رونسيرو يستفز برشلونة قبل يوم التتويج ودوري الأبطال يفوق الكتالونيين

14 days ago

برشلونة

هجوم رونسيرو.. سخرية قبل النهائي

شغلت مواجهة نهائي دوري أبطال أوروبا بين باريس سان جيرمان وإنتر ميلان اهتمام الملايين بعد أن فرضت نفسها على دائرة الحديث الإعلامي والشعبي، لكن الطامة الكبرى جاءت من الصحفي الإسباني توماس رونسيرو الذي قرر أن يستغل انطلاقة منافسة المجد القاري ليشن هجومًا حادًا على فريقه القديم برشلونة ويذكّره بسقطاته الأخيرة. تعود جذور الهجوم إلى خروج النادي الكتالوني من نصف النهائي أمام إنتر، بعد معركة دراماتيكية انتهت بنتيجة 7-6 في مجموع المباراتين، وهو ما قضى على أمل برشلونة في معانقة اللقب الأوروبي للمرة السادسة، ويجعله بعيدًا عن نهائي المسابقة منذ عام 2015 حين توج على حساب يوفنتوس الإيطالي.

تغريدة نارية: “دوري الأبطال أكبر من برشلونة”

في تغريدة له على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” غرّد رونسيرو بقوله “لا يمكنني إنكار ذلك أنا مرتعب من تلك البطولة السادسة التي قد يفوز بها برشلونة سيبدأون مرة أخرى بحديث الثلاثية”، ثم تابع ساخرًا “لكن لحظة لقد رأيت كيف أن إنتر العزيز على قلبي أطاح بهم في نصف النهائي هاها لا يتعلمون من الدرس دوري الأبطال أكبر من مستواهم”. بهذه الكلمات أحبط رونسيرو آمال أنصار النادي الأزرق والأحمر قبل انطلاق مواجهة الأبطال في ملعب أليانز أرينا بميونخ، ومهد لسلسلة من التعليقات الغاضبة التي صدرت من أرجاء العاصمة الكتالونية ومن وسائل الإعلام التي تنقل نبض الشارع هناك.

ردود فعل غاضبة من داخل برشلونة

كل ذلك أثار ردود فعل ساخطة داخل أروقة برشلونة فعدد من نجوم وأطر النادي صرّحوا بأن رونسيرو تجاوز حدود النقد المبني على التحليل الفني، بعد أن سبق له أن ارتبط بالعمل معه كمحلل رياضي لسنوات طويلة قبل أن يصطدم بموقف إدارته الرافض لسياسته الحادة والمتحيزة في بعض الأحيان. من جانبه صرح أحد أعضاء الجهاز الفني بقوله “توماس يعرف جيدًا طبيعة حب الجماهير للفريق ولا يمكن أن يتجنّب تأثير مثل هذه الهجمات على معنويات اللاعبين قبل مباراة تجريبية تحضيرية للتتويج بشكل غير مباشر، لكن هذه التغريدات قاسية وتخرج عن سياق التحليل الهادئ”.

الذاكرة الجماعية.. ثلاثية 2015

برشلونة

يتذكر الجميع موسم الثلاثية التاريخية لبطل “الكاتالونيا” في 2014–2015 عندما نجحوا في الفوز بالدوري وكأس ملك إسبانيا ودوري الأبطال تحت قيادة المدير الفني لويس إنريكي نفسه الذي يقف اليوم على عكس المنصة كي يتابع مباراة نهائي البطولة مع فريقه الجديد باريس سان جيرمان. آنذاك قدّم الفريق أداءً أسطوريًا في الكامب نو وخارج الديار قبل أن ينتزع الكأس الأغلى بعد فوزه على يوفنتوس بهدفين نظيفين، لكن رونسيرو يبدو مصممًا على تذكير الجميع بأن أيام المجد قد ولت وأن التراجع الحالي يعود أساسًا إلى سوء التخطيط الإداري وحالة الارتباك الفني داخل غرف الملابس.

