
انفجار استراتيجي سان جيرمان يهزم أتلتيكو مدريد في دروس إنريكي التكتيكية
فرض باريس سان جيرمان هيمنته المطلقة على ملعب كأس العالم للأندية منذ صافرة البداية وحتى احتفاله بالانتصار الرباعي أمام ضيفه أتلتيكو مدريد لتتجلى عبقرية المدرب لويس إنريكي ويكتسب لقب “ثورة الاستراتيجيين” بعد أداء فاق التوقعات وقدم الدروس التكتيكية المعلنة لكل عشاق كرة القدم حول العالم
تعرّف المباراة في الجولة الافتتاحية للمجموعة الثانية طريقة لعب إنريكي الرشيقة والانسيابية المذهلة وسط تحرك لا خطي في ألوان لاعبيه إذ تقمص فيتينيا دور المهندس الأول بتواجد دائم في قلب الملعب وغيّر مواقع زملائه بين العمق والمحاور والأجنحة وفق مخطط استراتيجي لامركزي أربك دفاعات دييجو سيميوني منذ الثواني الأولى
لحظة الحسم الأولى جاءت في الدقيقة التاسعة عشرة حين مرر فيتينيا كرة طولية إلى فابيان رويز الذي اخترق دفاع أتلتيكو بذكاء ثم سدد بيسراه قذيفة ارتطمت بشباك سافيز ليمنح باريس التقدم الأول ويثبت أن سرعة التحول من الدفاع للهجوم هي مفتاح الألقاب الكبرى وعنوان التفوق الأوروبي
وفي الوقت بدل الضائع من الشوط الأول وبالتحديد في الدقيقة 45 زائد دقيقة واحدة واصل رجال إنريكي توسيع الفجوة حين اخترق كفاراتسخيليا الجهة اليسرى ثم مرر عرضية متقنة قابلها فيتينيا بتسجيل الهدف الثاني وحفر اسمه بين صناع الأهداف بفريق الموسم الحالي وأغلق أي أمل لسيميوني في العودة للمباراة
استعاد أتلتيكو شهيته الهجومية بعد الاستراحة وحاول تحقيق ثغرة دفاعية لكن تماسك ثنائي قلب الدفاع ماركينيوس وسيرجيو راموس الشاب حال دون ذلك ولما بدا أن المباراة ستنتهي بهدفين نظيفين جاءت الدقيقة السابعة والثمانون لتضيف الهدف الثالث عبر رأسية سيني مايولو إثر ركلة ركنية لتنتهي آلة الضغط الباريسية من تسجيل ثلاثية تبشر بموسم جديد من الترشح لكل الألقاب

ولم يكتفِ الفريق الباريسي بذلك بل أضاع فرصة للهدف الرابع قبل أن يعلن لي كينج إن ركلات الجزاء تغير مجرى الأمور بحق بلعب الكرة بخبرة عالية داخل الشباك في الدقيقة التسعين زائد سبع دقائق معلناً يؤكد أن ضغط انتهى الحدث في نهاية الشوط الثاني
بالنتيجة انتزع باريس سان جيرمان المركز الأول برصيد ثلاث نقاط وترك أتلتيكو مدريد في قاع المجموعة بلا رصيد فيما يتجه الفريق الملكي للتحضير لمواجهة بوتوفوغو وسياتل ساوندرز بعدها
ما يميز هذه الثورة أن باريس سان جيرمان لم يعتمد على نجم بعينه بل أبرز قوة العمق التنافسية في تشكيلته فبرغم غياب عثمان ديمبلي للإصابة استطاع البديل برادلي باركولا تقديم أداء متوازن وأثبت أن نموذج فريق إنريكي يقوم على التشاركية والتنوع الهجومي ودليل ذلك أن أسماء مثل فيتينيا وكفاراتسخيليا وسيني مايولو تمكنت من تسجيل الأهداف وصناعة الفارق
حلل الخبراء أداء باريس بعد اللقاء مؤكدين أن تفاهم الثلاثي المتوسط من الرقم ستة وحتى الرقم عشرة أعطى إنريكي حرية تبديل الأدوار وتعميق الرقابة على حامل الكرة لدى أتلتيكو مع الحفاظ على الضغط العالي على حامل الكرة في الدفاع مما أنتج فترات طويلة من الاستحواذ بلغت نسبتها حوالي 72 بالمئة فضلاً عن 14 محاولة تسديد منها خمسة على المرمى

في حين اعتبر محللون آخرون أن أتلتيكو مدريد عانى من محدودية الخيارات الهجومية عقب إصابة لودريان وكوريا في السنوات الماضية وهو ما انعكس على الافتقار إلى الحلول الدفاعية أمام سرعة المظاهر الهجومي لباريس سان جيرمان ونجح باريس في خلخلة الشباك الخاطفة للكرات الثابتة والحلقات الموصولة بين الوسط والهجوم
يعد هذا الانتصار محطة هامة أمام رجال إنريكي الذين يجنون ثمار تحضيرهم المكثف للفترة الانتقالية المقبلة ويواصلون تأكيد جدارة الدوري الفرنسي بمزاحمة الكبار على منصات التتويج القارية ويتطلع سان جيرمان للاستفادة من الدروس المكتسبة قبل ملاقاة بوتوفوغو في الجولة القادمة ثم مواجهة سياتل ساوندرز لحجز بطاقة التأهل إلى نصف النهائي
بعد هذه الليلة المضيئة تبدو الكلمة العليا لباريس سان جيرمان وقدرته على ترجمة المخططات التكتيكية إلى واقع ملموس رسالة واضحة إلى منافسيه الأوروبيين بأن عاملي السرعة والمرونة التكتيكية هما عنوان التفوق وأن “ثورة الاستراتيجيين” لن تقف عند حدود الملعب بل ستقتلع أسطورة من يظن أن المواجهات الكبرى لا يمكن التحكم فيها استراتيجياً على غرار ما فعل إنريكي هذه الليلة الساحرة على أرض كأس العالم للأندية.