
يستعد النادي الأهلي لخوض مواجهة القمة أمام غريمه التقليدي الزمالك في لقاء مثير يتصدره العديد من التساؤلات حول الخيارات التكتيكية للمدرب مارسيل كولر. ففي ظل ضغوط المنافسة وترقب الجماهير، قرر كولر اتخاذ خطوات جريئة قد تثير جدلاً واسعًا بين عشاق الفريق، وذلك عبر تعديل تشكيلة البداية بطريقة غير معتادة تجمع بين التجديد والثقة في اللاعبين الصاعدين. وفي هذا السياق، شهدت التشكيلة تغييرات عدة كان من أهمها غياب النجم المغربي المنتظر أشرف بن شرقي من التشكيلة الأساسية واستبداله بعدة اختيارات جديدة أثارت ردود فعل متفاوتة.
من أبرز القرارات التي اتخذها كولر كان التخلي عن اللاعب الذي اعتاد أن يشكل عنصراً أساسياً في خط الدفاع على الجهة اليسرى، حيث جاء قرار المدرب بإدخال أحمد نبيل كوكا في مركز الظهير الأيسر بدلًا من الاعتماد على كريم الدبيس الذي كان يتألق في الفترة الأخيرة. هذا التغيير الذي اعتبره البعض خطوة مخاطرة، فقد أثار انتقادات حادة على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل جماهير الأهلي، التي ترى أن كريم الدبيس كان يمثل الخيار المثالي لهذه المنطقة من الملعب. إلا أن كولر بدا واثقًا من قراراته، مؤكدًا أن الهدف من هذه التغييرات هو إعادة هيكلة الأداء الدفاعي والجناح بما يتلاءم مع المتطلبات التكتيكية للمباراة.
وفي نفس السياق، قرر المدرب السويسري أيضًا تعديل خط وسط الفريق عبر اختيار لاعب الوسط أحمد رضا ليبدأ إلى جانب النجم مروان عطية. هذه الخطوة جاءت بهدف تعزيز القدرة على التحكم بوسط الملعب والارتقاء بجودة التمريرات والتحركات الديناميكية بين الخطوط، مما يساعد الفريق على خلق فرص هجومية أكثر فاعلية. إن التناسق بين أحمد رضا ومروان عطية قد يكون له تأثير كبير على مسار اللقاء، خاصةً في مواجهة فريق مثل الزمالك الذي يتمتع بتنظيم تكتيكي عالي ويعتمد على التحولات السريعة في اللعب.
وبجانب تلك التغييرات في الخط الدفاعي والوسط، قرر كولر إجراء تبديل آخر على مستوى التشكيلة الهجومية، حيث تم إبراز ثقة المدرب في اللاعب الصاعد محمد عبدالله من خلال إشراكه في مركز الجناح الأيسر. وعلى الرغم من قلة خبرة اللاعب مقارنة ببعض أقرانه، إلا أن الأداء المتميز الذي قدمه في المباريات الأخيرة دفع كولر لتوفير الفرصة له في هذا الدور الهام، مما يعطي إشارات إيجابية حول مستقبل الفريق إذا ما استمر اللاعب في تطوير أدائه. دخول محمد عبدالله لا يعني فقط إبراز المواهب الشابة، بل يمثل أيضًا قرارًا استراتيجيًا يعتمد على المزيج بين الخبرة والطموح الشبابي في صفوف الفريق.
هذا التغيير في تشكيلة البداية أثر أيضًا على قرارات المدرب فيما يخص المهاجمين. فقد قرر كولر إبقاء المهاجم الفلسطيني وسام أبو علي على دكة البدلاء، مما يشير إلى أن الأولوية ستُمنح في مركز الهجوم للمهاجم السلوفيني نجيك غراديشار الذي سيقود الخط الهجومي كخيار أساسي في مركز رأس الحربة. قرار إبقاء وسام أبو علي على مقاعد البدلاء يثير تساؤلات حول مدى الاستفادة القصوى من قدراته الهجومية في مواجهة خصم لا يستهان به، خاصةً في ظل رغبة الفريق في استغلال كل فرصة لتحقيق التفوق في اللقاء.
ومن الجدير بالذكر أن صفقة أشرف بن شرقي الجديدة، التي كانت محور انتظار جماهير الأهلي بفارغ الصبر، لم تشهد مشاركته في التشكيلة الأساسية، إذ تم الاحتفاظ به على دكة البدلاء. ويبدو أن قرار المدرب بإبقائه خارج التشكيلة الأولية يعود إلى تقييمه لحالته البدنية والفنية في الفترة الحالية، فضلاً عن حاجته لتوفير الوقت الكافي للاعب للتأقلم مع متطلبات الفريق الجديدة. هذا القرار يعكس نظرة استراتيجية من كولر تقوم على موازنة الخبرات القديمة مع الوجوه الجديدة، وهو ما قد يؤثر إيجابًا على تطوير الأداء العام للفريق على المدى الطويل.

