
هل سبق لك أن شعرت بالوحدة والاشتياق بعد غياب طويل عن شخص عزيز عليك؟ هل مررت بأيام صعبة مليئة بالتحديات والآلام، ثم عاد اللقاء المنتظر ليملأ قلبك بالفرح والتفاؤل؟ إذا مررت بتلك التجربة، فأنت قد تكون قادرًا على فهم مشاعر فيديريكو كييزا بشكل أفضل بعد مباراته الأخيرة مع ليفربول أمام أيندهوفن في دوري أبطال أوروبا، حيث شهدنا عودته القوية بعد فترة غياب طويلة ومريرة.
النجم الإيطالي: من التألق إلى المعاناة
بدأ فيديريكو كييزا رحلته مع فيورنتينا كأحد أبرز المواهب الإيطالية، وأصبح نجمًا لامعًا جذب إليه الأنظار. سطع اسمه سريعًا وأصبح حديث الصحافة الإيطالية والأوروبية، بل تم وصفه بأنه نجم المستقبل للمنتخب الإيطالي. انتقل إلى يوفنتوس ليكمل مشواره مع فريق عريق، ولكن في 9 يناير 2022، تعرض للإصابة القاسية بقطع في الرباط الصليبي خلال مباراة مع روما في الدوري الإيطالي، ليغادر الملعب في الدقيقة 30 من المباراة دون أن يعود كما كان.
أشهر من الألم: معركة العودة
منذ تلك اللحظة، بدأت رحلة الشفاء التي لم تكن سهلة أبدًا. أشهر من العلاج والتأهيل، محاولات استعادة المستوى البدني والفني، لكن الجسد لم يعد كما كان. ومع مرور الوقت، أصبح كييزا يشعر بمزيد من الإحباط عندما تعرض للطرد من يوفنتوس، وابتعد عن التدريبات وعُرض للبيع بمبلغ بخس. لم يكن هناك أي اهتمام جاد من الأندية الأخرى بضمه، مما زاد من ألم اللاعب. حتى جاء ليفربول في صيف 2024 ليمنحه فرصة جديدة للحياة مع الفريق، بعد توقيع عقد طويل الأمد يمتد حتى عام 2028.
التحديات مع ليفربول: صراع من أجل العودة
لكن لم تكن الأمور أسهل في ليفربول، حيث لم يتمكن كييزا من استعادة مستواه بشكل كامل، وظل يعاني من غيابه الطويل عن الملاعب. الإشاعات بدأت تحاصره، والمخاوف من انتقاله إلى فريق آخر كانت تزداد، خاصة مع افتقاره للفرص الكافية لإثبات نفسه. لكن الفتي الإيطالي لم يستسلم، وكان بحاجة إلى تلك الفرصة لإظهار نفسه من جديد.
90 دقيقة من الإصرار: العودة أمام أيندهوفن
وجاءت اللحظة المنتظرة في مباراة دوري أبطال أوروبا ضد أيندهوفن، حيث حصل كييزا على الفرصة ليبدأ المباراة ويلعب 90 دقيقة كاملة للمرة الأولى هذا الموسم. هذه الـ90 دقيقة كانت أشبه بلقاء مع حبيبته التي غاب عنها طويلًا: كرة القدم. لقد كانت لحظة الشغف والإصرار، لحظة لإثبات نفسه مرة أخرى بعد كل ما مر به.
خلال المباراة، قدم كييزا أداءً رائعًا، حيث كان الأفضل من بين زملائه. تسبب بشكل مباشر في الهدفين، حيث جلب ركلة جزاء سجلها كودي جاكبو، وسدد الكرة التي ارتدت من الحارس ليكملها هيرفي إيليوت في الشباك. كما أضاف العديد من التسديدات المميزة والمراوغات الناجحة. لكن الثقة التي لعب بها هي الأهم، حيث أظهر كييزا حماسًا لا يوصف، وأكد أنه عائد بقوة.
شكر وتقدير: رسالة من قلب كييزا
بعد المباراة، أعرب كييزا عن شكره الكبير للمدرب يورغن كلوب وجهازه الفني لمنحه 90 دقيقة كاملة، حيث قال: “أريد شكر المدرب والجهاز الفني لمنحي فرصة اللعب 90 دقيقة اليوم، لقد كان ذلك عظيمًا بالنسبة لي، كنت بحاجة إليه فعلًا”.
كانت تلك الكلمات بمثابة إعلان عن عودة كييزا الحقيقية، بداية طريق العودة إلى القمة. وبالنسبة لليفربول، فقد أثبت الفريق أنه استثمار ناجح بقيمة 12 مليون يورو فقط، ليحصل على واحد من أفضل الأجنحة في العالم.
الطريق إلى القمة
الأرقام والإحصائيات ليست هي الأهم هنا، فالأهم هو عودة كييزا إلى مستواه المعهود. 90 دقيقة مع كرة القدم كانت كافية لإثبات أن هذا اللاعب قادر على العودة إلى القمة التي كان يطمح إليها. وبعد تلك اللحظات المضيئة في المباراة، لا شك أن ليفربول قد أضاف إلى صفوفه نجمًا حقيقيًا سيظل يسطع في سماء دوري أبطال أوروبا.
هذه اللحظة التاريخية في مسيرة كييزا قد تكون البداية الحقيقية لعودته من جديد، وحينما تتلاقى الجهود مع الإصرار والشغف، يصبح النجاح حتميا.