من روما إلى ميرسيسايد.. عائلة فريدكين تتوصل لاتفاق للاستحواذ على إيفرتون

في خطوة تترجم الطموحات الكبيرة لعائلة فريدكين، أعلنت مصادر موثوقة عن توصل هذه العائلة الأمريكية لاتفاق مبدئي للاستحواذ على نادي إيفرتون الإنجليزي، أحد أعرق أندية الدوري الإنجليزي الممتاز. هذه الصفقة المرتقبة تأتي بعد فترة قصيرة من نجاح عائلة فريدكين في الاستحواذ على نادي روما الإيطالي، وهو ما يعزز نفوذها في كرة القدم الأوروبية ويؤكد نيتها للمنافسة على أعلى المستويات.
من هم عائلة فريدكين؟
قبل التطرق إلى تفاصيل الصفقة وتأثيرها المحتمل على إيفرتون، من الضروري التعرف أكثر على عائلة فريدكين ودورها المتزايد في عالم كرة القدم الأوروبية. عائلة فريدكين هي مجموعة استثمارية أمريكية يملكها دان فريدكين، وهو رجل أعمال ناجح يمتلك خبرة طويلة في إدارة الشركات والأصول الضخمة. يشغل فريدكين منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة فريدكين، وهي شركة قابضة تدير استثمارات متعددة في قطاعات متنوعة، بما في ذلك السيارات والطيران والعقارات.
في عام 2020، دخلت عائلة فريدكين عالم كرة القدم بشكل رسمي عندما استحوذت على نادي روما الإيطالي. ورغم التحديات الكبيرة التي واجهتها في بداية مشوارها مع النادي، إلا أن العائلة استطاعت تحقيق نجاحات ملموسة من خلال استثمارات ذكية في البنية التحتية، وضم لاعبين مميزين، وتعيين المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو الذي قاد الفريق للفوز بلقب دوري المؤتمر الأوروبي.
بعد هذه النجاحات، بدأ الطموح يتزايد لدى العائلة الأمريكية للتوسع في استثماراتها في كرة القدم الأوروبية، وجاء نادي إيفرتون كهدف جديد يتماشى مع طموحاتها الرياضية والمالية.
إيفرتون: النادي العريق الذي يواجه التحديات
تأسس نادي إيفرتون عام 1878، وهو واحد من أعرق الأندية في إنجلترا. على مر تاريخه، استطاع الفريق الأزرق الفوز بتسع بطولات دوري إنجليزي ولقب كأس الاتحاد الإنجليزي خمس مرات، بالإضافة إلى تحقيق لقب كأس الكؤوس الأوروبية في عام 1985. ومع ذلك، ورغم هذا التاريخ الحافل، يعاني إيفرتون في السنوات الأخيرة من تراجع في الأداء على الصعيدين المحلي والأوروبي.
منذ رحيل المدرب ديفيد مويس في عام 2013، لم يتمكن إيفرتون من تحقيق استقرار فني أو إداري واضح. تعاقب المدربون، وتدهورت النتائج بشكل كبير، مما جعل الفريق يكافح في بعض المواسم لتجنب الهبوط إلى دوري الدرجة الأولى. على الصعيد المالي، كان النادي يعاني من أزمات مالية نتيجة الإنفاق الكبير على التعاقدات دون تحقيق العوائد المرجوة، وهو ما زاد من تعقيد الوضع.
في ظل هذه الظروف الصعبة، أصبح واضحًا أن إيفرتون بحاجة إلى تغيير جذري في إدارته وتوجهاته المالية، وهذا ما جعل العروض الاستثمارية من العائلات الثرية أمثال فريدكين أمرًا جذابًا لجماهير النادي.
صفقة الاستحواذ: تفاصيل الاتفاق بين فريدكين وإيفرتون
عائلة فريدكين كانت تراقب الوضع في إيفرتون منذ فترة طويلة، وقد بدأت المحادثات الرسمية بين الطرفين في وقت مبكر من هذا العام. وفقًا للتقارير، فإن عائلة فريدكين توصلت إلى اتفاق مع مالك إيفرتون الحالي، فرهاد موشيري، للاستحواذ على نسبة كبيرة من أسهم النادي، وهو ما يمنحها السيطرة الكاملة على القرار الإداري والفني.
موشيري، رجل الأعمال البريطاني الإيراني، كان قد استحوذ على النادي في عام 2016 واستثمر مبالغ ضخمة في محاولة لإعادة الفريق إلى القمة. لكنه واجه صعوبات كبيرة في تحقيق هذا الهدف، ويبدو أنه أصبح مستعدًا الآن للتخلي عن جزء من حصته لصالح مستثمر جديد يتمتع بخبرة وقدرة مالية أكبر.
