ميسي يكسر حاجز الصمت: “فترتي في باريس سان جيرمان كانت تجربة صعبة للغاية”
ليونيل ميسي، أحد أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ، عاش لحظات مجد وتألق على مدار مسيرته المهنية. لكن عندما يتعلق الأمر بفترة تواجده مع باريس سان جيرمان، فقد كانت هذه التجربة أقرب إلى "الكابوس" بالنسبة للنجم الأرجنتيني، حيث وصفها فيما بعد بأنها "هراء" وصعبة من جوانب عديدة.
انتقال ميسي إلى باريس سان جيرمان
انتقال ميسي إلى باريس سان جيرمان في صيف عام 2021 كان صدمة كبيرة لعالم كرة القدم، خاصة أنه جاء بعد سنوات من التألق مع نادي برشلونة الإسباني، حيث أصبح رمزًا للنادي الكتالوني وأسهم في تحقيق إنجازات غير مسبوقة. لكن رغم الترحيب الكبير الذي تلقاه من جماهير باريس، واجه ميسي تحديات غير متوقعة جعلت فترته مع النادي الفرنسي واحدة من أصعب مراحل مسيرته.
البداية: صدمة الرحيل عن برشلونة
لم يكن انتقال ميسي إلى باريس سان جيرمان نتيجة قرار شخصي، بل كان بمثابة اضطرار. بسبب القيود المالية التي فرضتها لوائح الدوري الإسباني "الليغا"، لم يستطع برشلونة تجديد عقد ميسي، مما أجبره على البحث عن فريق جديد. كانت تلك لحظة صعبة للنجم الأرجنتيني، الذي لم يتخيل يومًا أنه سيترك برشلونة، النادي الذي قضى فيه أكثر من 20 عامًا منذ انضمامه إلى أكاديميته "لاماسيا".
بالنسبة لميسي، كان الرحيل عن برشلونة بمثابة "صاعقة"، حيث صرح في أحد المقابلات بعد انتقاله إلى باريس: "لم أكن أريد الرحيل. كانت خطتي أن أختتم مسيرتي في برشلونة. لكن الأمور لم تسر كما كنت أتوقع".
الصعوبات في التأقلم مع الحياة الجديدة
رغم ترحيب جماهير باريس سان جيرمان الكبير بميسي، إلا أن التكيف مع البيئة الجديدة لم يكن سهلاً بالنسبة له. باريس، على الرغم من أنها واحدة من أجمل مدن العالم، لم تكن تشبه برشلونة، المدينة التي اعتاد العيش فيها مع أسرته طوال حياته.
أضاف ميسي: "كانت الحياة في باريس مختلفة تمامًا. لم أتمكن من التأقلم بسرعة مع المدينة، وكان من الصعب عليّ وعلى عائلتي التكيف مع هذه التغييرات الكبيرة".
لم تكن الصعوبات محصورة فقط في الحياة اليومية، بل امتدت إلى أرض الملعب أيضًا. في باريس سان جيرمان، كان ميسي يلعب إلى جانب نجوم عالميين مثل نيمار وكيليان مبابي، لكن رغم هذه المواهب الكبيرة، لم يتمكن الفريق من تحقيق الانسجام المطلوب لتحقيق النجاحات الأوروبية التي كانت الجماهير تطمح إليها.
تحديات فنية وتكتيكية
من الناحية الفنية، واجه ميسي تحديات تكتيكية كبيرة في باريس سان جيرمان. الفريق كان يعتمد على فلسفة مختلفة عن تلك التي اعتادها ميسي في برشلونة، حيث كان يتمحور اللعب حوله. في باريس، كانت هناك توازنات أخرى تتعلق بكيفية توزيع المهام بين النجوم الثلاثة في الخط الأمامي: ميسي، نيمار، ومبابي.
لم يكن من السهل على ميسي التكيف مع هذا الدور الجديد. فقد كانت الطريقة التي يعتمد عليها الفريق في الهجوم تفرض عليه أدوارًا تكتيكية مختلفة عما كان يقوم به في برشلونة. في تصريحاته، اعترف ميسي بأنه لم يكن في أفضل حالاته من الناحية البدنية والفنية خلال موسمه الأول مع باريس سان جيرمان.
"كنت أعاني من الإرهاق، ولم أكن في أفضل مستوياتي. لم أتمكن من تقديم أفضل ما لديّ، وهذا ما جعلني أشعر بخيبة أمل"، قال ميسي عن مستواه في الموسم الأول.
