منح الفرصة للنمو داخل الكالتشيو
اعتبر الأسطورة الإيطالية فرانشيسكو توتي أن خطوة نادي ريال مدريد بإرسال نجمه الشاب الأرجنتيني نيكو باز إلى صفوف كومو الإيطالي تعد من أذكى القرارات التكتيكية والتنموية التي اتخذها النادي الملكي خلال السنوات الأخيرة. وأوضح "إيل جول" في تصريحٍ نقلته شبكة "فوتبول إسبانيا" أن اللاعب سيحصل على خبرات قيّمة ستعجّل بعودته أقوى إلى بيته الأبيض، كما أشار إلى أهمية الاستفادة من دوري الأندية الإيطالي في صقل مهاراته.
أشار توتي إلى أن ريال مدريد لم يغب عنه يوماً تعقيد المنظومة في سوق الانتقالات، لافتاً إلى أنه "منح باز حرية اللعب بشكلٍ أساسي في كومو يتيح له التطور دون الضغوط الكبيرة التي قد تصاحب البقاء ضمن تشكيلة مدريد الاحتياطية أو المشاركة المحدودة في "الليجا" ودوري الأبطال". وتابع نجم روما السابق: "اللعب ضمن أندية دوري الأضواء في إيطاليا يتطلب ذكاءً تكتيكياً وقدرةً على الامتثال لتعليمات المدرب، وهذا ما سيكتسبه باز في كل حصة تدريبية ومباراة رسمية".
ويأتي إعجاب توتي في توقيتٍ تتجه فيه العديد من الأندية الأوروبية الكبرى إلى تشبيك صفقاتها بعقود تحتوي على بند إعادة شراء يسمح لها بتأمين مستقبل اللاعبين الشبان. فبعدما استفاد ريال مدريد من عودة لاعبين مثل مارتن أوديجارد وتيجايو هيرموسو، يُعد نيكو باز أحدث مثال على هذه السياسة التي تجمع بين الطموح الرياضي والمحافظة على الاستقرار المالي.
تجربة كومو… انطلاقة مثالية

انتقل باز في أغسطس 2024 إلى كومو على سبيل الإعارة مع إمكانية إعادة الشراء من قبل ريال مدريد مقابل مبلغٍ محدد مسبقاً. وخلال الأشهر القليلة الماضية، أعطى المسؤولون في النادي الإيطالي الثقة للاعب في مركز الجناح الأيسر، حيث تألق بسرعته ومهاراته في المراوغة والتمرير السحري. وقد ساهم هذا الاعتماد عليه بشكلٍ أساسي في صعود مستوى الفريق نحو مركزٍ أفضل في جدول ترتيب دوري الدرجة الثانية الإيطالي، كما برز أمام جماهير الكالتشيو بأداءٍ يشي بأنه سيكون جاهزاً للتحديات الكبرى.
وفي هذا السياق، قال توتي: "التراكم المعرفي والبدني الذي يحصل عليه باز من خلال مشاركة مستمرة يمنحه إدراكاً عالياً للزمن والمساحة داخل الملعب، وهو ما نادرًا ما يكتسبه اللاعب الشاب في غرف تبديل الملابس المزدحمة بمواهب كبرى". وأضاف أن "التعامل مع الضغط الجماهيري والمنهجي في إيطاليا يُعَدّ مرحلة نقلية ضرورية لكل لاعب يسعى لأن يكون من النجوم العالميين".
منافسة داخلية ستزيد من قوة الفريق
حين يعود باز إلى ريال مدريد، سيجد أمامه تحدياً مزدوجاً؛ الأول منافسة داخلية مع لاعبين أمثال فينيسيوس جونيور ورودريغو غوزاليس وجود بيلينجهام وبراهيم دياز في خط الهجوم، والثاني التأقلم مع التكتيك الهجومي الفريد الذي يفرضه المدرب. ورغم أن المنافسة قد تقلل من دقائق مشاركته في البداية، إلا أن التمرس في إيطاليا سيمنحه القدرة على فرض نفسه سريعاً: "الموسم الإضافي مع كومو أفضل من الجلوس على دكة البدلاء في مدريد، فالمشاركة المباشرة ترفع من ثقة اللاعب وتجعله يتحكم في قراراته داخل الملعب"، وفقًا لما ذكره توتي.
ويعتمد ريال مدريد على صاحبي العقلية القتالية أمثال فينيسيوس أو بيلينجهام للدفاع عن ألوان النادي في المباريات الكبيرة، ومن المنتظر أن يكون لاستعادة باز دورٌ معزز في تنويع الخيارات الهجومية، خصوصاً في حال تفكير النادي بإدخال تغييرات تستهدف زيادة فعالية الضغط العالي والتمرير القاتل في الثلث الأخير.
استراتيجيات الاحتفاظ بالمواهب الشابة

تأتي خطوة إعارة باز امتدادًا لسياسةٍ أكثر شمولاً وضعتها إدارة ريال مدريد في السنوات الأخيرة، تستهدف تحقيق التوازن بين بناء فريق قادر على المنافسة على جميع الألقاب والمحافظة على رصيد النادي الاقتصادي. فقد أبصر الملكي فوائد إعادة شراء اللاعبين حين نجح في استرجاع أوديجارد بعد مسيرة حافلة مع أرسنال، ما جعله أحد أبرز لاعبي الوسط في العالم اليوم.
من جانبه، يرى توتي أن "بيع باز أو التخلي عنه بشكلٍ كامل كان سيسلب مدريد فرصة صناعة نجم جديد، بينما إبقاؤه ضمن استراتيجية الإعارة مع بند إعادة الشراء يمثل الخيار الأمثل لتعظيم الاستفادة الفنية والتجارية".
بصمة مستقبلية في سماء كرة القدم
ختم فرانشيسكو توتي مداخلته بالتأكيد على أن نيكو باز ما هو إلا واحد من جيلٍ جديد يبشر بموسمٍ قادم سيشهد ولادة نجوم كُثر: "عندما يعود إلى النادي الملكي، سيكون مستعداً لرفع الراية البيضاء بكل ثقة، لأنه اكتسب أساسيات الكالتشيو ولغة الاستحواذ والتحرك في المساحات الضيقة. هذا ما سيجعله، بلا شك، من بين أفضل لاعبي العالم خلال السنوات المقبلة".
وتبقى الأنظار موجهةً إلى تطورات موسم كومو الحالي ومعرفة ما إذا كان ريال مدريد سيفعل بند إعادة الشراء الصيف المقبل لضمه مجدداً، في خطوةٍ تؤشر إلى ثقة الإدارة في قدرة بطل أوروبا على تطوير مواهبه الشابة وإبقائها ضمن منظومة عريقة.