برشلونة في ظل تفوّق ريال مدريد

وفي فصل آخر من السجال أثمرت الإحصائيات الأخيرة كشفًا مهمًا، إذ يشير الواقع إلى أن برشلونة لم ينجح منذ تتويجه الأخير عام 2015 في الوصول إلى أي نهائي للبطولة القارية، في حين خطف ريال مدريد لقب دوري الأبطال خمس مرات عقب موسم ثلاثية الفريق الكتالوني، وتحديدًا في 2016 و2017 و2018 و2022 و2024، وهو ما يضع الضغط مباشرة على إدارة برشلونة للتفكير جدّياً في إعادة إعمار المشروع الرياضي لسدة “الكامب نو” قبل فوات الأوان. يرى المتابعون أن الصحفي الإسباني لم يبالغ حين عبر عن فلسفته القائلة إن البطولة الأغلى في العالم أكبر بكثير من قدرة برشلونة الحالية على مجاراتها.

انتقاد التركيز المحلي وغياب التطوير

ومع اقتراب صفارة البداية النهائية، وجّه رونسيرو سهام انتقاده إلى النقطة الأخطر وهي اعتماد النادي على تركيز مفرط على المنافسات المحلية مع الإهمال النسبي لقطاع تطوير الشباب وعجز إدارة جوسيب ماريا بارتوميو ثم خلفه من رؤساء النادي عن بناء فريق قادر على المنافسة على أكثر من جبهة. لقد كان خروج الفريق من نصف النهائي بمجموع 7-6 أمام إنتر أشبه بجرح غائر في قلب جمهور البلوجرانا بعد أن عادت الأوقات الصعبة التي تعود للعقد الماضي، عندما كان الفريق يمر بفترات جفاف وعجز عن استثمار النجوم الكبرى في الحسم في الأوقات المصيرية.

مباراة الإياب.. من الأمل إلى الإحباط

برشلونة

إذا عدنا إلى التفاصيل نجد أن مباراة الإياب في “الكامب نو” أمام إنتر شهدت تبادلًا للفرص والهزات النفسيّة، إذ افتتح الضيوف التهديف مبكرًا، لكن رافينيا وماتيوس بيريرا ردّا بهدفَيْ تعادل منحا الأمل لجماهير المدّرجات قبل أن يعيد لوكاكو الإنتر إلى المقدمة. حاول الثنائي عثمان ديمبيلي وفرينكي دي يونج تغيير النتيجة لكن المرضعات الدفاعية لتشكيلة المدرب سيموني إنزاجي كانت أكثر صلابة رغم غياب بعض الأسماء الأساسية بسبب الإصابة أو التأديب، فاستطاع اللاعبون الحسم بوجود لوكاكو ومارتينيز وهاندانوفيتش لينجح الإنتر في قلب نتيجة المباراة النهائية لمصلحة الفريق الإيطالي.

فقدان الروح.. هل انتهت كرة الاستحواذ؟

بعد أن اعتاد بارسا على نمط كرة التملّك والتمرير القصير تحت إشراف بيب غوارديولا ثم إرنيستو فالفيردي ولويس إنريكي، ظهرت علامات الأسى على وجوه المتابعين حين شعروا بأن النادي فقد الروح التي صنعت الأمجاد لمدة عقد كامل. إن ربط رونسيرو بين ما حدث في نصف النهائي وما يحدث في الذاكرة الجماعية، وجد صدى كبيرًا لدى المعنيين الذين يرون أن المراهنة على الأسماء الكبيرة دون تجديد دماء الفريق لم تعد كافية لمجاراة فرق مثل ريال مدريد ومانشستر سيتي وبايرن ميونخ اليوم.

