
يظل اسم نور الدين بن زكري يشغل الأذهان في الوسط الكروي، خاصةً في ظل التطورات الأخيرة التي أثيرت حول ملفه، إذ يتردد الحديث عن انتقاله لتولي تدريب المنتخب الإماراتي بصورة مؤقتة. تأتي هذه الأنباء في وقتٍ حساس بالنسبة له وللنادي الذي يتولى قيادته، فريق الخلود، الذي شهد تحولاته الإيجابية في دوري روشن السعودي. إذ إن الملف الذي يخص المدرب الجزائري الذي أثبت جدارته على صعيد إنقاذ عدة أندية من الهبوط، لا يزال يحظى بالاهتمام الإعلامي والنقاد الرياضيين الذين يتابعون عن كثب كل تفاصيل خطواته.
منذ أن أصبح بن زكري مديرًا فنيًا لفريق الخلود، وبدأ في إعادة ترتيب الأوراق بعد فترة عصيبة في بعض البطولات المحلية، استطاع أن يترك بصمته الخاصة. فقد استطاع في مواسم سابقة أن يقود أندية مثل الفيحاء وضمك في السعودية للنجاة من خطر الهبوط، مما أكسبه لقب “المنقذ” بين أوساط الجماهير والنقاد. وفي الفترة الأخيرة، تولى تدريب فريق الخلود خلفًا للبرتغالي باولو دوارتي، وذلك في أكتوبر الماضي، بعد تراجع نتائج الفريق بشكل ملحوظ. ومنذ توليه المهمة، شهد الفريق تحسنًا ملحوظًا، حيث تمكن من تحقيق نتائج إيجابية في دوري روشن، فتمكن من الوصول إلى المركز العاشر برصيد 31 نقطة في فترة زمنية قصيرة، مع لقطات مميزة مثل الفوز على الأهلي بتعادل إيجابي وفوز صعب أمام الاتحاد بنتيجة قريبة.
في ظل هذا النجاح المتزايد مع فريق الخلود، بدأت تتداول الأنباء حول إمكانية انتقال بن زكري لتولي تدريب المنتخب الإماراتي بصورة مؤقتة، وذلك بعد أن شهد الاتحاد الإماراتي لكرة القدم تغييرات في جهازه الفني عقب النتائج غير المرضية التي حققها المنتخب في تصفيات كأس العالم. وقد بدأت هذه الأنباء في الانتشار مع محاولات بعض المسؤولين الإماراتيين التواصل مع المدرب الجزائري، حيث تم طرح فكرة توليه تدريب المنتخب في المباراتين المتبقيتين ضد أوزبكستان وقيرغيزستان ضمن الدور الثالث من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026.
وفي هذا السياق، تناقلت وسائل الإعلام تصريحات متباينة من جهات مختلفة؛ فقد أكد الإعلامي أحمد الجدي عبر منصة “إكس” أن بن زكري لا يزال متمسكًا بقيادة فريق الخلود ولا توجد مفاوضات رسمية مع الاتحاد الإماراتي في الوقت الراهن. ومن ناحية أخرى، جاء الإعلامي عبد الرحمن العامر في برنامج “دورينا غير” معلنًا أن المفاوضات قد تمت بالفعل بين الطرفين، مشيرًا إلى أن ملف المدرب معقد ويتداخل معه موقف إدارة نادي الخلود، مما يجعل القرار النهائي مرتبطًا بتوازن مصالح عدة جهات.
في كواليس تلك المفاوضات، تبين أن أحد المسؤولين الإماراتيين قد تواصل مع بن زكري ليستوضح منه إمكانية تدريب المنتخب الإماراتي خلال المباراتين الأخيرتين. وأوضح المصادر أن الطلب تضمن شروطًا خاصة، إذ منح بن زكري وعدًا، أو ربما شرطًا، بأنه إذا استطاع المنتخب الإماراتي التأهل إلى كأس العالم 2026، فسيكون مدرب المنتخب في تلك البطولة، أو في حال عدم استمرارية المدرب الحالي، فإنه سيحصل على مكافأة مالية كبيرة، وذلك كجزء من تعويضات انتقالية أو لضمان استمرارية العمل على المشروع الفني للمنتخب.

هذا الطلب الخاص جاء في وقتٍ يشهد فيه المنتخب الإماراتي تحولًا في طريقة إدارته بعد نتائج غير مرضية في التصفيات. فقد شهد المنتخب خسارة أمام إيران بنتيجة 0-2، تلاها فوز على كوريا الشمالية بنتيجة 2-1 خلال شهر مارس، مما دفع الاتحاد الإماراتي إلى اتخاذ خطوات جذرية بإقالة البرتغالي باولو بينتو وجهازه الفني المساعد من تدريب المنتخب الأول. ويأتي ذلك في إطار سعي الاتحاد لإعادة ترتيب الأوراق الفنية وتقديم مشروع جديد يعكس تطلعات الجماهير ورؤية مستقبلية أكثر حزمًا في المنافسات الدولية.
