ظهير العاصمة يبدي أسفه أمام مشجعي النادي الإيطالي

تصدّر لاعب نادي باريس سان جيرمان الأضواء في لقاء القمة الأوروبية الذي جرى مساء السبت على ملعب أليانز أرينا بميونخ إذ سجّل الهدف الافتتاحي لنسور العاصمة الفرنسية في المباراة النهائية للبطولة الأغلى على مستوى الأندية الأوروبية، قبل أن يتوجّه مباشرة نحو جماهير الفريق الخصم مظهراً اعتذاره عن تسجيله لهدفٍ أساسي منح فريقه التفوق في دقائق المباراة الأولى. لقد عُرف هذا اللاعب في إيطاليا خلال موسم 2020–2021 بقميص النادي اللومباردي الذي دافع عنه موسماً كاملاً، قبل أن يتحول إلى نجمٍ مؤثرٍ مع الفريق الباريسي، فينجح في أن يصبح أول ظهيرٍ أيمن في تاريخ المنافسة يساهم بأكثر من تسع أهداف (سجل أربعة وصنع خمسة) خلال النسخة الواحدة من المسابقة القارية.

النهج الهجومي.. والهدف التاريخي

دخل اللاعب المواجهة بنهجٍ هجومي واضح مع تشكيلة هجوم باريس التي ضمت أبرز نجوم كرة القدم العالمية، ومنذ انطلاقة اللقاء كان الظهير الباريسي حاضراً بقوة في بناء الهجمات وتخطي الخطوط الإيطالية سريعاً عبر سرعته في حرث الجبهة اليمنى، وتمكّن من تسجيل الهدف الأول بالدقيقة الثانية عشرة بعد أن راوغ دفاع إنتر ميلان واستلم تمريرة متقنة من زميله صاحب الأداء اللافت في وسط الملعب ثم سلّم الكرة بكل هدوء إلى شباك المرمى الإيطالي. وما أن لمس الكرة حتى صعد بطل فرنسا برجعية جسدٍ نحو المدرّجات المعادية مودّعاً إياهم بحركة اليدين التي بدت كمحاولة لإيصال رسالة ندمٍ خالصة إلى أولئك الذين شيّعوه بحب وهم لا يزالون يشاهدونه بزيهم الرسمي، ذلك الزي الذي حمله في يومٍ من الأيام أثناء صراعات الموسم الإيطالي الشرس.

أرقامٌ تاريخية من الظهير المهاجم

على صعيد الأداء الفردي خلال هذا الموسم يصل رصيد هذا الظهير المتألق إلى أربعة أهدافٍ في المسابقة القارية وأربع تمريراتٍ حاسمة ثم صنع هدفاً إضافياً أثناء اللقاء النهائي ليصبح بذلك صاحب أعلى مساهمة هجومية من قلب الدفاع الجانبي في تاريخ دوري الأندية الأوروبية. وهي إحصائيةٌ أعجزت كل المدافعين الذين سبقوه، فحتى الأسماء اللامعة في مركز الظهير الأيمن لم تصل إلى هذا الرقم في نسخةٍ واحدة، فيما يُذكَر أن مشاركة اللاعب مع العملاق الباريسي امتدت إلى 17 مباراةٍ في هذه المسابقة مروراً بمواجهاتٍ مثيرة أمام أندية أوروبية عريقة ساهم خلالها بشكلٍ ملحوظٍ في تجاوز دور المجموعات وتصعيد العاصمة الفرنسية حتى نهائي الأحلام.

الوفاء في لحظة انتصار

لكن تأكيده على الوفاء وتقديره للنادي الذي قضى به موسماً كاملاً جاء بعد تنفيذ الهدف مباشرة حين امتنع عن احتفاله المعتاد، بل راح يلوّح بيديه في شكل اعتذاريّ واضح إلى صفوف الجماهير الإيطالية، كنوعٍ من الوفاء والتذكير بصلته مع مدينة ميلانو والأنصار الذين أحبّوه خلال تواجده في سان سيرو قبل ثلاث سنوات. هذه اللفتة الإنسانية لقيت استحساناً كبيراً من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبرها مئات المستخدمين تعبيراً نادراً عن الجانب الإنساني في عالم الاحتراف الكروي الذي كثيراً ما يغيب فيه العرفان بالجميل عند مواجهة فريقه السابق.

دور غير مباشر في الهدف الثاني

بالرغم من أن الهدف سجّل تقدم الفريق الباريسي بهدفٍ نظيف، لم يتوقف أداء الظهير عند ذلك بل استمرّ في تفعيل أدوارٍ هجومية طوال دقائق الشوط الأول حتى أسهم بشكلٍ غير مباشر في الهدف الثاني الذي جاء عبر تسديدة قوية نفذها نجم العاصمة الأرجنتيني من جهةٍ أخرى. وبعدها بدا واضحاً أن دفاع إنتر لم يكن قادراً على مجاراة الوتيرة العالية التي فرضها رجال المدرب الإسباني، مما ضيق مساحة التحرك على الظهير القديم لميلانو وأبعده عن موقع صناعة المكاسب كما كان الحال في الموسم الذي أمضاه مع الفريق اللومباردي.

