما يتماشى مع نصيحة أليجري قبل أعوامٍ.
فرصٌ مُتاحةٌ في الفترة المقبلة
يستعد ليفربول لملاقاة كريستال بالاس في الجولة الختامية من البريميرليج يوم الأحد المقبل، قبل أن يشرع في الإعداد للموسم الجديد. وستكون فرصة قيصر إيطاليا أمام أرسنال في كأس الدرع الخيرية، حيث يمكنه تأكيد موقعه في التشكيلة المركزية لدى سلوت، وإزاحة بعض الشكوك حول مدى جاهزيته التكتيكية والبدنية.
الخاتمة: ولادةٌ جديدةٌ لنجوميةٍ عالميةٍ
من يومٍ كان يلعب في تورينو إلى صيفٍ يضعه تحت أضواء “آنفيلد رود”، حقّق فيديريكو كييزا حلم أليجري القديم: أن يتحول إلى مهاجمٍ داعمٍ يملك “أنفًا تهديفيًا” فريدًا. وإذا استمر في تلقي دقائقٍ منتظمةٍ في قلب الهجوم، فقد يمر على الموسم المقبل بمسيرةٍ من الأهداف لا تُنسى، ويعيد رسم خارطة “الملك الإيطالي” في ملاعب البريميرليج.