من الناحية التكتيكية والفنية، يعتبر بن زكري من المدربين الذين يمتلكون نظرة متعمقة للفريق وقدرة على التعامل مع ضغوط المباريات الكبرى. خبرته التي اكتسبها في إنقاذ أندية سعودية من خطر الهبوط، إلى جانب النتائج الإيجابية التي حققها مع فريق الخلود في دوري روشن، جعلت منه خيارًا مناسبًا للتحدي الذي يواجه المنتخب الإماراتي في التصفيات الآسيوية. هذه التحديات تتطلب لاعبًا ذكيًا قادرًا على قراءة المباراة وإدارة الضغوط الفنية والنفسية في آن واحد، وهو ما يُعتقد أن بن زكري يمتلكه بفضل تجربته الواسعة.
إضافة إلى ذلك، فإن ملف بن زكري يحمل طابعًا شخصيًا مميزًا، حيث يُعرف عنه أنه لا يتخذ القرارات بشكل سريع أو متسرع، بل يقوم بدراسة الأوضاع وموازنة المواقف قبل اتخاذ أي خطوة. هذا النهج التحليلي جعله يحظى بثقة المسؤولين في الأندية التي عمل بها سابقًا، وفي الوقت نفسه يجعل المفاوضات معه عملية تتطلب وقتًا وتفاهمًا متبادلًا بين الأطراف المختلفة.
وفي ظل هذه التطورات، يتزايد التساؤل حول مستقبل المنتخب الإماراتي نفسه، خاصةً وأن ترتيب المنتخب في التصفيات يشير إلى ضرورة بذل جهود إضافية لتحسين النتائج وتأمين مكان ضمن الفرق المتأهلة مباشرة إلى كأس العالم 2026. إذ يحتل المنتخب الإماراتي المركز الثالث برصيد 13 نقطة في مجموعته، خلف المنتخب الإيراني الذي يتصدر المجموعة برصيد 20 نقطة، وأوزبكستان في المركز الثاني برصيد 17 نقطة. كما أن الفرق الأخرى في المجموعة، مثل قطر وقيرغيزستان وكوريا الشمالية، تبقى تحمل تحدياتها الخاصة، مما يزيد من أهمية اتخاذ خطوة فنية جريئة لتصحيح المسار.
تلك التحديات تضع على عاتق الاتحاد الإماراتي مسؤولية كبيرة في إعادة بناء جهازه الفني واختيار الشخص المناسب الذي يمكنه تحقيق التوازن بين الأداء الفني والروح القتالية التي يحتاجها المنتخب في هذه المرحلة الحاسمة. وفي هذا السياق، يبرز ملف بن زكري كخيار محتمل يجمع بين الخبرة والقدرة على التعامل مع الضغوط، خاصةً في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها الفرق المشاركة في التصفيات الآسيوية.
ومن جهة أخرى، يعتبر تأثير مثل هذه الانتقالات أو التعيينات المؤقتة عاملًا مهمًا من الناحية التسويقية والإعلامية، حيث إن اختيار مدرب يحمل رؤية فنية واضحة وقدرة على التواصل مع اللاعبين والجماهير يمكن أن يسهم في رفع مستوى التفاعل الإعلامي والتجاري مع المشروع الكروي للمنتخب. هذا الأمر لا يقتصر على الجانب الفني فحسب، بل يمتد إلى تعزيز صورة الاتحاد والإدارة لدى المتابعين والرعاة الرياضيين الذين يراقبون عن كثب التحركات الفنية والإدارية في الأندية والمنتخبات.
على الرغم من التباين في التصريحات الإعلامية حول ملف بن زكري، يبقى الواضح أن القائمين على شؤون المنتخب الإماراتي يسعون لإيجاد حلول مبتكرة وفعالة تضمن تحسين الأداء في المرحلة القادمة من التصفيات الآسيوية. وفي هذا السياق، يُنظر إلى فكرة تعيين بن زكري كخطوة جريئة يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة أمام المنتخب، خاصةً إذا ما تمكن من استغلال خبرته في التعامل مع الضغوط الكبيرة وتقديم أداء مميز في المباريات الحاسمة.
بينما تستمر المفاوضات وتتعقد الأمور بين الإدارة الفنية لنادي الخلود والاتحاد الإماراتي، تظل الأحاديث والتكهنات حول مستقبل المدرب الجزائري حاضرة بقوة في الساحة الرياضية. هذه المفاوضات التي تتم في كواليس الأندية تعكس مدى تعقيد القرارات التي تتخذها الإدارات الرياضية في ظل التنافس الشديد على المستوى الدولي، حيث أن كل خطوة تُتخذ تحمل معها تأثيرات بعيدة المدى على مسار الفرق والمنتخبات.
