ريال مدريد، النادي الأكثر شهرة في العالم، مر بمرحلة توتر حاد في الفترة الأخيرة، حيث تعرض لعدة انتكاسات كانت بمثابة صدمة لجماهيره. بداية الموسم كان يبدو أن الفريق يسير على الطريق الصحيح، ولكن سرعان ما جاءت الخسارة القاسية أمام برشلونة في نهائي كأس السوبر الإسباني لتعيد الفريق إلى أرض الواقع. الهزيمة بنتيجة 2-5 في جدة كانت بمثابة جرس إنذار بأن هناك مشاكل تتجاوز مجرد نتائج المباريات، وأن هذه الخسارة قد تكون بداية لمشاكل أعمق تؤثر على مسيرة الفريق.
عندما عادت بعثة ريال مدريد إلى مدريد، كانت الأجواء في الفريق مشحونة بالتوتر، حيث ساد الصمت بين اللاعبين، وعكست وجوههم ملامح خيبة الأمل والضيق. ومع أن هذه الخسارة قد لا تهز استقرار مشروع الفريق على المدى البعيد، إلا أنها كشفت عن العديد من الشروخ والتصدعات في صفوف النادي. بات من الواضح أن هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات عاجلة، وبدأ الجميع يتساءل عن الأسباب الحقيقية وراء هذه الخيبة الكبيرة.
أنشيلوتي تحت الضغط: هل سيصمد أمام العاصفة؟
منذ الهزيمة المدوية أمام برشلونة، تصدر اسم المدرب كارلو أنشيلوتي الصحف والنقاشات الإعلامية والجماهيرية، حيث أصبح الهدف الأول للانتقادات. أنشيلوتي، الذي ارتبط اسمه بالكثير من الإنجازات مع الأندية التي دربها، وجد نفسه في مواجهة ضغوط كبيرة بعد الهزيمة في السوبر. في البداية، كانت وسائل الإعلام والنقاد يرون في هذه الخسارة مجرد عثرة عابرة، لكن مع مرور الوقت وتكرار الأداء الباهت في المباريات الأخرى، بدأ العديد يوجه أصابع الاتهام إلى المدرب نفسه.
لكن بحسب ما ذكره موقع “ريليفو” الإسباني، فإن إدارة ريال مدريد لم تتعجل في اتخاذ أي قرارات بشأن أنشيلوتي، بل على العكس، يحاول النادي تهدئة الأوضاع وإرسال رسالة طمأنة للمدرب. تشير الأنباء إلى أن أنشيلوتي، رغم تعرضه للنقد الواسع، لا يزال يتمتع بدعم إدارة النادي. ورغم ذلك، يبدو أن هناك استياء كبيرًا داخل النادي من بعض قرارات المدرب، خاصة في ما يتعلق باستخدامه للمواهب الشابة وتغيير مراكز بعض اللاعبين دون جدوى.
وبحسب التقارير، فقد تزايدت الشكوك حول أسلوب أنشيلوتي في التعامل مع اللاعبين. رغم تاريخه الحافل في التدريب، إلا أن العديد من اللاعبين بدأوا يشتكون من قراراته التكتيكية. أبرز النقاط التي يتم انتقادها هي عزوفه عن إتاحة الفرصة للاعبين الشبان، وكذلك تعديله لمراكز بعض اللاعبين دون تقديم أي نتائج إيجابية. على الرغم من هذه الانتقادات، لا يزال المدرب متمسكًا بخططه وأسلوبه التدريبي، ويركز على تحفيز اللاعبين من خلال العزلة والحديث معهم بشكل فردي، مما جعل البعض يشكك في مدى فعالية هذه الاستراتيجية.
وفي الوقت الذي كان فيه بعض اللاعبين يخفقون في المواعيد الكبرى، مثل الهزائم المتتالية أمام برشلونة وليفربول وأتلتيك بلباو، فإن أنشيلوتي تمسك بمواقفه في توجيه اللوم لأفراد الفريق، لكن هذه الانتقادات لم تكن دائمًا متساوية، فقد بدا أحيانًا متساهلاً مع بعض اللاعبين مقارنة بآخرين. هذه التناقضات بين النقد والتسامح أدت إلى مزيد من التوتر داخل الفريق وأثرت على التناغم بين المدرب واللاعبين.
