تفاصيل العقوبة وظروفها
في مفاجأةٍ جديدةٍ للفريق الأبيض، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الاثنين، تجميد تسجيل لاعبين جدد لفريق نادي الزمالك المصري خلال ثلاث فترات انتقالات مقبلة، وذلك على خلفية تأخر النادي في سداد المستحقات المالية للمدرب البرتغالي السابق جايمي باتشيكو.
ووفق بيانٍ رسميٍ نشره الفيفا، فإن المبلغ المستحق لباتشيكو يتجاوز 880 ألف دولار أميركي، ويأتي هذا القرار عقب أيام قليلةٍ على عقوبةٍ مماثلةٍ صدرت ضد الزمالك بسبب مستحقات اللاعب المغربي خالد بوطيب.
أوضح الفيفا في قراره أن الزمالك لم يوفِّ بالتزاماته تجاه باتشيكو بعد انتهاء عقده في 2021، رغم صدور حكمٍ تحكيمي نهائيٍ يلزم النادي بدفع كامل المبلغ. وبموجب اللائحة المنظمة لانتقال اللاعبين، فإن أي فريقٍ يتأخر في تسوية التزاماته المالية تجاه مدربٍ أو لاعبٍ يُعرض نفسه لعقوبةٍ تمنع تسجيل لاعبين جدد حتى إنهاء القضية.
ولما كان الزمالك يواجه بالفعل عقوبةً عن ملف خالد بوطيب، فقد جاء قرار الفيفا الأخير موجعًا؛ إذ إن الفريق لن يتمكن من إضافة لاعبين طوال صيف 2025، وشتاء 2026، وصيف 2026.
تداعيات فنية على استعدادات الموسم الجديد
يأتي هذا الحظر في توقيتٍ حرجٍ للغاية، حيث يبدأ الزمالك استعداداته للموسم الجديد بموسمٍ محليٍ قاريٍ مزدحمٍ بالتحديات. فالفريق مقبلٌ على المشاركة في دوري أبطال إفريقيا بعد تتويجه بالسوبر المحلي، ويحتاج لتعزيز خطوطه الدفاعية والهجومية قبل انطلاقة المرحلة الأولى من الدوري المصري.
ومع عدم القدرة على صفقات تعزيزٍ تقوي الجبهة الأمامية أو العمق الدفاعي، فإن الجهاز الفني – بقيادة هاني الأبشناوي – سيضطر للاعتماد على عناصرٍ شابةٍ ولاعبين من داخل الفريق الأولمبي، ما قد يفرضه في تحدٍ كبيرٍ لتحصيل النتائج.
تراكم القضايا وأزمة السيولة

لا يقتصر ملف البطولات المعلقة على قضية باتشيكو وبوطيب؛ بل يمتد إلى أكثر من خمسين دعوىً قضائيةً مرفوعةٍ ضد إدارة القلعة البيضاء منذ عامين، منها قضايا متعلقة بمستحقات لاعبين قدموا خدماتهم منذ فترةٍ طويلةٍ، وأخرى خاصةٌ بشركات نقل لاعبين وتحويلاتٍ خارجية.
وقد بلغت قيمة هذه الالتزامات التي اعتمدت عليها تقاريرٌ صحفيةٌ نحو 30 مليون دولارٍ، مما وضع النادي في موقعٍ ضعيفٍ أمام الاتحاد الدولي والأندية التي سبق أن ضمَّت لاعبيه.
رد الإدارة وقراءة سيناريو الحلول
على الرغم من صعوبة الموقف، انتقد عددٌ من أعضاء الجمعية العمومية تجاوب الإدارة مع مطالب سداد المستحقات، معتبرين أن غياب الشفافية في ملف الحسابات المالية سحب البساط من تحت أقدامهم.
وفي مقابل ذلك، أعلنت مصادرٌ مقربةٌ من مجلس الإدارة عن خطةٍ طارئةٍ للاقتراضِ الفوريٍّ من بنوكٍ محليةٍ، أو التواصل مع رعاة جددٍ لتوفير السيولة اللازمة لرفع الحظر عن الفريق.
كما تردد أن النادي يفكر في فتح باب “نجوم المستقبل” لجمع تبرعاتٍ من الأعضاء والرواد عبر نظامِ "الناشئين المستثمرين"، على أن يتم سداد المبالغ المتجمعة تدريجيًا.
الجمهور بين الانتظار والغضب
على المدرجات، تباينت ردود الفعل بين الاستياء من الإخفاق الإداري ورفض ما وصفوه بأنه "ابتزازٌ للنادي" من قبل بعض الأطراف، وبين الأمل في تجاوز الأزمة عبر "حلولٍ مستعجلةٍ"، وكثرت الدعوات لاستعادة هيبة القلعة البيضاء بالتحرك الجادٍّ لمعالجة الملف المالي قبل حلول الموسم.
وقد نشر عددٌ من المشجعين هاشتاجاتٍ على مواقع التواصل مثل #ارحل_يا_أمناء و#شفافية_يا_زمالك، مطالبين بتشكيل لجنةٍ محايدةٍ لمراجعة الحسابات وتقديمها إلى الجمعية العمومية في أقرب وقت.
خريطة الطريق لإنهاء المشكلات

يحتاج الزمالك إلى تنفيذ عددٍ من الخطوات الضرورية في الأيام المقبلة، لضمان رفع العقوبة والعودة بقوة للمنافسة:
1. تسوية مستحقات باتشيكو وبوطيب فورًا:
عبر التحويلات البنكية أو اتفاقٍ تقسيطيٍ مقبولٍ من الجهات الدولية.
2. تفعيل آليةٍ رقابيةٍ داخليةٍ شفافةٍ:
تشمل فحصًا خارجيًا (Audit) خلال 30 يومًا.
3. الحوار مع الجهات الراعية المباشرة:
للبطولات المحلية والإفريقية، للحصول على الدعم القانوني وتمكين الاستمرار في القيد القاري.
4. إعادة هيكلة قانونيةٍ لميزانية الكرة:
تضمن تخصيصًا ثابتًا لسداد الالتزامات في مواعيدها دون التأثير على خطط التعاقدات.
ختامٌ مفتوحٌ على المستقبل
بينما تتوالى الضربات الإدارية والفنية على رأس القلعة البيضاء، يبقى السؤال الأهم: هل سيتعظ مسؤولو الزمالك من الأزمة المزدوجة التي تواجههم على مستوى البطولات والقانون، أم أنهم سيكتفون بمحاولاتٍ ترقيعيةٍ قد يعجزون أمامها عن الوقوف على قدميهم؟
وفي ظل تحدياتٍ كبيرةٍ قريبةٍ في دوري الأبطال الإفريقي وأزماتهم المالية المتراكمة، لا بدَّ أن تختار إدارة النادي مسارًا حاسمًا يضمن تجاوز هذه المرحلة والعودة بأوراقٍ قانونيةٍ وفنيةٍ جديدةٍ تعيد الثقة للملايين من أنصار الأبيض.