
نجح كريستيانو رونالدو في تسجيل هدفه رقم ٨٠٠ خلال مسيرته مع الأندية في مباراة فريقه النصر أمام الفتح بالجولة الأخيرة من دوري روشن للمحترفين موسم ٢٠٢٤–٢٠٢٥ ليؤكد مرة جديدة قدرته التهديفية الاستثنائية التي تميّزته على مدار أكثر من عقدين.
لكنه في الوقت ذاته وجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه إذ ارتبط تألقه الشخصي المفاجئ بموسمٍ صفري ثالث متتالي للنصر بلا أي لقب محلي أو قاري.
بين الأرقام والإنجازات الفردية
بين أوراق الأرقام والإنجازات الفردية يبرز مسار “الدون” في الملاعب السعودية بعد انضمامه للنصر شتاء ٢٠٢٣. إذ نجح في خطف لقب هداف الدوري مرتين على التوالي بإحرازه ٣٥ هدفاً في أول موسم ثم ٢٥ هدفاً في الثاني ليحصل على الحذاء الذهبي.
لكنه لم يتمكن من توظيف مهاراته الخارقة في صناعة الألقاب الجماعية التي كانت تطمح لها جماهير “العالمي” منذ إطلالته الأولى بقميصه الجديد.
هدف 800… ضوء فردي في ظلام جماعي
جاء الهدف الثمانمائة الذي سجّله رونالدو في شباك الفتح بالضربة الترويجية رقم ٨٠٠ على صعيد الأندية، ليُضاف إلى قائمة النجاحات الفردية التي شهدتها مسيرته الأسطورية.
- الأندية: سبورتينغ لشبونة، مانشستر يونايتد (مرحلتان)، ريال مدريد، يوفنتوس، النصر السعودي.
- الإنجاز: واحد من أفضل الهدافين في تاريخ كرة القدم.
- الواقع: تراجع مستويات الفريق وغياب البطولات رغم الأرقام القياسية.
لكن هذا الرقم القياسي ظل يضيء وسط ظلام عام لفريقه، مما يجعل السؤال حاضرًا: ما قيمة الإنجازات الفردية إن لم تقود إلى ألقاب؟
إخفاقات متكررة تُضعف البهجة
على الرغم من احتفال البرتغالي بهدفه التاريخي وتصفيق الحضور لبراعته أمام المرمى، فقد أخفق النصر في تحقيق أي من الأهداف الاستراتيجية على مستوى البطولات.
- دوري روشن: المركز الثالث بدون لقب.
- كأس الملك: خروج مبكر.
- دوري أبطال آسيا: إقصاء من الدور الأول.
هذه الإخفاقات المتراكمة ضاعفت من حالة الإحباط داخل أروقة النادي، وجعلت جماهير الرياض تتساءل: هل تستحق هذه الأرقام استثماراتها أم أن النجاحات باتت مجرد دعاية بعيدة عن المنافسة الحقيقية؟

رونالدو.. مقارنة بالماضي الموجع
يشبه ما يحدث مع رونالدو في السعودية ما عاشه في حقبتيه مع ريال مدريد ويوفنتوس. حين توّج هدافاً للدوري الإسباني ثلاث مرات دون أن ينتزع الليجا، وفي موسمه الوحيد مع اليوفي حقق جائزة الهداف الإيطالي وفشل الفريق في حصد درع الكالتشيو.
لتتكرر المفارقة نفسها للمهاجم الأسطوري الذي يواصل حصد الجوائز الفردية بينما يبقى الفريق الذي يرتديه خارج دائرة التتويج.
ثلاثة أعوام من النجاحات الفردية والخيبات الجماعية
ثلاثة أعوام في الرياض عاش فيها الدون لحظات مجد فردي حقيقي يتناقض بقوة مع واقع النصر المتردي في البطولات الرسمية.
- الأهداف: 60 هدفًا في موسمين ونصف.
- الجوائز: الحذاء الذهبي، جوائز شهرية متعددة.
- النتائج: لا لقب، ولا حتى مقعد آسيوي.
بينما ارتفع رصيد أهدافه وحصد الحذاء الذهبي في دوري المحترفين، لم تسطع جماهيره الاحتفاء باللقب الدوري أو كأس الملك أو التأهل الآسيوي.
هل حان وقت المراجعة؟
يقول محللون فنيون وإداريون إن الصيغة الحالية للنصر بحاجة إلى مراجعة شاملة في البنية التعاقدية وإعادة بناء مشروع رياضي متوازن يضمن دمج القيم الفردية مع الطموحات الجماعية.
فمن غير المقبول أن يظل رقم ٨٠٠ ومعدل أهدافه مجرد عنوان فرعي لعناوين خالية من الذهب النظيف.
ويجب على الإدارة أن تضع خططًا واضحة لإعادة الروح التنافسية للفريق، وأن تُعيد النظر في الخيارات الفنية والإدارية قبل أن يصبح اسم رونالدو فقط هو الذي يحمل الفريق وليس العكس.
جدل واستقطاب في الشارع الرياضي

في المنتديات والساحات الرقمية، بات الرابط بين التوهج الشخصي لرونالدو والأداء العام للنصر مادة دسمة للجدل والاستقطاب.
- فريق من المؤمنين: يرى أن “الدون” قد يقلب الطاولة مستقبلًا إذا وُجد الدعم الحقيقي.
- فريق من المنتقدين: يعتبر أن تجربة التعاقد معه مشروع تجاري فاشل بسبب غياب النتائج وارتباك الخيارات الفنية.
مستقبل غير مضمون
مع اقتراب وقت الاستعداد للموسم المقبل، يبدأ ملف الاحتفاظ بالدون أو الاستغناء عنه محل نقاشٍ ساخن على طاولة مجلس الإدارة.
الواقع يقول إن حسم مصير أسلوب اللعب وتوظيف قدراته المذهلة في خدمة التكتيك الجماعي هو الطريق الوحيد لإنقاذ النصر من تبعات موسم ثالث صفري.
فهل سيُكتب لهذا المشروع أن يُحقق الأمجاد الحقيقية؟ أم سيظل الجمهور ينتظر بشعلة من الإحباط؟
خاتمة: شموع 800 تحت الغيم
يبقى عزف أهداف رونالدو الفردية نشازاً حين يمسّ صدى الجماهير التي ترجمت وجوده إلى معادل نقدي دون المراهنة على تحقيقه للألقاب.
وها هي الشموع الثماني مئة تضيء المدرجات بضوء ضعيف لا يزيل غيوم الخيبات المتراكمة في سماء الرياض.
لا صوت يعلو فوق أنين الأنصار المنتظرين انتفاضة ترفع شعار المنافسة الفعلية، بعيدًا عن بريق الأرقام الفردية.