التوتر في غرفة الملابس: شكاوى من الإرهاق البدني
حسب تقارير “ريليفو”، فقد أثيرت العديد من الشكاوى من داخل غرفة الملابس حول الإرهاق البدني، وهو ما كان واضحًا في المباراة الأخيرة ضد برشلونة. فقد بدا على اللاعبين أنهم يعانون من ضغوط بدنية وعقلية شديدة، مما أثر على أدائهم داخل الملعب. هذه الشكاوى تكشف عن حقيقة أن هناك مشاكل أكبر من مجرد إعداد الفريق للمباريات، بل تشمل حالة اللاعبين الجسدية والنفسية التي أثرت على قدرتهم على تقديم أفضل مستوياتهم.
الانتقادات توجه لبيريز: إدارة النادي تحت المجهر
بعيدًا عن أنشيلوتي، تركز الانتقادات أيضًا على رئيس النادي فلورنتينو بيريز، الذي بدت تصرفاته غير كافية لتلبية احتياجات الفريق في ظل الظروف الحالية. فمن المعروف عن بيريز أنه رئيس صاحب رؤية اقتصادية قوية، لكن في الفترة الأخيرة، باتت هناك شكوك داخل النادي حول مدى تركيزه على الجوانب الرياضية. ففي الوقت الذي يعاني فيه الفريق من إصابات متعددة، ويحتاج إلى تعزيز دفاعه الهش، لم يظهر رئيس النادي أي تحركات واضحة في سوق الانتقالات.
النقد الأكبر كان موجهًا إلى بيريز بسبب عدم تحركه في سوق الانتقالات الشتوية، رغم أن الفريق في حاجة ماسة للتعاقد مع لاعبين جدد، خصوصًا في الدفاع. تقارير “ريليفو” أكدت أن بعض المسؤولين في النادي بدأوا يشيرون إلى أن بيريز فشل في اتخاذ قرارات حاسمة، مما جعل النادي يركز أكثر على الجوانب الاقتصادية، بينما كانت الأولوية يجب أن تكون على تعزيز الصفوف لمواصلة المنافسة.
وبالإضافة إلى ذلك، تعرض بيريز لانتقادات من بعض المشجعين بعد تصرفاته في أحداث كأس السوبر، حيث لم يتحرك النادي بشكل جاد ضد برشلونة في قضية إعادة تسجيل داني أولمو، بل كانت هناك تسريبات تشير إلى أن بيريز كان في حالة من اللامبالاة أثناء احتفالات برشلونة بالفوز في جدة، حيث ظهر وهو يتبادل الضحكات مع لاعب برشلونة روبرت ليفاندوفسكي أثناء تسلّم اللاعبين ميدالياتهم الذهبية. هذا التصرف زاد من حالة الاستياء بين جماهير النادي.
خطة ريال مدريد للمستقبل: هل سيعزز الفريق في يناير؟
في ظل هذه الأجواء المتوترة، يبدو أن نادي ريال مدريد سيواجه تحديات كبيرة في الأسابيع المقبلة. وفي حين يتعين على المدرب أنشيلوتي مواجهة ضغوط كبيرة داخل الفريق ومع جماهيره، هناك أيضًا حديث حول الحاجة لتعزيز الفريق في فترة الانتقالات الشتوية. ورغم أن هناك تساؤلات حول قدرة النادي على جلب لاعبين جدد، إلا أن التقارير تشير إلى أن ريال مدريد يعمل وفق خطة طويلة المدى.
ومع أن هزيمة كأس السوبر لم تؤثر بشكل مباشر على قرار النادي بشأن مستقبل أنشيلوتي، إلا أن النادي يسير وفقًا لخطط مدروسة ولا ينوي اتخاذ قرارات متسرعة بناءً على نتائج المباريات أو ضغوط الإعلام والجماهير. ورغم أن منصب أنشيلوتي قد يكون في أمان في الوقت الحالي، إلا أن الفترة المقبلة ستكون حاسمة بشأن ما إذا كان الفريق سيستمر في تقديم نفس الأداء الضعيف أم سيحدث انفراجة في الأفق، خصوصًا إذا تمكن النادي من إتمام صفقة مع ترينت ألكسندر-أرنولد من ليفربول.
في النهاية، يبقى السؤال الأهم هو: هل سيستطيع ريال مدريد تجاوز هذه المرحلة الصعبة والعودة إلى