بعد صيفٍ ساخنٍ بأحداثه التكتيكية والإدارية، يستمر ريال مدريد في حصد عناوين الصحف العالمية بإضافة هدفٍ جديدٍ إلى رصدته الصيفية: الشاب الإكوادوري بييرو هينكابي، قلب الدفاع الفذّ من باير ليفركوزن، الذي طفا اسمه بقوةٍ في سوق الانتقالات، تاركًا بصماتٍ مع منتخب الإكوادور وأحد أبرز المواهب القادرة على صناعة اختلاف دفاعي هائل في كتيبة تشابي ألونسو.
رحيل أنشيلوتي وصحوة “الميرينغي”
لم يكد عشاق الميرينغي يلتقطون أنفاسهم بعد إعلان نهاية حقبة كارلو أنشيلوتي، التي اتسمت بمرورٍ قاتمٍ على الألقاب المحلية والقارية، قبل أن ينطلق تشابي ألونسو في أولى السفن مع الفريق الأول. وحين ودّع ريال لقب الليغا وكأس السوبر الإسباني وغيرهما من المنصات، كان القرار بالانتقال إلى “سياسة استعادة القوة الدفاعية” صارمًا. فمع وصول ترينت ألكسندر-أرنولد ودين هاوسن إلى النادي مجانًا أو مقابل تفعيل شروطٍ جزائية، بدا واضحًا أن العاصمة الإسبانية تضع نصب عينيها إعادة إطلاق مشروعٍ هجومي-دفاعي متكامل.
لماذا هينكابي؟ صفاتٌ لا تُقاوم
يأتي اسم بييرو هينكابي ليزيح الستار عن حاجة ريال لتعزيز قلب الدفاع بسرعةٍ ومرونة. اللاعب، الذي لا يتجاوز عمره 23 عامًا، يمتلك سجلًّا دوليًا مشرقًا مع منتخب الإكوادور (44 مباراة) أبرز فيها:
• سرعة انطلاقٍ مذهلة: صعوده المندفع لقطع الكرات المرتدة يذكرنا بأفضل مواسم سيرخيو راموس.
• قوة بدنية ورؤية تكتيكية: يجمع بين ضبط المساحات والتمركز الأمثل أمام المهاجمين القادرين على الاختراق من العمق.
• تعدد المراكز: قدرة على اللعب كظهير أيمن أو أيسر احتياطي، أو حتى كقلب ثالث في خطّ ثلاثيّ عند الرغبة في تغيير الخطة خلال المباريات.
وليس جديدًا أن يكسب هينكابي إشاداتٍ واسعة على أدائه مع ليفركوزن في البوندسليغا، حيث سجّل 3 أهدافٍ وقدم 4 تمريرات حاسمة، إضافةً إلى مشاركاته القوية في دوري أبطال أوروبا، التي فتحت له أبواب الأندية الكبرى.
زيارةٌ صيفية تشير إلى اتفاقٍ مرتقب
في تقريرٍ حصريّ لصحفي “El Chiringuito” ماركوس بينيتو، تم تداول صورٍ تكشف عن تواجد هينكابي وعائلته في مدريد خلال الأيام الماضية، قادمًا لتمضية عطلته الصيفية. ورغم تأكيد اللاعب نفسه أنّ الزيارة ليست سوى تقليدٍ سنوي مع عائلته، إلا أن تداخل تلك الصور مع تكثيف الاتصالات الرسمية بين إدارة ريال المدير الفني الجديد لا يمكن تجاهله. فالنادي الذي اعتاد منذ أمدٍ بعيد حسم صفقاتٍ على حساب “الاستطلاع الميداني” بات عليه الآن أن يحسم ملف هينكابي قبل اندفاعة الأندية الإيطالية والإنجليزية التي تراقب الشاب عن كثب.
مسيرةٌ بدأت في أمريكا الجنوبية
كان هينكابي أحد أهم مواهب أكاديمية إنديبندينتي ديل فالي الإكوادوري، حيث ترعرع قبل أن يلقى بصر إدارة باير ليفركوزن عليه صيف 2022. تألق مبكرًا دفعه إلى قميص الأسطورة ليفركوزن، وهناك تطور من مخضرمٍ موثوقٍ في الدفاع إلى ظهيرٍ عصريٍّ مرنٍ في كافة مراكز الظهر. سطر موهبته في 60 مباراةٍ بمختلف المسابقات، ثم واصل مسيرته الدولية بثباتٍ، حتى صار قائمًا في تشكيلة منتخب الإكوادور في كوبا أميركا وتصفيات كأس العالم.
بوصلة تشابي… وخطط استباقية
لا يخفى على متابعي كرة القدم أن تشابي ألونسو، حينما كان أسطورةً خطيرةً في التهديف وصناعته، أعطى دومًا أهميةً قصوى لدور الدفاع المتوازن. ومع انتقاله من الأدوار القيادية في الدوريات الأعلى، يتوقع المراقبون أن يعمل على:
1. تفعيل الضغط العالي: استغلال سرعة هينكابي في الرّد السريع على الكرات.
2. انتقالاتٍ سلسة: بناء الهجمة من الخلف بمساندة الظهيرين.
3. تنوع الخطط: التحول بين دفاع ثلاثي وخماسي اعتمادًا على المنافس.
وهذه الخطوط العريضة يتقاطع فيها مشروع ريال مدريد الجديد مع صفات هينكابي المكيّفة لمثل هذا الدور.
هل ينجح الريال في إخراج الصفقات المتبقية؟
بخلاف هينكابي، تشير مصادرٌ إلى أن ريال يسعى أيضًا لضم لاعب وسطٍ دفاعيٍّ تنوع بين صفقاتي جورجينيو فينالدوم وروبينيو، مع رصد مرشحٍ آخرٍ في السوق الإيطالية. وبينما تتجه الأنظار إلى مهرجان كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة، يزداد الضغط على لابورتا وإدارة النادي لحسم ملف المدافع الإكوادوري، قبل أن تلتهمه أندية شمال لندن وباريس.
ختامًا، ليس خافيًا على عشاق “الملكي” أهمية خطوة دمج هينكابي في مشروعٍ شابٍ وطموح. فمن قلب الدفاع إلى حوارات الصحافة، تلوح في الأفق نسخةٌ جديدةٌ من ريال مدريد، يستعيد فيها “أسطورة البيرنابيو” توازنها، ويُعيد كتابة فصول التحدي الأوروبي، مع مواطنٍ إكوادوريٍّ واعدٍ يجهّز نفسه لارتداء القميص الأبيض.