العلاقة مع الجماهير والصحافة الفرنسية
بالإضافة إلى التحديات التكتيكية والفنية، واجه ميسي أيضًا صعوبات في التعامل مع وسائل الإعلام الفرنسية والجماهير. كانت التوقعات عالية جدًا، خاصة بعد أن جاء إلى باريس كأفضل لاعب في العالم. لكن مع تراجع أدائه خلال بعض المباريات، بدأت الجماهير والصحافة في انتقاده بشدة.
انتقادات الصحافة الفرنسية لميسي كانت قاسية في بعض الأحيان، حيث وُصِف في بعض المقالات بأنه "غير مؤثر" أو "لم يعد اللاعب الذي كان في برشلونة". هذا الأمر أثر بشكل كبير على ميسي، الذي اعتاد على الدعم الكبير من جماهير برشلونة، وشعر بأن الأمور كانت مختلفة في باريس.
أضاف ميسي في إحدى المقابلات: "الصحافة كانت قاسية جدًا في بعض الأحيان. كنت أشعر أن كل شيء كان يُضخم، وأنه مهما فعلت، لم يكن ذلك كافيًا لإرضاء الجميع".
الإقصاء من دوري أبطال أوروبا: لحظة الحسم
أحد أبرز اللحظات التي زادت من تعقيد الأمور بالنسبة لميسي كانت خروج باريس سان جيرمان من دوري أبطال أوروبا على يد ريال مدريد في موسم 2021-2022. كان الفريق الباريسي يأمل في تحقيق لقب دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخه، وكان ميسي جزءًا من هذا المشروع الكبير.
لكن بعد الخروج المفاجئ من البطولة، زادت الانتقادات على ميسي وبقية النجوم في الفريق. الجماهير لم تكن راضية عن الأداء، وألقت باللوم على النجوم الكبار لعدم تقديمهم الأداء المطلوب في المباريات الحاسمة.
هذه الخسارة كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث بدأ الحديث عن أن ميسي قد لا يستمر طويلًا مع الفريق إذا لم تتحسن الظروف.
العودة إلى التألق مع الأرجنتين
في خضم هذه التحديات، وجد ميسي في منتخب الأرجنتين متنفسًا بعيدًا عن ضغوط باريس سان جيرمان. خلال تلك الفترة، قدم ميسي أداءً استثنائيًا مع منتخب بلاده، حيث قاد الأرجنتين للفوز بكأس كوبا أمريكا 2021، وهو اللقب الدولي الذي طال انتظاره.
بالنسبة لميسي، كانت العودة إلى المنتخب الوطني بمثابة "النجاة" من الضغوط اليومية التي كان يواجهها في باريس. "كنت سعيدًا جدًا عندما لعبت مع الأرجنتين. كان الفوز بكوبا أمريكا هو التعويض الذي كنت أحتاجه بعد فترة صعبة مع باريس"، صرح ميسي.
نهاية الرحلة في باريس
في النهاية، قرر ميسي إنهاء تجربته مع باريس سان جيرمان بعد موسمين فقط. رغم أن الفريق تمكن من الفوز بالدوري الفرنسي خلال فترة تواجده، إلا أن الهدف الأسمى، وهو تحقيق دوري أبطال أوروبا، لم يتحقق. ميسي قرر الانتقال إلى إنتر ميامي في الدوري الأمريكي ليبدأ فصلًا جديدًا من مسيرته المهنية.
في تصريحاته بعد الرحيل، اعترف ميسي بأن فترته في باريس لم تكن كما توقع. "كنت أتمنى أن أتمكن من تقديم المزيد للفريق، لكن الأمور لم تكن تسير كما يجب"، قال ميسي.
الخلاصة: درس من باريس
تجربة ميسي في باريس سان جيرمان كانت مليئة بالتحديات والصعوبات. ورغم أنه يعد أحد أعظم اللاعبين في تاريخ اللعبة، إلا أن هذه الفترة أظهرت الجانب البشري من ميسي، حيث واجه ضغوطًا كبيرة وصعوبات في التأقلم. في النهاية، تبقى هذه التجربة جزءًا من مسيرة ميسي، وقد تكون بمثابة درس له ولغيره من اللاعبين حول التحديات التي قد تواجههم في مسيرتهم حتى في أوج التألق.
ميسي، الذي لطالما أضاء ملاعب كرة القدم بمهاراته وأهدافه، يظل رمزًا للتفاني والعمل الجاد، حتى في الأوقات الصعبة.
