تن هاغ: مانشستر يونايتد فقد السيطرة أمام بورتو بالدوري الأوروبي – تحليل لأسباب الخسارة وتداعياتها .. الدوري الإنجليزي

عندما تعاقد مانشستر يونايتد مع المدرب الهولندي إريك تن هاغ في صيف 2022، كانت الآمال كبيرة في أن يتمكن هذا المدرب من إعادة “الشياطين الحمر” إلى الطريق الصحيح بعد سنوات من التخبط على مستوى الأداء والنتائج. لكن المباراة الأخيرة في الدوري الأوروبي أمام بورتو البرتغالي، والتي انتهت بهزيمة مؤلمة لليونايتد، أثارت العديد من التساؤلات حول قدرة الفريق على المنافسة الأوروبية، وعن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى فقدان السيطرة في الشوط الثاني من المباراة.
خرج تن هاغ في المؤتمر الصحفي بعد اللقاء وصرّح بشكل واضح: “مانشستر يونايتد فقد السيطرة في الشوط الثاني، ولم نكن قادرين على استعادة نسق المباراة”. هذه الكلمات أثارت العديد من ردود الأفعال، سواء من جماهير الفريق أو النقاد الرياضيين، حول أسباب هذا الانهيار المفاجئ، وكيفية معالجته في المستقبل القريب. في هذا المقال، سنلقي نظرة تفصيلية على مجريات المباراة، الأخطاء التكتيكية التي وقع فيها الفريق، وعواقب هذه الهزيمة على مشوار اليونايتد في الدوري الأوروبي، بالإضافة إلى رؤية تن هاغ حول الحلول الممكنة لتفادي مثل هذه المشاكل في المباريات القادمة.
الشوط الأول: أداء جيد ولكن…
بدأ مانشستر يونايتد المباراة بشكل جيد نسبيًا، حيث تمكن الفريق من فرض أسلوب لعبه والاستحواذ على الكرة في أول 30 دقيقة. استخدم تن هاغ تشكيلته المعتادة 4-2-3-1، مع تواجد برونو فيرنانديز في مركز صانع الألعاب خلف المهاجم، وكاسيميرو وفريد كلاعبي ارتكاز في خط الوسط. كانت خطة الفريق تعتمد على التمرير القصير والضغط على حامل الكرة، مع محاولة فتح المساحات على الأطراف لخلق فرص للتسجيل.
على الرغم من الاستحواذ الجيد، بدا أن هناك نقصًا في الحدة الهجومية. اعتمد الفريق بشكل كبير على الجناحين في التوغل وصنع العرضيات، ولكن غياب المهاجم الصريح الذي يجيد إنهاء الكرات العالية كان واضحًا. ماركوس راشفورد، الذي لعب كمهاجم صريح، عانى من العزلة وعدم القدرة على التفاهم مع زملائه، مما جعل الفريق يفتقد للفاعلية في الثلث الأخير من الملعب.
الشوط الثاني: انهيار تكتيكي وفقدان السيطرة
مع بداية الشوط الثاني، بدا وكأن مانشستر يونايتد قد فقد السيطرة على المباراة. قام فريق بورتو بتغيير أسلوب لعبه بشكل ملحوظ، حيث انتقل من التراجع الدفاعي في الشوط الأول إلى الضغط المتقدم، مما أربك خط وسط اليونايتد. تمريرات بطيئة وعدم القدرة على الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط جعلت من الفريق هدفًا سهلًا للهجمات المرتدة السريعة التي نفذها بورتو بمهارة.
من أبرز النقاط التي أدت إلى انهيار اليونايتد في الشوط الثاني كانت التغييرات التكتيكية التي قام بها المدرب سيرجيو كونسيساو، مدرب بورتو. قام كونسيساو بإدخال لاعبين يتمتعون بالسرعة والقوة البدنية، مما سمح لفريقه بفرض السيطرة على منتصف الملعب، والضغط بشكل مكثف على دفاع مانشستر يونايتد. هذا الضغط تسبب في أخطاء فردية من لاعبي اليونايتد، وفتح المجال أمام بورتو لتسجيل هدفين متتاليين خلال عشر دقائق فقط، وسط حالة من الارتباك التام في صفوف الدفاع الإنجليزي.
أين أخطأ تن هاغ؟
بعد المباراة، بدأ النقاد والمحللون في تحليل أسباب الخسارة، وكانت هناك عدة نقاط أجمعت عليها الآراء حول أخطاء تن هاغ، سواء من ناحية اختياراته التكتيكية أو إدارته للمباراة:
1. ضعف التحكم في وسط الميدان:
على الرغم من امتلاك اليونايتد للاعبين مثل كاسيميرو وفريد في خط الوسط، إلا أن الفريق بدا عاجزًا تمامًا عن مواجهة سرعة وانتشار لاعبي بورتو في الشوط الثاني. افتقد الفريق لاعبًا يمكنه تهدئة اللعب تحت الضغط والاحتفاظ بالكرة لفترات أطول.
