في ليلة كروية مشتعلة، حقق ريال مدريد الإسباني انتصارًا مثيرًا على حساب مانشستر سيتي الإنجليزي بنتيجة 3-2، في مواجهة نارية أقيمت على ملعب الاتحاد ضمن ذهاب الملحق المؤهل لدور الـ16 من دوري أبطال أوروبا. هذا الفوز لم يكن مجرد انتصار عادي، بل كان بمثابة إعلان قوي من الفريق الملكي عن جاهزيته للمنافسة على اللقب الأوروبي، بعدما كسر عقدة ملعب السيتيزنز، الذي كان دائمًا يمثل نقطة صعبة في مواجهات الفريقين.
بداية قوية وهدف مبكر لمانشستر سيتي
منذ اللحظات الأولى، بدا واضحًا أن بيب غوارديولا ولاعبيه عازمون على فرض سيطرتهم على المباراة، مستغلين الدعم الجماهيري الكبير واللعب على أرضهم. بدأ مانشستر سيتي اللقاء بأسلوبه المعتاد القائم على الاستحواذ والتمريرات القصيرة السريعة، بينما اعتمد كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد على أسلوب متوازن بين الدفاع والهجوم، مع تركيز كبير على الهجمات المرتدة.
لم يتأخر أصحاب الأرض في فرض سيطرتهم، حيث جاء الهدف الأول عبر النجم النرويجي إرلينغ هالاند في الدقيقة 19، بعد تمريرة ذكية وضعت المهاجم القناص في مواجهة مباشرة مع الحارس تيبو كورتوا، ليودع الكرة الشباك بسهولة ويشعل حماس الجماهير الإنجليزية. بدا ريال مدريد غير قادر على مجاراة إيقاع السيتي في الدقائق الأولى، حيث واصل الفريق السماوي الضغط العالي وهدد مرمى كورتوا في أكثر من مناسبة، لكن الدفاع الملكي ظل صامدًا أمام العاصفة الهجومية.
استعادة التوازن وانتفاضة مدريدية في الشوط الثاني

مع انطلاق الشوط الثاني، دخل ريال مدريد بعقلية مختلفة، حيث بدا أكثر شراسة في الهجوم، وأظهر لاعبوه رغبة حقيقية في العودة إلى اللقاء. وبالفعل، نجح النجم الفرنسي كيليان مبابي في إدراك التعادل عند الدقيقة 60، بعد هجمة مرتدة سريعة قادها بنفسه، حيث انطلق من الجهة اليسرى متجاوزًا الدفاع، ثم سدد كرة قوية لم يتمكن الحارس إيديرسون من التصدي لها.
أعاد هذا الهدف الثقة إلى صفوف ريال مدريد، الذي بدأ في مجاراة السيتي هجوميًا، وسط محاولات متكررة من لاعبي الفريق الإنجليزي لاستعادة التقدم. وجاءت لحظة الحسم بالنسبة لأصحاب الأرض عند الدقيقة 80، حين احتسب الحكم ركلة جزاء لصالح السيتي بعد تدخل من مدافع الريال داخل منطقة الجزاء. انبرى لها هالاند وسددها بنجاح، محرزًا هدفه الثاني في المباراة ومجددًا تقدم فريقه بنتيجة 2-1.
ريال مدريد يرفض الاستسلام والعودة من بعيد
على الرغم من تأخره مجددًا، لم يفقد ريال مدريد الأمل، بل واصل الضغط بحثًا عن تعديل النتيجة مرة أخرى، وكان له ما أراد في الدقيقة 86، عندما سجل البديل إبراهيم دياز هدف التعادل بعد تمريرة متقنة من فينيسيوس جونيور، وضعته في مواجهة مباشرة مع إيديرسون، ليراوغ الحارس ببراعة قبل أن يسدد الكرة في الشباك.
هذا الهدف دفع ريال مدريد إلى الهجوم بقوة أكبر، مدركًا أن خطف الفوز في اللحظات الأخيرة سيكون ضربة موجعة لمانشستر سيتي قبل لقاء الإياب. وبالفعل، جاءت اللحظة الحاسمة في الدقيقة 92، عندما استغل النجم الإنجليزي الشاب جود بيلينغهام كرة مرتدة داخل منطقة الجزاء، ليسددها بقوة في شباك السيتي، محرزًا هدف الفوز القاتل وسط فرحة جنونية من زملائه والجهاز الفني.
ريال مدريد يضع قدمًا في دور الـ16 قبل موقعة البرنابيو

بهذا الانتصار، عزز ريال مدريد فرصه في التأهل إلى دور الـ16، حيث بات يكفيه التعادل في مباراة الإياب على ملعب سانتياغو برنابيو لضمان العبور إلى الدور التالي. في المقابل، أصبح مانشستر سيتي أمام مهمة صعبة، حيث سيتعين عليه الفوز بفارق هدفين على الأقل في إسبانيا من أجل الاستمرار في المنافسة.
مواجهة مرتقبة في الإياب.. من يعبر إلى الدور التالي؟
من المنتظر أن تشهد مباراة الإياب صراعًا تكتيكيًا عالي المستوى بين أنشيلوتي وغوارديولا، حيث سيحاول الأول استغلال تفوقه في النتيجة للعب بأسلوب دفاعي منظم، بينما سيبحث الثاني عن حلول هجومية لاختراق دفاع الريال وتعويض الخسارة. الفريق المتأهل من هذه المواجهة سيواجه الفائز من لقاء باير ليفركوزن وأتلتيكو مدريد في الدور المقبل، مما يزيد من أهمية هذه المواجهة.
ريال مدريد يواصل سحره الأوروبي.. والسيتي في ورطة!
بهذا الفوز، أثبت ريال مدريد مجددًا أنه الفريق الأقوى أوروبيًا عندما يتعلق الأمر بالمباريات الكبرى، حيث يتمتع بعقلية البطل القادرة على قلب الطاولة في أصعب الظروف. في المقابل، يجد مانشستر سيتي نفسه أمام اختبار حقيقي، حيث سيحتاج إلى تكرار إنجاز الموسم الماضي إذا أراد الدفاع عن لقبه والعبور إلى الدور التالي.
الأيام القليلة القادمة ستكشف كيف سيتعامل كلا الفريقين مع هذه النتيجة، لكن الأكيد أن الإثارة لم تنتهِ بعد، بل ستبلغ ذروتها في لقاء الإياب الحاسم في مدريد.