إيساغوجية الدوبامين في مدرجات “الجوهرة”
مع تبقي ثلاث جولاتٍ فقط على نهاية دوري روشن السعودي، بات الاتحاد على بُعد خطوةٍ واحدةٍ من رفع درع المسابقة، بعد تجاوزه الفيحاء بثلاثية نظيفة في الجولة 31 وتجنبه أي تعثرٍ أمام أقرب ملاحقيه (الهلال)، ما عزّز الفارق بينهما إلى تسع نقاطٍ قبل مواجهة “الزعيم” للعروبة.
غير أن محللًا اتحاديًا شهيرًا أعاد الفضل في هذا البلدغة التاريخية إلى “هجينة” ثلاثية تكمن في إفراز هرمون السعادة، وقوة اللاعبين، وحرفية الإدارة، مستبعدًا أي دورٍ حقيقيٍّ للمدرب الفرنسي لوران بلان في معادلة التفوّق.
أطلق الصحفي عادل المرضي في تغريدةٍ على منصة “إكس” وصفًا فريدًا لتصدر الاتحاد بقوله:
“الاتحاد يتصدّر بالدوبامين!! الصدارة إنما تحققت عبر ثلاث عوامل لا رابع لها: الدوبامين، قدرات اللاعبين، والإدارة الرائعة (رامون ودومينغوس ومشعبي).”
نجوم في الحرمة يحسمون مباريتهم
وعرّف المرضي الدوبامين بأنه “هرمون السعادة” الذي يرسله الدماغ في استجابةٍ للتشجيع الجماهيري الصادق، ويرتفع مستواه في الدم إلى عنان السماء عندما تشدّ حشود الأنصار بأهازيجها وحماسها اللامتناهي. وأوضح:
“هذا الهرمون هو سرُّ يسرّع التفكير ويعزز التركيز ويهذب المزاج، مفضيًا إلى تحفيزٍ ذاتيٍّ وثقةٍ متزايدةٍ بالقدرات. تذكّروا ريمونتادا خماسية سونغنام 2005 وثلاثية النصر يوم 2025 — جميعها انطلقت من دواء المدرجات!”
العامل الثاني في معادلة المرضي هو قدرات اللاعبين الفردية والجماعية. فمن ياسر القحطاني إلى سلمان الفرج مرورًا بـسلمان المؤشر وفهد المولد، شكّلوا قلبًا نابضًا ردّع المنافسين. هذا الموسم، سجل “العميد” 83 هدفًا في 31 جولة، بما في ذلك 13 هدفًا بعد الدقيقة 90، وهو رقمٌ قياسيٌّ لم يسبق له مثيلٍ في تاريخ الدوري السعودي.
إدارة الصولجان… بين رامون ومشحبي
أكّد البرتغالي رامون ديمونديغوس، المدير الرياضي، في حوارٍ مع “ماركا” الإسبانية، أن بلان استفاد من هذه الكتيبة الفتّاكة، لكنه كان مجرد “مدير للحفلة” وسط نجومٍ سيكتبون التاريخ بأقدامهم.
العامل الثالث هو الإدارة الرشيدة، والتي يقودها الثنائي رامون ديمونديغوس ولؤي مشعبي، اللذان عملا على بناء هيكلٍ احترافيٍّ في التعاقدات والبنية التحتية، بعكس ما شهدته أنديةٌ أخرى من فوضىٍ كروية. ورغم ترحيبهما المتواصل بكل مدربٍ جديدٍ، إلا أن الصدارة القياسية للعميد دفعت الإدارة إلى الإعلان عن مواصلة الثقة في لوران بلان حتى نهاية العقد، قبل أيّ حديث عن استقدام مدربٍ جديد.
وقد صرّح مشعبي لبرنامج “في 90” قائلاً:
“المهم هو الفريق قبل كل داعٍ أو مدرب، وهذه النتائج تتحدث عن عقلٍ مؤسسيٍّ أكثر من مهارات الفرد الواحد.”
مكانة بلان ضمن المعادلة
رغم تصدر الاتحاد للحسابات، أثار استبعاد لوران بلان من “ثلاثية الإنجاز” جدلًا واسعًا، إذ يرى البعض أن الفرنسي وضع بصماته التكتيكية في مرونة الخطط والانضباط الدفاعي. أما المرضي فاختصر دوره بالقول:
“بلان كان المايسترو خلف الكواليس، لكن الأوبرا قدمها لاعبون يملكون شغفًا مكتنزًا بدمائهم.”
ختام السباق وملامح المجد
مع حاجته لنقطةٍ واحدةٍ فقط لضمان اللقب، ينتظر الاتحاد مواعيد الحسم أمام الشباب وأبها والشباب والرائد — جولاتٌ مرتبطةٌ مباشرةٌ بنهاية العقد الحالي لبلان وتقويمه الشخصي. وفي حال توّج “العميد” يومًا قبل نهاية الموسم، فسيكون الدوبامين قد دلّل الثالوث المذهل، وأثبتت الإدارة أن الاستثمار الذكي في اللاعبين والبنية التحتية يفوق أي تصوّراتٍ فرديةٍ.
في مساءٍ سيُرسم فيه خريطةُ انتصارٍ مدوٍّ، سيظل السؤال مطروحًا:
هل سيتحول لوران بلان من “مايسترو الكواليس” إلى “نجم العرض” في العقد المقبل، أم سيكتفي الاتحاد بلحن الثلاثية المحفورة في تاريخ “العميد” بأحرفٍ تردد صداها جمهور “الجوهرة المشعة” إلى ما بعد قرنٍ من التأسيس؟
