
صدمة مالية غير متوقعة تجبر ستيفانو بيولي على تجميد رحيله من النصر إلى فيورنتينا وسط صراع الضرائب المعقد بين السعودية وإيطاليا
بينما كانت جماهير النصر السعودي تترقب الإعلان الرسمي عن إنهاء حقبة المدرب الإيطالي ستيفانو بيولي بعد موسم مخيب، تفاجأ الجميع باستمرار المدرب على رأس الجهاز الفني لفترة مؤقتة رغم اتفاقه الكامل مع إدارة نادي فيورنتينا الإيطالي. التأخير في إعلان الرحيل فتح أبواب التكهنات على مصراعيها وطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الأسباب الحقيقية لهذا التأجيل غير المبرر ظاهريًا رغم حسم مصير بيولي فنيًا.
الفشل الرياضي يحسم قرار النصر وبيولي يختار العودة إلى إيطاليا
بعد تجربة قصيرة مع النصر خلال موسم 2024-2025 لم يتمكن بيولي من قيادة الفريق لتحقيق أي لقب محلي أو قاري. جاءت نتائج الفريق مخيبة للآمال بشكل واضح بعدما فشل في التتويج بالدوري السعودي روشن، وخرج مبكرًا من بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين، والأدهى من ذلك أنه لم يستطع تأمين بطاقة التأهل لدوري أبطال آسيا للنخبة لموسم 2025-2026. هذه الحصيلة دفعت إدارة النصر للتفكير الجدي في إنهاء العلاقة مع المدرب الإيطالي.
من جانبه، لم يكن بيولي رافضًا لفكرة المغادرة بل على العكس تمامًا، إذ فتح خط تفاوض سريع مع إدارة فيورنتينا الإيطالي، النادي الذي سبق له تدريبه بين عامي 2017 و2019، ونجح الطرفان في التوصل إلى اتفاق رسمي على كافة التفاصيل التعاقدية رغم وجود عرض مغر من الاتحاد الإيطالي لكرة القدم لخلافة المقال لوتشيانو سباليتي على رأس الجهاز الفني للمنتخب الإيطالي. إلا أن بيولي فضّل العودة لقيادة الفيولا بدلًا من خوض تجربة جديدة مع الأتزوري.
القوانين السعودية تدخل على الخط وتؤجل الإعلان الرسمي
على الرغم من إتمام الاتفاق بين بيولي وفيورنتينا منذ أسابيع، إلا أن الإعلان الرسمي تعطل بشكل غير متوقع ما فتح باب التأويلات داخل الأوساط الكروية السعودية والإيطالية، حتى كشفت صحيفة "لاجازيتا ديلو سبورت" الإيطالية الحقيقة الكاملة لهذا السيناريو المعقد، حيث أوضحت أن السبب الرئيسي خلف هذا التأخير يعود إلى قوانين الضرائب السعودية التي تضع شروطًا محددة للإعفاء الضريبي للمقيمين الأجانب.
وفقًا للقوانين المالية السعودية، فإن أي أجنبي يقيم في المملكة لمدة 183 يومًا على الأقل خلال السنة الضريبية يُعامل كمقيم ضريبي ويُعفى من دفع أي ضرائب على دخله الشخصي، بما في ذلك الرواتب الضخمة التي يحصل عليها محترفو الدوري السعودي مثل بيولي. وبناءً على هذا الشرط، فإن المدرب الإيطالي مجبر على البقاء داخل المملكة حتى الثالث من يوليو المقبل لإكمال المدة القانونية التي تتيح له الاستفادة الكاملة من الإعفاء الضريبي على راتبه المرتفع الذي تقاضاه من النصر منذ بداية 2025.

القانون الإيطالي يعقد الموقف ويهدد بيولي بخسائر إضافية
لم تتوقف تعقيدات الموقف عند الحدود السعودية فقط، بل دخلت التشريعات الإيطالية بدورها على الخط لتزيد من حدة الأزمة الضريبية التي يعيشها بيولي حاليًا. إذ تنص القوانين الإيطالية على أن أي مواطن إيطالي يقضي في إيطاليا مدة 183 يومًا خلال السنة الضريبية يخضع مباشرة لدفع ضرائب على جميع مصادر دخله حول العالم، بما في ذلك الراتب الذي حصل عليه أثناء تواجده في السعودية.
وبحسب ما كشفته "لاجازيتا ديلو سبورت"، فإنه في حال قرر بيولي العودة إلى إيطاليا قبل إتمام فترة بقائه في السعودية حتى الثالث من يوليو، فسيتوجب عليه سداد ما يقارب 3 ملايين دولار كضرائب للسلطات الإيطالية أي ما يعادل نصف راتبه الذي تقاضاه من النصر خلال الأشهر الستة الأولى من 2025. وهذا المبلغ الكبير جعل بيولي يتمسك بالبقاء المؤقت رغم إنهاء التعاقد فعليًا، تفاديًا لخسائر مالية ضخمة ستؤثر على استقراره المالي، خاصة أنه وافق أساسًا على تخفيض راتبه من أجل العودة إلى قيادة فيورنتينا مجددًا.
خطة النصر البديلة وانتظار الصيف الحاسم
في الوقت الذي يلتزم فيه بيولي بإتمام مدة الإقامة القانونية في السعودية، تستغل إدارة النصر هذا التأخير في إعداد قائمة موسعة من المرشحين لقيادة الفريق خلال الموسم المقبل، وسط طموحات للعودة إلى منصات التتويج محليًا وقاريًا. وتردد في الأوساط الرياضية أن الإدارة وضعت نصب أعينها أسماء بارزة على الساحة الأوروبية والآسيوية، من مدربين يمتلكون خبرات كبيرة في البطولات الكبرى ومناسبين لطموحات النادي في منافسة الهلال والاتحاد والأندية القطرية في دوري أبطال آسيا بنظامه الجديد.
الموعد المنتظر والانتقال المنتظر بعد صيف الضرائب الساخن
مع اقتراب دخول شهر يوليو، تبدأ العد التنازلي لانتهاء الأزمة الضريبية التي حاصرت بيولي طوال الفترة الماضية. ومن المتوقع فور تخطي حاجز الثالث من يوليو أن يُعلن بشكل رسمي انتقال المدرب إلى فيورنتينا لقيادة مشروع جديد مع الفيولا يعيده للمنافسة على المقاعد الأوروبية في الكالتشيو، بينما سيعلن النصر في الوقت ذاته عن هوية المدرب الجديد الذي سيقود الفريق في الموسم المرتقب بدوري روشن والبطولة الآسيوية.
مفارقة مثيرة في عالم كرة القدم الحديثة
ربما لم يشهد تاريخ انتقالات المدربين خلال العقود الماضية سيناريو مشابه لقضية بيولي، حيث باتت التشريعات الضريبية عاملًا حاسمًا في تعطيل أو تسريع قرارات كبرى، خصوصًا مع الأجور المرتفعة التي يتقاضاها المدربون واللاعبون في دوريات الخليج مؤخرًا. ليبقى المشهد معلقًا حتى انتهاء الحسابات الضريبية، في واحدة من أغرب وأعقد قصص الميركاتو الصيفي هذا العام.