المواجهة المرتقبة بين الأهلي والزمالك ليست مجرد مباراة دوري عادية، بل تُعد واحدة من أهم اللقاءات في الدوري المصري الممتاز، نظراً للتنافس الشديد بين الفريقين ومكانتهما في قمة جدول الترتيب. ففي ظل هذه الأجواء، يتوجب على المدربين اتخاذ قرارات تكتيكية دقيقة تتماشى مع الضغوط والتحديات المتزايدة، وهو ما يفسر اعتماد كولر على خيارات تبديلية جريئة في مواجهة غريمه التقليدي. يرى البعض أن هذه القرارات قد تكون مصيرية في تحديد مجريات المباراة، إذ أن أي خطأ تكتيكي أو تأخير في التكيف مع متغيرات المباراة يمكن أن يكلف الفريق نقاطاً ثمينة في صراع اللقب.
من جهة أخرى، لا يمكن إغفال تأثير القرارات الفردية على الحالة النفسية للاعبين قبل بدء اللقاء. فبعض التعديلات، مثل تبديل كريم الدبيس بإدخال أحمد نبيل كوكا، قد يخلق حالة من الاستغراب لدى المشجعين الذين اعتادوا على رؤية الدبيس في هذا المركز، مما يزيد من حدة النقاش حول مستقبل اللاعبين وخيارات المدرب. إلا أن مثل هذه التغييرات قد تحمل في طياتها إيجابيات من حيث تجديد النشاط والحماس داخل الفريق، حيث يمكن للاعبين أن يستجيبوا بشكل إيجابي لتحديات جديدة تُساهم في تحسين أداء الفريق على المدى القصير والبعيد.
كما أن القرار بالتخلي عن بعض اللاعبين المألوفين في الخط الأساسي، مثل إبقاء المهاجم وسام أبو علي على مقاعد البدلاء، قد يشير إلى محاولة المدرب لإعادة تنظيم الخط الهجومي بشكل يضمن استغلال إمكانات اللاعبين بشكل أمثل. في ظل المنافسة الشديدة على مراكز البداية، تبرز أهمية التحفيز المستمر للاعبين على تطوير أدائهم والتنافس على الحصول على الفرصة للظهور في المباريات الكبيرة. إن مثل هذه البيئة التنافسية قد تؤدي إلى نتائج إيجابية إذا ما تم إدارتها بشكل جيد، حيث يسعى اللاعبون إلى تقديم أفضل ما لديهم لإثبات جدارتهم أمام الجهاز الفني والجماهير.
على صعيد التكتيك الفني، يعتمد كولر على مزيج من المرونة والانضباط في تنظيم الصفوف، مما يتيح له التكيف مع متغيرات المباراة بسرعة وكفاءة. فقد ظهر ذلك جلياً في الاختيارات التي قام بها، حيث لم يكن الهدف الوحيد هو الاعتماد على النجم المعروف فحسب، بل كان هناك رغبة واضحة في استغلال كل الخيارات المتاحة لتعزيز الأداء الجماعي. هذه الاستراتيجية تتيح للفريق القدرة على تغيير نمط اللعب في اللحظات الحاسمة، سواء بالاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة أو بالتحكم في وتيرة المباراة عبر الاستحواذ على الكرة.
ولا يخفى أن مثل هذه القرارات التكتيكية تحمل في طياتها مخاطرة كبيرة، إذ أنها قد تؤدي إلى تغييرات في طريقة لعب الفريق وثباته داخل الملعب. لكن في الوقت نفسه، يمكن أن تكون مفتاحًا لإحداث الفرق في المباريات التي تتطلب جرأة في الاختيارات واستعدادًا للتعامل مع الضغط الكبير الناتج عن مواجهات القمة. إن التجربة الكبيرة التي يمتلكها كولر مع الأندية الكبرى تمنحه القدرة على تقييم الخيارات بشكل مدروس، وهو ما يظهر جلياً في هذه التشكيلة المختارة بعناية فائقة.
يأتي هذا التغيير في التشكيلة في وقت حاسم من الموسم، حيث يسعى الأهلي لتعزيز موقعه في صدارة جدول الترتيب ومواصلة التنافس القوي مع الفرق المنافسة. وفي ظل هذه الظروف، يتعين على اللاعبين أن يتعاملوا مع التغييرات بروح قتالية عالية وأن يظهروا استعدادًا تامًا لتحمل المسؤولية في كل دقيقة من المباراة. إن التحدي يكمن في كيفية تحويل القرارات الجريئة إلى أداء ميداني متماسك يضمن تحقيق النتائج المرجوة في مواجهة أحد أبرز خصومهم.
على الرغم من الانتقادات التي تلقتها بعض الاختيارات من قبل جماهير الأهلي على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن مثل هذه الآراء قد لا تعكس بالضرورة الصورة الكاملة لما يقوم به الجهاز الفني خلف الكواليس. ففي كثير من الأحيان، تعتمد القرارات التكتيكية على تقييمات دقيقة للحالة البدنية والنفسية للاعبين، بالإضافة إلى دراسة مفصلة لأسلوب لعب الخصم. لذا فإن كل تبديل وكل قرار يعتمد على معايير فنية دقيقة تهدف في النهاية إلى تحقيق أفضل أداء ممكن للفريق.
