أداء لامع ومباراة تاريخية
انطلقت المباراة بقوة منذ صافرة البداية، إذ حرص منتخب إسبانيا على بناء الهجمات بشكلٍ سريع ومنظم، وكان لامين يامال في قلب الأحداث ينجز مراوغات مبهرة أمام دفاعات المنتخب الفرنسي. ومع تطور اللقاء ظهر الفرنسيون المسيطرون على الكرة أحيانًا في منتصف الشوط الثاني، لكن يامال لم يتوانَ عن إظهار سرعته وقدرته على المراوغة الذكية ما مكنه من صناعة فرصٍ كثيرة زادت من خطورة هجوم “لاروخا”.
وفي الدقيقة الرابعة عشر نجح يامال في اختراق الجبهة اليمنى لفرنسا
قبل أن يمرر كرة دقيقة إلى زميله فيليب كوستيتش داخل المنطقة، لكن الحارس الفرنسي تألق في إنقاذ المرمى. وقبل انتهاء الشوط الأول، أطلق يامال قذيفة من مسافة بعيدة أنّفَس الدفاع الفرنسي ووجدت طريقها إلى الشباك معلنة تقدم إسبانيا بهدفٍ نظيف. ظل الشاب الإسباني متألقًا طوال الوقت حيث قام بتغطية المساحات وقطع الكرات من اللاعبين الفرنسيين قبل أن ينطلق بأقدام سريعة يضع خط الدفاع في حيرة تامة.
تصريح يامال الحاسم

عقب صافرة النهاية، ووسط تصاعد التساؤلات بشأن المنافسة على الكرة الذهبية بين يامال وديمبيلي، وجّه يامال رسالة مختصرة للصحفيين قائلاً إن “الأهم هو ما يُقدَّم داخل الميدان”، مرجّحًا بذلك وزن الأداء الفعلي وعوامل الحسم على أرضية الملعب بما يفوق كل حديثٍ خارجي. وأوضح أنه لا يهتم كثيرًا لأي تصريحات صدرت من بعض اللاعبين الفرنسيين حول طموحه في المنافسة مع ديمبيلي على اللقب الفردي الأهم، لأن التتويج الجماعي يظل الهدف الأسمى الذي يسعى إليه مع منتخب إسبانيا.
مدحٌ خاص لديمبيلي
لم يكتفِ يامال بالتأكيد على قيمة الأداء داخل المباراة، بل أشاد بجزءٍ من مشوار زميله عثمان ديمبيلي قائلاً: “ديمبيلي لاعب صاحب إمكانياتٍ هائلة وحضوره يضيف الكثير لأي فريقٍ ينتسب إليه، لكن اليوم قوة منتخب إسبانيا وموحدي الصفوف هم من وصلوا إلى النهائي”. ويعكس هذا الحديث مدى الاحترام الذي يكنّه يامال لديمبيلي، إذ أشار إلى أن القيمة الحقيقية لأي نجم تقاس بالإنجازات الجماعية التي يراهن عليها، وليس بصورة مبالغة في الأحاديث الإعلامية.
رافدٌ هجومي متكامل
لم يقتصر دور يامال على تسجيل هدف التعزيز وحسب، بل تمثل حضوره في تحركاته الذكية التي خلقت التوازن بين الدفاع والهجوم. فقد وجد المساحات غير المراقبة في خط وسط فرنسا بفضل لياقته البدنية العالية وسرعته الفائقة، ما مكنه من توجيه تمريراتٍ متقنة أسفرت عن أهدافٍ أخرى خلال المواجهة. وكان إسهامه واضحًا عندما شارك في بناء الهدف الرابع لإسبانيا قبل نهاية الوقت الأصلي بدقائق قليلة، إذ أرسل تمريرة عرضية من الجبهة اليسرى قابلها مهاجم “لاروخا” بتسديدةٍ جزاءً إلى الشباك رسالةً وضوحها أن الشاب الإسباني قادر على تغيير وجه المباراة في أي لحظة.
تحدٍ جديد في النهائي

تأهل إسبانيا إلى النهائي المنتظر لملاقاة نظيره البرتغالي يوم الأحد المقبل بعد مواجهةٍ ساخنة أمام فرنسا انتهت بنتيجة ٥-٤. وسيحمل النهائي عنوانًا جديدًا لحساب دوري الأمم الأوروبية ٢٠٢٥، حيث سيسعى يامال إلى مواصلة تقديم الأداء الرفيع وقيادة منتخب بلاده لأن يكون أول فريقٍ يتوّج باللقب من خارج حصيلة المنتخبات الأوروبية الكلاسيكية. وستكون الفرصة سانحة أمامه لإثبات أن قيمته الحقيقية تتجاوز الحديث عن الجوائز الفردية، وأن منطق الأداء داخل الملعب هو الفيصل. كما يتوقع أن يستمر الحديث عن إمكانية تتويج ديمبيلي بجائزة الكرة الذهبية في حال واصل تألقه مع الفريق الفرنسي ونجح في تحقيق إنجازات مماثلة، غير أن ما أعلنه يامال سيظل رادعًا لكل كلامٍ خارج ساحات الملاعب.
خاتمة صاعقة
من خلال مواجهة فرنسا وتركيزه على الإنجاز الجماعي، كرّس لامين يامال قناعاته بأن الكلمات الخارجية لا تزن أمام ثقل الإسهامات الفعلية في المباريات الحاسمة. وشكَّل مدحه لديمبيلي تعبيرًا عن روح الاحترام المتبادلة بين النجوم رغم حدّة المنافسات، مؤكدًا في الوقت ذاته أن الأداء داخل ملعب الكرة وحده من يرسم خارطة الطريق للنجومية والتتويج. بات الشاب الإسباني مثالًا يحتذى به في كيفية إدارة الطموح الفردي ضمن سياق الأهداف الجماعية، وهو ما يعكس نضجًا مبكرًا في مقاييس ميدان كرة القدم العالمي.