
يعاني برشلونة في الموسم الحالي من أزمة دفاعية واضحة، تهدد استقرار الفريق رغم امتلاكه لاعبين مهاريين في الخطوط الأمامية. المدرب الألماني هانز ديتر فليك، الذي تولى القيادة الفنية للفريق في وقت حساس، يواصل الاعتماد على أسلوب دفاعي يتسم بالتقدم المستمر والضغط العالي، وهو ما يراه نقطة قوة لفريقه. لكن الواقع يشير إلى أن هذه الاستراتيجية قد تتحول إلى عبء ثقيل على برشلونة في المراحل المقبلة من الموسم، خصوصًا أمام الفرق التي تملك هجمات أقل فعالية.
استراتيجية فليك الدفاعية: إصرار على نهج قد يقود الفريق إلى الهاوية
تتمثل أبرز مشكلة في استراتيجية فليك الدفاعية في الاعتماد على الضغط العالي والدفاع المتقدم الذي يحاول فرضه على الفريق. ورغم أن المدرب الألماني يعتقد أن هذا التكتيك هو نقطة قوة بالنسبة لبرشلونة، إلا أن الأرقام والإحصائيات تشير إلى العكس تمامًا. الفريق الكتالوني استقبل 20 هدفًا في الدوري الإسباني حتى الآن، وهو الرقم الأسوأ بين الأندية الأربعة الأولى في جدول الترتيب. ويعد هذا الرقم مصدر قلق كبير للفريق الذي يسعى للمنافسة على الألقاب المحلية والأوروبية.
ما يزيد الطين بلة هو أن أندية مثل ريال سوسيداد ورايو فايكانو وخيتافي، التي تحتل مراكز في منتصف الجدول، تملك دفاعًا أقوى بكثير من برشلونة، حيث اهتزت شباكها 11 و18 و14 هدفًا على التوالي. كيف يمكن لفريق مثل برشلونة الذي يتطلع لحصد الألقاب أن يعاني من هذه الثغرات الدفاعية الواضحة؟
إشكالية الدفاع المتقدم أمام فرق ذات هجوم ضعيف
واحدة من أكبر المفارقات التي يصر فليك على اتباعها هي اللعب بدفاع متقدم أمام فرق ذات هجوم ضعيف، مثل مايوركا ولاس بالماس وليجانيس. هذه الأندية لا تمتلك القدرة الهجومية الكافية لتهديد مرمى برشلونة، لكن فليك يمنحها مساحات واسعة في الخلف، مما يتيح لها الفرصة للتهديف من خلال الهجمات المرتدة. هذه الطريقة تجعل الفريق الكتالوني في خطر دائم، حيث يتعرض للهجمات السريعة التي قد تؤدي إلى استقبال أهداف غير متوقعة، رغم تفوق برشلونة الواضح في غالبية المباريات.
الاعتماد على لاعبين كبار في السن: هل يتحمل خط الدفاع العبء؟
من بين العوامل التي تزيد من تعقيد الوضع الدفاعي في برشلونة هو الاعتماد على لاعبين مخضرمين في الخط الخلفي، مثل إنييجو مارتينيز البالغ من العمر 33 عامًا. ورغم خبرته الكبيرة، إلا أن مارتينيز يفتقر إلى السرعة والقدرة على مجاراة المهاجمين السريعين في المساحات المفتوحة، وهو ما يشكل خطراً إضافياً على الفريق. إلى جانب مارتينيز، يشارك في الدفاع الشاب باو كوبارسي، الذي لا يزال في سن 18 عامًا، وهو يفتقد للكثير من الخبرة في المباريات الكبرى. ورغم أن كوبارسي أظهر بعض التألق العرضي، إلا أنه ليس اللاعب الذي يمكن أن يحمل مسؤولية الدفاع عن برشلونة في المواسم الكبيرة.
الضرورة الملحة لإعادة النظر في الاستراتيجية الدفاعية
يتطلب الوضع الحالي أن يقوم فليك بمراجعة حساباته وتعديل استراتيجيته الدفاعية. لا شك أن الفريق يمتلك مواهب هائلة في الخطوط الأمامية، ولكن إذا لم يكن الدفاع قوياً، فإن كل هذه القدرات قد تذهب سدى. فكلما اقتربنا من المراحل الحاسمة في الموسم، تصبح الأخطاء الدفاعية أكثر تكلفة، وقد تؤدي إلى خسارة النقاط التي قد تضر بفرص الفريق في المنافسة على الألقاب.
من الضروري أن يعتمد برشلونة على توازن دفاعي أكبر، ولا سيما عندما يواجه فرقًا تعتمد على الهجمات المرتدة. قد يكون من الأفضل أن يعتمد فليك على دفاع منظم ومتماسك، بدلاً من الرهان على الضغط المستمر الذي قد يكشف الفريق للكثير من الفراغات الدفاعية.
هل ينجح فليك في تعديل المسار؟
الكرة الآن في ملعب فليك، وعليه أن يثبت قدرته على تصحيح الوضع الدفاعي. إذا تمسك بالاستراتيجية الحالية، فإن الفريق قد يواجه مزيدًا من الهزائم المفاجئة، خاصة أمام الفرق الأقل ترتيبًا في الدوري الإسباني. فهل سيواصل الاعتماد على أسلوبه الحالي، أم سيعمل على تغيير التكتيك ويجعل الدفاع نقطة قوة بدلاً من أن يكون سببًا في تدهور الفريق؟ الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان فليك قادرًا على قيادة برشلونة إلى المنافسة الجادة على الألقاب أم أنه سيبقى متمسكًا بنهج قد يقوده إلى الهاوية.