من جانب آخر، تعتبر مواجهة القمة بين الأهلي والزمالك مناسبة مثالية لاستعراض تجارب اللاعبين القدامى والجدد على حد سواء، مما يساهم في خلق توازن بين الخبرة والحماس الشبابي. هذا المزيج من العناصر قد يكون هو العامل الحاسم في تحديد مجريات المباراة، خاصةً إذا ما تمكن الفريق من التكيف مع الضغوط وتفادي الأخطاء التي قد تكلفه نقاطًا ثمينة. وفي هذا السياق، تبرز أهمية إعداد الفريق على مستوى نفسي وفني من خلال التدريبات المركزة والتحضيرات الذهنية التي تساعد اللاعبين على مواجهة التحديات الكبيرة في مثل هذه اللقاءات.
وتظل المنافسة على لقب الدوري المصري الممتاز موضوعًا يتصدر عناوين الصحف والمواقع الرياضية، حيث يسعى الجميع لتحقيق الانتصارات التي تعزز من فرص التأهل للمسابقات القارية وتأكيد الهيمنة على الساحة المحلية. إن التشكيلة الجريئة التي أعلن عنها كولر تعتبر خطوة ضمن استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إعادة بناء الفريق بطريقة تضمن توازناً بين الأصالة والتجديد، مما يعزز من فرص الأهلي في المنافسة على جميع الأصعدة.

عند النظر إلى الخيارات التي اتخذها كولر في هذا اللقاء، يظهر جليًا أن هناك رؤية استراتيجية مدروسة تهدف إلى اختبار قدرات اللاعبين تحت ظروف مباراة الضغط العالي. فكل قرار تم اتخاذه في هذه التشكيلة يحمل بين طياته رسالة واضحة عن رغبة المدرب في الابتعاد عن التقليدية والاعتماد على المرونة التكتيكية. إن مثل هذه الاستراتيجية إذا ما نجحت في تحقيق النتائج المرجوة، فقد تشكل نموذجًا يُحتذى به في المباريات القادمة، حيث يمكن اعتبارها خطوة نحو تطوير فلسفة اللعب الجماعي للفريق.
من ناحية أخرى، تبرز هذه التشكيلة أهمية إعطاء الفرصة للاعبين الصاعدين مثل محمد عبدالله، الذين يمثلون مستقبل الفريق إذا ما تمكنوا من استغلال الفرص المتاحة لهم بشكل مثالي. إن ثقة المدرب في هؤلاء اللاعبين تُعد بمثابة دعم نفسي كبير، يمكن أن ينعكس إيجابًا على مستوى الأداء الفردي والجماعي في الميدان. وفي ظل المنافسة المحتدمة على مراكز البداية، يظهر هذا القرار كخطوة جريئة لتجديد الدماء وتوفير بدائل قادرة على إثبات نفسها في الأوقات الحرجة.
وبينما يستعد الأهلي لخوض هذه المواجهة الهامة على أرض ملعب القاهرة الدولي، يبقى السؤال قائمًا حول مدى قدرة اللاعبين على التكيف مع التغييرات الجديدة والاستجابة للتحديات التكتيكية التي قد يفرضها اللقاء. إن القرارات الجريئة التي اتخذها كولر تحمل في طياتها مخاطر وفرصًا على حد سواء، ويظل الأداء الميداني هو الحكم النهائي على صحة هذه الخيارات. في مثل هذه المباريات التي تجمع بين الكبار، يتوجب على الفريق أن يظهر روح قتالية عالية وانضباطًا تكتيكيًا لا يسمح لأي ثغرة أن تُستغل من قبل الخصم.
من المؤكد أن هذه المواجهة ستوفر مادة غنية لتحليل الأداء الفني والنفسي للفريق، وستكون بمثابة اختبار حقيقي لقدرة الأهلي على مواجهة التحديات الكبيرة والاستفادة من كل فرصة لتحسين مستواه قبل الدخول في مراحل حاسمة من الموسم. ويترقب عشاق الفريق بشغف النتائج التي ستخرج من هذا اللقاء، حيث أن كل تغيير تكتيكي وكل قرار فني يمكن أن يكون له تأثير بعيد المدى على مسيرة الفريق في الدوري.
وفي نهاية المطاف، تظل مباراة القمة بين الأهلي والزمالك مناسبة لإظهار مدى تطور الفكر التكتيكي وتعدد الخيارات المتاحة للمدربين في ظل المنافسة الشديدة على كل نقطة في الدوري المصري الممتاز. الخطط الجريئة والاختيارات المبتكرة التي يتخذها كولر ليست مجرد تجارب عابرة، بل هي جزء من رؤية استراتيجية تسعى إلى إعادة صياغة ملامح الفريق وجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات في كل مباراة. وبينما تظل الجماهير مراقبة عن كثب لكل تفاصيل التشكيلة والأداء في أرض الملعب، يبقى الأمل معقودًا على أن تُثمر هذه القرارات عن نتائج إيجابية تُعيد للفريق أمجاده وترسم له طريقًا واضحًا نحو تحقيق الأهداف الكبرى.