التبريرات الداخلية والانتقادات الخارجية

في الأيام الأخيرة، حاولت بعض الأصوات الدفاعية داخل جدران النادي أن تبرّر ما حدث بالظروف الاستثنائية التي مرّ بها الفريق خلال العامين الماضيين، ابتداءً من وباء كورونا وانتهاء بالانهيار المالي الذي أجبرهم على بيع نجومهم والاعتماد على الجيل الجديد غير المكتمل بعد، لكن هذه التبريرات لم تجد صدى لدى النقاد الذين اعتبروا أن الفرق القوية في العالم واجهت ضغوطًا مُماثلة واستطاعت تجاوزها بفضل الخطط الاقتصادية المرنة والتعاقد مع مديرين فنيين أقدر على بناء فريق يعرف جيدًا معنى التحدي الأوروبي.

دعوات لإعادة هيكلة الأكاديمية

أفضى ذلك كله إلى دعوات داخلية تُطالب بالثقة في جوانت بارتوميو وأجويرو من أجل إعادة هيكلة أكاديمية الفريق وتعزيز جسر التواصل بين قطاع الناشئين والفريق الأول، لضمان ظهور جيل قادر على استعادة هوية برشلونة التقليدية المبنية على روح الملكية الشاملة. في الوقت نفسه يرى البعض أن هناك حاجة ماسّة للبحث عن مدرب جديد يبدأ من الصفر في بناء المشروع، وهو الأمر نفسه الذي اعتمد عليه ريال مدريد منذ عودة زيدان ثم تجديد الثقة في أنشيلوتي قبل أن يستعيد الهيمنة على أوروبا.

رونسيرو.. ناقدٌ أم مستفز؟

أما على الصعيد الصحفي فإن رونسيرو لم يتوقف عند الحدود، بل اعتبر أن “دوري الأبطال أكبر من برشلونة” بمقارنة صادمة بين إنجازات الفريق الإسباني وإنجازات ريال مدريد الفورية بعد كل موسم. يجدر التنويه إلى أن رونسيرو سبق أن تولّى مهمة الإشراف على ملف التحليل الرياضي ضمن القناة الرسمية للنادي الكتالوني لكنه انفصل عن العمل لأسباب تتعلق بسياسة النقد المفتوح التي اعتمدها على الهواء، الأمر الذي جعل الكثيرين يرونه ناقدًا صارمًا أعلى من المتوسط في الميادين الصحفية الرياضية.

غضب الجماهير وغياب الرد الرسمي

ورغم تحذيرات بعض زملائه في الوسط الإعلامي من مضار التنمر المعنوي على فريق بحجم برشلونة، إلا أن صوته ظل عالياً في ظل غياب الرد الرسمي من الرئيس جوان لابورتا وكافة أعضاء مجلس الإدارة الذين اعتادوا في السابق الرد بقوة على أقل انتقاد يوجه لهم. وحتى الآن لم يصدر أي بيان رسمي يردّ على رونسيرو، لكن شريحة كبيرة من أنصار الفريق عبرت عن غضبها في منتديات مواقع التواصل ورفعت شعار “دوري الأبطال ليس للبيع” في إشارة إلى أن ما حدث لا ينبغي أن يكون مدعاة للسخرية بقدر ما يجب أن يكون دعوة للاستيقاظ وإعادة الحسابات سريعًا.

مستقبل برشلونة.. ثورة أم استمرارية؟

وفي الختام يمكن القول إن موقف الصحفي الإسباني فتح باب النقاش الواسع حول مستقبل برشلونة ومكانته الحقيقية في كرة القدم الأوروبية، إذ يُجزم المحللون بأن إعادة بناء شأن النادي يتطلب سنوات من العمل المتواصل سواء داخل مساكن اللاعبين أو في مكاتب الإدارة. فجمهور “البلوجرانا” لا يقبل أن يرى شعار الفريق الأحمر والأزرق بعيدًا عن منصة التتويج الأوروبية، وخيبة الخروج أمام إنتر بثلاثية في الأهداف أمام عشرة أهداف دفعة واحدة تبعث برسالة قوية مفادها أن النادي بحاجة إلى ثورة داخلية حقيقية إذا أراد أن يعود لمنصات المجد ويرد على الذين يعتبرون أن البطولة الأكبر في العالم أصبحت تتجاوز قدراته.

المزيد من المقالات