وفي ظل هذه الأحداث، يظل بن زكري في موقف حرج يتطلب منه اتخاذ قرار قد يشكل نقطة تحول في مسيرته المهنية. فخلافًا للمدربين الذين يفضلون الاستقرار والتمسك بالمشاريع القائمة، يبدو أن خيار التحدي وتولي مسؤولية منتخب يمثل فرصة لإظهار قدراته في مواجهة تحديات جديدة وعلى نطاق أوسع. هذا القرار لا يخلو من المخاطر، خاصةً وأنه يتعين عليه تحقيق نتائج إيجابية في فترة زمنية قصيرة قبل المواجهتين الأخيرتين في التصفيات، ما سيشكل اختبارًا حقيقيًا لمدى جاهزيته وقدرته على قيادة المنتخب في مراحل التصفيات النهائية.

لا شك أن ملف بن زكري يثير الكثير من الجدل بين محبي الكرة والجمهور الرياضي، إذ يُنظر إليه كأحد الخيارات التي قد تحدث تغييرًا إيجابيًا في الأداء الكروي للمنتخب الإماراتي التصفيات المؤهلة لكأس العالم اسيا. وبينما تستمر الأحاديث والتقارير في تداول تفاصيل المفاوضات والظروف المحيطة بهذا الملف، يبقى السؤال معلقًا: هل سيتمكن بن زكري من تحقيق المطلوب وإعادة المنتخب الإماراتي إلى طريق التأهل المباشر لكأس العالم؟ أم أن الأمور ستتخذ مسارًا آخر قد يفرض عليه العودة إلى إدارة مشروعه الحالي مع نادي الخلود؟
في ضوء هذه التساؤلات، يتضح أن ملف نور الدين بن زكري ليس مجرد قضية انتقالية عابرة، بل هو قضية تحمل في طياتها آمالًا وطموحات كبيرة من جانب إدارة الاتحاد الإماراتي وكافة المعنيين بمستقبل المنتخب. كل ذلك يجعل من هذه المفاوضات حدثًا رياضيًا يستحق المتابعة الدقيقة، إذ أنه قد يشكل بداية فصل جديد في تاريخ الكرة الإماراتية، يحمل معه تحديات وفرصًا كبيرة على حد سواء.
بكل تأكيد، يبقى الوقت كفيلًا بإظهار مصير هذه المفاوضات، وما إذا كان بن زكري سيصبح الوجه الجديد للمنتخب الإماراتي أو سيستمر في قيادة فريق الخلود الذي استطاع أن يثبت جدارته في دوري روشن السعودي. وما يميز هذه المرحلة هو التداخل بين القرارات الفنية والإدارية التي تُتخذ على مستوى عالٍ، وبين الضغوط الإعلامية التي تسعى دائمًا لتسليط الضوء على تفاصيل لا تنتهي من ملف المدرب الجزائري.
من خلال هذا الملف، نجد أنفسنا أمام لوحة معقدة تتداخل فيها مصالح عدة جهات؛ مصالح نادي الخلود الذي يعتبر المشروع الحالي لبن زكري، ومصالح الاتحاد الإماراتي الذي يتطلع إلى تجديد الجهاز الفني للمنتخب في وقت حاسم، وأخيرًا مصالح الجماهير التي تنتظر بفارغ الصبر رؤية أداء مميز يعكس طموحاتها وتطلعاتها نحو مستقبل مشرق في المنافسات الدولية. هذه الصورة الكاملة تجعل من ملف بن زكري حدثًا رياضيًا يستحق المتابعة عن كثب، حيث أن كل خطوة تُتخذ في هذا الملف قد تحمل آثارًا تتجاوز حدود المباراة الواحدة لتصل إلى تغيير حقيقي في مسار الكرة الإماراتية.
وبينما يتراقص الحراك في كواليس هذه المفاوضات، تبقى التوقعات والتكهنات جزءًا لا يتجزأ من المشهد الرياضي الحالي، مما يعكس عمق الشغف والتنافس بين مختلف الأطراف للوصول إلى القرار الأمثل الذي يضمن النجاح والاستقرار الفني. في النهاية، ستبقى هذه المرحلة من الملف مشهدًا يعبر عن مدى تعقيد عالم كرة القدم الحديث، حيث تتداخل الأبعاد الفنية والإدارية والاقتصادية في اتخاذ قرارات قد تحدد مستقبل الأندية والمنتخبات على المدى الطويل.