التقارير تشير إلى أن الصفقة قد تتجاوز قيمتها 500 مليون جنيه إسترليني، وهو رقم ضخم بالنسبة لنادٍ مثل إيفرتون، خاصة في ظل الأوضاع المالية المتأزمة التي يعيشها. تشمل هذه القيمة ليس فقط سعر شراء النادي، ولكن أيضًا التزامات مالية مستقبلية تتعلق بتطوير البنية التحتية وتجديد عقود اللاعبين وتحديث ملعب "جوديسون بارك" أو المضي قدمًا في خطة بناء الملعب الجديد.
ما الذي يمكن أن تقدمه عائلة فريدكين لإيفرتون؟
إدارة عائلة فريدكين الناجحة لنادي روما تجعلها واحدة من المجموعات الاستثمارية التي يتطلع إليها الجميع في كرة القدم الأوروبية. تعتمد استراتيجيتها على الاستثمارات الذكية والمستدامة، بعيدًا عن الإنفاق المبالغ فيه وغير المبرر. من المتوقع أن تتبع العائلة نفس النهج مع إيفرتون، مما يعني التركيز على بناء فريق قوي من الشباب، وتعزيز البنية التحتية للنادي، والاستثمار في الأكاديمية من أجل تطوير المواهب المحلية.
كما قد تتعاون العائلة مع الجهات المسؤولة في مدينة ليفربول من أجل تطوير منطقة النادي وتحديث الملعب الحالي أو بناء ملعب جديد يليق بمكانة إيفرتون كأحد أعرق الأندية في إنجلترا. هذا المشروع الضخم قد يجذب استثمارات إضافية ويساهم في زيادة عائدات النادي من المباريات والإعلانات.
أحد الجوانب التي قد تستفيد منها عائلة فريدكين هو الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها إيفرتون في ليفربول والمملكة المتحدة عمومًا. النادي يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة ومخلصة، ومن المتوقع أن تكون هذه الجماهيرية أحد عوامل النجاح في حال نجحت العائلة في تحسين أداء الفريق وإعادة إيفرتون إلى المنافسة على الألقاب.
التحديات التي تنتظر عائلة فريدكين في إيفرتون
رغم أن الاستحواذ على إيفرتون يفتح أمام عائلة فريدكين بابًا كبيرًا لتحقيق النجاحات، إلا أن الطريق لن يكون مفروشًا بالورود. هناك تحديات عديدة تنتظر العائلة، من بينها إعادة هيكلة الإدارة وتحديد استراتيجية طويلة الأمد لإعادة النادي إلى المنافسة في الدوري الإنجليزي الممتاز.
الجانب المالي يمثل تحديًا كبيرًا أيضًا، حيث سيتعين على العائلة التعامل مع الديون المتراكمة على النادي. كما أن الفريق الحالي يعاني من نقص في الجودة بالمقارنة مع الأندية الكبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز مثل مانشستر سيتي وليفربول وتشيلسي، مما يتطلب استثمارات كبيرة في التعاقدات لتدعيم الصفوف.
إلى جانب ذلك، تحتاج العائلة إلى اختيار مدير فني قادر على قيادة الفريق نحو تحقيق الأهداف المرجوة. تعيين مدرب يتمتع بالكفاءة والقدرة على تحقيق نتائج إيجابية سيكون أمرًا حاسمًا في نجاح المشروع الجديد. اختيار المدرب سيكون قرارًا حساسًا، حيث يجب أن يكون هناك توافق بين الإدارة والجهاز الفني حول الاستراتيجية وأهداف النادي المستقبلية.
مستقبل إيفرتون في ظل الإدارة الجديدة: بين التفاؤل والحذر
جماهير إيفرتون، رغم خيبة الأمل التي عاشتها في السنوات الأخيرة، تعيش حالة من التفاؤل الحذر بعد الإعلان عن الاستحواذ المحتمل من عائلة فريدكين. على الرغم من أن الصفقة لا تزال في مراحلها النهائية، إلا أن هناك آمالًا كبيرة بأن يكون هذا التغيير نقطة تحول في تاريخ النادي.
تتطلع الجماهير إلى رؤية إدارة جديدة قادرة على استغلال الإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها النادي وتحقيق الاستقرار المالي والفني. ومع الإدارة الحكيمة والنهج المستدام الذي تتبعه عائلة فريدكين، قد يكون إيفرتون على أعتاب حقبة جديدة من النجاحات.
من جهة أخرى، يجب على الجماهير التحلي بالصبر، حيث إن أي تغييرات كبيرة تتطلب وقتًا وجهدًا. نجاح أي مشروع يتطلب الالتزام والعمل الشاق، وهو ما يجب أن تتعهد به عائلة فريدكين لتحقيق الأهداف الموضوعة.
خاتمة: مستقبل مشرق ينتظر إيفرتون
بينما تواصل عائلة فريدكين إكمال إجراءات الاستحواذ على نادي إيفرتون، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح العائلة الأمريكية في إعادة الفريق إلى مكانته الطبيعية بين كبار إنجلترا؟
الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذا السؤال، لكن الأمل موجود لدى الجماهير التي تتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقًا لناديهم.