2. عدم الاستجابة لتغييرات الخصم:
عندما بدأ بورتو بالضغط المكثف في الشوط الثاني، لم يقم تن هاغ بإجراء التعديلات اللازمة لاحتواء هذا التغيير التكتيكي. كان من المفترض أن يدفع بلاعب وسط إضافي، مثل إريكسن أو حتى سكوت مكتوميناي، لتعزيز القدرات الدفاعية في منتصف الملعب.
3. الاعتماد الزائد على الأجنحة:
اعتمد مانشستر يونايتد بشكل مفرط على الهجمات من الأطراف، ولكن دون وجود مهاجم صريح قوي يستطيع تحويل هذه العرضيات إلى أهداف. هذا الاعتماد جعل الفريق يتسم بالتكرار والسهولة في التعامل من قبل دفاع بورتو.
4. عدم القدرة على تنظيم الدفاع:
اهتز دفاع اليونايتد بشكل غير معتاد في الشوط الثاني، حيث ظهر الارتباك بين اللاعبين في التعامل مع الكرات الطويلة والاختراقات السريعة. فشل القائد هاري ماغواير في تقديم الأداء المتوقع، وكان هناك نقص واضح في التواصل بين خط الدفاع وحارس المرمى.
تن هاغ يعترف: “علينا أن نتعلم من هذه الأخطاء”
بعد المباراة، تحدث تن هاغ بواقعية عن الأخطاء التي وقع فيها فريقه، مؤكدًا أن الفريق “لم يكن في المستوى المطلوب” وأنه “علينا أن نتعلم من هذه الأخطاء إذا أردنا المنافسة في أوروبا”. وأضاف: “في الشوط الثاني، سمحنا لبورتو بالسيطرة على المباراة. لم نستطع الخروج من الضغط، ولم نستطع خلق فرص هجومية. هذا أمر غير مقبول في هذا المستوى”.
وتابع: “نعلم أن هذا الفريق لا يزال في طور التطور، لكن علينا أن نتحسن بسرعة. هذه الخسارة درس قاسٍ، وعلينا أن نستفيد منه في المباريات القادمة”. تصريحات تن هاغ تعكس وعيه بضرورة تحسين الأداء، خاصة وأن مانشستر يونايتد يواجه تحديات كبيرة في هذا الموسم على المستوى المحلي والأوروبي.
ما هي الخطوة التالية لليونايتد؟
بعد هذه الخسارة، بات موقف مانشستر يونايتد معقدًا في المجموعة، حيث أصبح مطالبًا بالفوز في المباريات المتبقية لضمان التأهل إلى الأدوار الإقصائية. هذا الضغط الإضافي قد يكون دافعًا للاعبين لتقديم أفضل ما لديهم، لكنه أيضًا يمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة تن هاغ على إخراج الفريق من هذه الدوامة.
على تن هاغ الآن العمل على إعادة تنظيم الفريق، خاصة في خط الوسط والدفاع. قد يكون من الضروري إعادة النظر في بعض الخيارات التكتيكية، مثل الاعتماد على لاعبين يمكنهم تقديم التوازن بين الدفاع والهجوم، وربما التفكير في تعزيز خط الهجوم بلاعب رقم “9” صريح في فترة الانتقالات الشتوية.
في الختام: هل يستطيع تن هاغ تصحيح المسار؟
إريك تن هاغ جاء إلى مانشستر يونايتد وسط توقعات كبيرة، لكنه حتى الآن يجد صعوبة في تحقيق التوازن المطلوب في الأداء، خاصة في المباريات الكبرى. الخسارة أمام بورتو كشفت عن عدة نقاط ضعف، ليس فقط على مستوى اللاعبين، بل أيضًا في كيفية إدارة المباريات من قبل المدرب الهولندي.
هل يستطيع تن هاغ تجاوز هذه العقبة وتصحيح المسار؟ هذا ما ستكشفه الأسابيع القادمة، حيث سيكون عليه تقديم أداء قوي في الدوري الإنجليزي وفي المواجهات الأوروبية الحاسمة. إذا استطاع الفريق استعادة السيطرة والثقة، فقد تكون هذه الخسارة مجرد محطة مؤقتة في مسيرة نحو تحقيق النجاح. أما إذا استمرت هذه المشاكل، فقد يجد اليونايتد نفسه مرة أخرى في دوامة النتائج السلبية، وهو أمر لن تتقبله الجماهير بسهولة.