ماتانتونو يسرق الأضواء بلقطة أسطورية تبهر العالم وتؤكد لريال مدريد أنه تعاقد مع جوهرة خارقة ستقلب موازين أوروبا قريبًا
رغم أن اسمه لم يظهر على لائحة الهدافين أو صناع اللعب، إلا أن فرانكو ماتانتونو خطف الأنظار في أول ظهور عالمي له بقميص ريفر بليت، في مباراة مثيرة أمام أوراوا ريد دياموندز ضمن الجولة الأولى من دور المجموعات لكأس العالم للأندية 2025، التي تستضيفها الولايات المتحدة. اللاعب الشاب، الذي لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره بعد، أكد أن توقيع ريال مدريد معه لم يكن مجرد خطوة مستقبلية، بل استثمار عبقري في نجم سيشعل ملاعب أوروبا خلال المواسم المقبلة.
مباراة ريفر بليت ضد أوراوا، التي احتضنها ملعب لومن فيلد في مدينة سياتل الأمريكية، انتهت بانتصار مستحق للفريق الأرجنتيني بنتيجة 3-1. لكن الحدث الأبرز لم يكن في الأهداف التي سجلها كوليديو ودريوسي وميزا، بل في اللمحات الفنية الساحرة التي قدمها ماتانتونو في ظهوره الأول على المسرح العالمي، قبل أيام فقط من التحاقه الرسمي بصفوف ريال مدريد تحت قيادة المدرب الجديد تشابي ألونسو.
اللقطة التي أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي جاءت في الهدف الأول لريفربليت، حين تسلّم ماتانتونو الكرة وسط ضغط دفاعي مكثف، ومرر كرة قطرية سحرية إلى أكونيا على الجناح الأيسر، الذي بدوره أرسل عرضية أسفرت عن أول أهداف اللقاء. هذه التمريرة لم تكن مجرد لعبة بسيطة، بل لقطة "ماركة العظماء"، حيث أظهر الشاب قدرة مذهلة على قراءة الملعب وتحويل مسار اللعب في لحظة واحدة بلمسة عبقرية.
ولم يتوقف الأمر عند هذه اللقطة فقط، بل واصل ماتانتونو تأكيد موهبته الفذة من خلال تحركاته الذكية على الجناح الأيمن، وتوغلاته نحو العمق، حيث لعب دور صانع الألعاب بشكل غير تقليدي. المدرب مارسيلو جاياردو منحه حرية كبيرة في الحركة، وهو ما استغله اللاعب بأفضل شكل ممكن، رغم حداثة سنه. كان يتنقل بانسيابية بين الخطوط، يبحث عن الثغرات، يخلق المساحات، ويشكل صداعًا مستمرًا لدفاع أوراوا.
لكن يبقى السؤال الأبرز: هل سيمنحه تشابي ألونسو نفس الحرية في ريال مدريد؟ المعروف عن المدرب الإسباني أنه يفضل النظام التكتيكي الصارم، ويؤمن بضرورة التزام اللاعبين بأدوارهم المحددة لتفادي المساحات خلف خطوطهم، وهو ما أبدع فيه مع باير ليفركوزن قبل انتقاله إلى النادي الملكي. توازن ألونسو بين الإبداع والانضباط سيكون التحدي الأكبر لماتانتونو في الفترة المقبلة، وقد يُشكل مفتاح تطوره الحقيقي.
بالنظر إلى أرقام اللاعب في مباراة أوراوا، نجد أنها تحمل إشارات قوية على قدراته الفنية المميزة. لم يسجل ولم يصنع رسميًا، لكنه صنع تمريرة مفتاحية واحدة أدت إلى هدف، وبلغت نسبة دقة تمريراته 87%، من خلال 27 تمريرة صحيحة من أصل 31. سدد كرة وحيدة على المرمى، وواحدة أخرى خارج الإطار، ونجح في 3 مراوغات من أصل 6 محاولات، وبلغ عدد لمساته للكرة 53 مرة.
ورغم حيويته الهجومية، إلا أن الجانب الدفاعي لم يكن حاضرًا بشكل كافٍ، حيث لم يقطع سوى كرة واحدة فقط خلال المباراة بأكملها، وهو ما يُظهر الفارق الواضح بينه وبين نجم ريال مدريد الحالي أردا جولر، الذي يتميز بإيجابية كبيرة على المرمى وجرأة في اختراق المساحات، إضافة إلى تنوعه التكتيكي الذي يجعله أكثر اكتمالًا حتى الآن. وهو ما يعكس مدى شدة المنافسة المنتظرة بين الثنائي، بجانب النجم البرازيلي رودريجو، في مركز صناعة اللعب أو على الأجنحة.
جماهير ريال مدريد ستتجه أنظارها بلا شك إلى التدريبات التحضيرية للموسم الجديد، لمعرفة ما إذا كان ماتانتونو قادرًا على كسب ثقة تشابي ألونسو والظهور مبكرًا بقميص الفريق الأول، أم أنه سيحتاج لفترة من التدرج والانخراط في نظام الفريق. لكن ما لا يمكن إنكاره، أن الموهبة موجودة، والموعد مع التألق قادم، خاصة إذا تم توظيفه بالشكل الصحيح ومنحه المساحة للتعبير عن نفسه.
فرانكو ماتانتونو اليوم لا يُقاس بالأهداف، بل بالتأثير. لقطة واحدة كانت كافية لتمنحه نجومية خاصة وتجعل وسائل الإعلام تصفه بـ"الكنز القادم"، وكأن ريال مدريد ربح صفقة ذهبية جديدة ستمنحه الأفضلية في سباق النجوم الأوروبيين خلال السنوات المقبلة.
الكرة الآن في ملعب تشابي ألونسو، فإما أن يصنع من هذه الجوهرة أسطورة جديدة في قلعة سانتياغو بيرنابيو، أو يخاطر بتهميش موهبة قد تتوه إن لم تجد الدعم الكافي.