تصريحات بعد التتويج

بعد نهاية اللقاء وتوّج العاصمة الفرنسية باللقب القاري الأول في تاريخها، صرّح اللاعب أمام الكاميرات بأن مشاعر الاعتذار التي عبّر عنها في لحظة التسجيل كانت دفينةً في صدره منذ إعلان مباراة النهائي، إذ كان يدرك تمام الإدراك حجم الحب الذي حظي به من أنصار إنتر ميلان خلال فترة احترافه هناك. وأضاف أنّه لا يحمل في قلبه أي حقدٍ أو رغبةٍ في إذلال أي فريقٍ سبق له أن دافع عن ألوانه، بل إنّه يحترم جذور رحلته الكروية التي شملت التعايش مع ثقافة الكرة الإيطالية وتعلّم فنون الظهير الجانبي على أرض سان سيرو.

مشواره الإيطالي.. الطريق إلى باريس

جديرٌ بالذكر أن المشوار الإيطالي للاعب قد تخلّله تسجيل هدفٍ مميّزٍ في الدوري الإيطالي الذي تلقّفته الجماهير كمؤشرٍ على صناعته للأهداف ومهاراته التقنية، الأمر الذي جعل الفريق الفرنسي ينضمّ إليه في صيف 2021 بتكلفةٍ مرتفعةٍ نسبيًا. وبطبيعة الحال، شكّلت مسيرته في ميلانو المحطة الأساسية التي صقلّت إمكاناته الدفاعية والهجومية وأكسبته ثقة إدارة العاصمة الفرنسية للانطلاق معه في مشروعٍ كبيرٍ يحمل طموحاً أوروبياً عريضاً.

التأثير المتوازن: دفاع وهجوم

توسّعت دائرة الاهتمام بإسهامات هذا الظهير منذ بداية الموسم الحالي إلى أن صار يُنظر إليه على أنّه واحدٌ من أبرز العناصر التي تصنع الفارق لأصحاب القميص الأزرق والأحمر، ليس فقط على مستوى صنع الفرص بل في التوازن الدفاعي الذي يضفيه على الحصون الخلفية ويخفّف الضغط عن قلب الدفاع المركزي. وقد أثبتت أرقامه خلال هذه النسخة أنّه بات الظهير الأكثر تسجيلاً وصنعاً في مسابقةٍ واحدة عبر تاريخ دوري الأندية القارية، وهو إنجازٌ لا يستهان به أمام منافسةٍ شديدةٍ شارك فيها أكثر من عشرين فريقاً يمتلكون خبراءً عالميين في اللعبة.

ردود فعل إيطالية وإنسانية

بينما اجتذبت اللفتة الإنسانية للاتكاء بكتفيه أمام جماهير إنتر التعاطف والتداول المكثف بين الصفحات المهتمة بآخر أخبار باريس سان جيرمان والبطولة، لم تخف ردود الفعل الإيطالية مزيجاً من الأسف والإعجاب بفعل الإحساس العالي الذي أظهره الظهير تجاه عشاق ميلانو. بعض المعلقين اعتبروا أنّ هذه الحركة تذكّرنا بخريجي الأندية الكبار الذين مسحوا الغبار عن ذكريات محبّةٍ متبادلةٍ حتى بعد رحيلهم، بينما رأى آخرون أنّها رسالة مفادها أنّ الاحتراف لا يلغي الروابط العاطفية بين اللاعب والجماهير التي احتفنته في لحظةٍ من مجده.

ختامٌ إنساني ورياضي

في الختام تُختَتم القصة بكون هذا اللاعب بات نموذجاً للمدافع المعاصر الذي يملك سرعةً وتوزيعاً للكرات وقدرةً على التسديد من خارج الصندوق إلى جانب شعوره الأخلاقي الذي دفعه لنشر رسالة اعتذارٍ نابعةٍ من قلبٍ وفّاء لعشاق إنتر رغم أنه بات لاعباً أساسياً في مشروعٍ يرنو للسيطرة على القارة العجوز. حقّاً، لقد نجح في إطلاق رصاصة الافتتاح داخل شباك ميلانو وانتهت بتحيةٍ امتزجت بالإنسانية وقبضت على قلب الجماهير، وكل ذلك في ليلةٍ ستبقى خالدةً في سجل العاصمة الفرنسية كأولى إنجازاتها القارية الكبرى.