
سار المدرب الإسباني لويس إنريكي في مسارين متناقضين منذ توليه القيادة الفنية لباريس سان جيرمان في صيف 2023 خلفًا للمدرب الفرنسي كريستوف جالتييه. في حين حقق إنريكي نجاحات كبيرة على الصعيد المحلي، فإنه لم يتمكن من تكرار هذه النجاحات في دوري أبطال أوروبا، ما يطرح تساؤلات حول مستقبله مع الفريق الباريسي.
إنريكي يُحقق ثلاثية محلية تاريخية
على الصعيد المحلي، تمكن إنريكي من قيادة باريس سان جيرمان لتحقيق ثلاثية مميزة تمثلت في التتويج بالدوري الفرنسي، كأس فرنسا وكأس السوبر الفرنسي في الموسم الماضي. وكان هذا الإنجاز بمثابة شهادة على قدرته في التعامل مع الفرق المحلية وتقديم أداء قوي، حيث نجح في فرض أسلوبه التكتيكي على جميع المنافسين في المسابقات الداخلية.
وواصل الفريق الباريسي تحت قيادة إنريكي فرض هيمنته المحلية، ليواصل جمع الألقاب المحلية في 2024، وهو ما عزز من مكانة المدرب الإسباني بين الجماهير والإدارة.
خيبة الأمل في دوري الأبطال: النتيجة المستمرة
ورغم هذا النجاح المحلي، فقد كان التحدي الأكبر بالنسبة لإنريكي في دوري أبطال أوروبا، حيث فشل الفريق في تلبية تطلعات جماهيره في المسابقة الأوروبية الأكثر أهمية. في الموسم الماضي، تم إقصاء باريس على يد برشلونة في ربع النهائي، لتبدأ خيبة الأمل بعد خسارته في مباراة الذهاب من الدور ذاته. بعدها، تعرض الفريق للهزيمة مرة أخرى أمام بوروسيا دورتموند في نصف النهائي، مما أضاع الحلم الأوروبي الكبير.
أما في موسم 2024، فتواصلت النتائج المخيبة للآمال، حيث خسر الفريق ثلاث مباريات في دوري أبطال في دور المجموعات، أمام أرسنال في لندن، بايرن ميونخ في ألمانيا، وأتلتيكو مدريد في “حديقة الأمراء” على ملعبه. هذا الأداء الضعيف في أوروبا يهدد مسيرة إنريكي مع الفريق ويطرح تساؤلات حول قدرته على تحويل باريس سان جيرمان إلى فريق قادر على المنافسة على لقب دوري الأبطال.
أرقام 2024: تفوق محلي وهزائم أوروبية مستمرة
خاض باريس سان جيرمان تحت قيادة إنريكي هذا العام 53 مباراة في 4 بطولات رئيسية، وهي الدوري الفرنسي، كأس فرنسا، السوبر الفرنسي، ودوري أبطال أوروبا. وحقق الفريق 34 فوزًا، 12 تعادلًا، و7 هزائم. خلال هذه المباريات، سجل الفريق 125 هدفًا واستقبل 51 هدفًا، مما يعكس قوة هجومية لكن أيضًا ضعفًا دفاعيًا في بعض الأحيان. كما حافظ الفريق على نظافة شباكه في 16 مباراة، بما في ذلك مباراتين انتهتا بالتعادل السلبي.
على الرغم من الانتصارات المحلية العديدة، إلا أن باريس ظل يواجه صعوبة كبيرة في البطولة الأوروبية، حيث خسر 6 مرات في دوري الأبطال من أصل 7 هزائم إجمالية.
الصدامات العلنية مع نجوم الفريق
بعيدًا عن الأرقام، كان إنريكي يتعامل مع تحديات أخرى، أبرزها الصدامات العلنية مع بعض نجوم الفريق. ومن أبرز تلك الصدامات كانت مع الهداف التاريخي للنادي، كيليان مبابي، الذي تم استبعاده من التشكيلة الأساسية في عدة مناسبات. وبرر إنريكي قراره بأن الوقت قد حان لمنح الفريق فرصة للعب بدونه، وهو القرار الذي أغضب العديد من محبي النادي.
هذا الصدام لم يكن مقتصرًا على مبابي فقط، حيث دخل إنريكي في صدامات أخرى مع لاعبين بارزين مثل عثمان ديمبلي وجيانلويجي دوناروما. في ظل هذه التوترات، كانت الأمور أكثر تعقيدًا مع المهاجم الجديد راندال كولو مواني، الذي تم استبعاده تمامًا من حسابات المدرب الإسباني، رغم أن النادي دفع حوالي 100 مليون يورو للتعاقد معه من آينتراخت فرانكفورت في صفقة ضخمة.
تأكيد الثقة من الإدارة: الخليفي يتمسك بإنريكي
ورغم هذه التحديات والصعوبات، أظهر ناصر الخليفي، رئيس نادي باريس سان جيرمان، دعمًا كبيرًا للمدرب لويس إنريكي، حيث جدد ثقته في قدراته، مؤكداً أن الإدارة لن تقوم بأي تغييرات في جهازه الفني. في تصريحات للإذاعة الفرنسية “مونت كارلو” في الشهر الماضي، قال الخليفي: “لن نقوم بأي تغيير، لدينا ثقة كبيرة في مدربنا، الذي يقوم بعمل رائع رفقة المدير الرياضي لويس كامبوس”.
هذه التصريحات تعكس إيمان الخليفي بإنريكي وقدرته على تحقيق النجاح مع الفريق في المستقبل، رغم الانتقادات التي تواجهه على الصعيد الأوروبي.