في لفتةٍ مفاجئةٍ وعلامةٍ استثنائية، أثار لوكا مودريتش، نجم ريال مدريد والأيقونة الكرواتية، انتباه الإعلام والجماهير بمقتنياه قصرًا فاخرًا في قرية ثري كروسز التابعة لمنطقة جاور قرب سواحل سوانسي. الصفقة التي بلغت قيمتها مليار سنت (أي نحو مليون جنيه إسترليني) لم تكن مجرد “شراء عقار” عابر، بل تحمل في طياتها رسائلٍ عدة حول مستقبل اللاعب بعد الوداع المهيب الذي أقيم له في معقله البرنابيو، واهتمامه بدعم نادي سوانسي سيتي الذي اكتسب حصّة أقلّيةً فيه الشهر الماضي.
نهاية حقبةٍ ذهبية… بداية صفحةٍ جديدة
في اليوم نفسه الذي ودّع فيه مودريتش قميص ريال مدريد بعد الفوز على ريال سوسيداد بنتيجة (2–0)، سجّل اللاعب 39 عامًا رقمًا قياسيًا كأكثر لاعبي النادي تتويجًا على الإطلاق، بـ:
• 6 ألقاب دوري أبطال أوروبا.
• 6 كؤوس عالمية للأندية.
• 5 بطولات سوبر أوروبية.
• 4 ألقاب في الدوري الإسباني.
• 2 كأس ملك إسبانيا.
• 5 ألقاب كأس السوبر الإسباني.
وبينما ينتظر عشّاق “الميرنغي” قرار مودريتش بشأن مواصلة مسيرته الاحترافية أم اعتزالها، كشفت صحيفة “ذا صن” البريطانية عن اقتراحٍ جاذبٍ إليه وجهته المقبلة، بعدما استحوذ على نسبةٍ أقلّيةٍ في ملكية سوانسي سيتي بالدوري الإنجليزي الدرجة الثانية، ثم انتقل من خطوةٍ استثماريةٍ رياضيةٍ إلى خطوةٍ حُلمٍ سكنيٍّ بامتيازٍ.
قصر خمس غرف والجُبة الملكية لويلز
يقع القصر الذي اختاره مودريتش في قرية ثري كروسز الهادئة، وهو مبنىٌ من طابقين يضم خمس غرف نومٍ فسيحةٍ، وغرف معيشةٍ وصالةٍ للطعام تتسع للعائلات الكبيرة، إضافةً إلى حديقةٍ مُطلةٍ على الشاطئ ولافتاتٍ زجاجيةٍ تلتقط أشعة الشمس من أواخر الربيع حتى فصل الخريف.
وأشاد جيرانٌ محليونٌ بالمكان قائلاً لأحد مراسلي “ذا صن”:
“لم نعتد استضافة نجومٍ بحجم مودريتش في سوانسي، لكن وجوده هنا يمنحنا فخرًا كبيرًا. المنزل قريب من البحر ومخصص للراحة والاستجمام، وهو ملاذٌ يختلف تمامًا عن صخب مدريد. نعتقد أن لوكا سيجد في ريف ويلز ما يشبه العودة إلى الطبيعة، مع استمتاعٍ بالمطاعم والحانات الشعبية التي تبرز فيها نُكهة ويلزية أصيلة.”
الاستثمار الرياضي إلى جانب السكن الرفيع
لم يقتصر اهتمام مودريتش بسوانسي على الجانب العقاري فحسب، بل تعلقت أنظاره بنادي المدينة، حيث امتلك مطلع الشهر الماضي نسبةً أقلّيةً في الملكية رفقة مستثمرين آخرين. وتعدّ تلك الخطوة توطيدًا لعلاقة اللاعب بالمدينة، وربما تستبق مساعيه للعب دورٍ رياضيٍ أو إداريٍ بعد الاعتزال.
ونقل موقع النادي تصريحًا عن اللاعب جاء فيه:

“سوانسي مكانٌ قدم لي أكثر مما توقعت. استثمار في الفريق يعني دعم شباب المدينة ومواهبها، وأنا فخور بأن أكون جزءًا من رحلتهم.”
كما أكّد مصدرٌ مطّلعٌ أن مودريتش يفكّر جديًا في خطوةٍ انضمامٍ كلاعبٍ إلى صفوف سوانسي سيتي إذا ما هبط إلى القسم الثاني ولكنه كان يُراهن على العودة سريعًا إلى الدرجة الممتازة. هذا الطرح جاء على لسان المهاجم الإسباني المخضرم فرناندو مورينتييس، الذي نصح زميله السابق في “الملكي” بخوض تجربةٍ إنجليزيةٍ تُختم بها مسيرته الكروية بألوانٍ مختلفةٍ.
ضجة وسائل الإعلام والجماهير
استقبال خبر شراء القصر أطلق موجةً من التهاني والتساؤلات في آنٍ معًا، خاصةً على منصّات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر بعض المغردين عن دهشتهم قائلين:
• “مودريتش بنى قصرًا قبل المباريات الودية في الصيف… يريد بدايةً جديدةً برائحة البحر!”
• “ما زلنا نتذكّر هدفه الحاسم في نهائي دوري الأبطال، والآن نتخيّله جالسًا في شرفة في ويلز ينظر إلى الأمواج.”
وكانت “ذا صن” قد وثّقت تحرّكاته في المنطقة، مشيرةً إلى أنّ نجوم كرة القدم كثيرًا ما يختارون سواحل بريطانيا للاسترخاء بعيدًا عن ضجيج الملاعب. لكنّ صفقة لاعبٍ بهذه المكانة أتت لتُسجّل عنوانًا غير مسبوق في تاريخ انتقالات الأساطير بعد الاعتزال.
ماذا ينتظر مودريتش بعد هذه الصفقة؟

يبقى السؤال الأبرز: هل سيكون هذا القصر مقرًّا لعطلاتٍ صيفيةٍ فقط، أم مؤشرًا لبداياتٍ مهنيةٍ جديدةٍ؟ وإذا كانت نصائح مورينتييس بنقل موهبته إلى أرض البريميرليغ تتجسد في انتقالٍ كلاعبٍ، فقد نشهد الموسم المقبل ظهور الكرواتي في وسط ملعب سوانسي سيتي تحت أنظار “الميرنغي” ومتابعيه حول العالم.
ورغم أن لوكا لم يعلن حتى الآن مخططاته رسميًا، إلا أنّ الاستثمار في النادي وامتلاك هذه الملكية العقارية في قلب ويلز يكشفان عن رغبةٍ قويةٍ في الانخراط بعمقٍ في المجتمع المحلي، وتأسيسِ وجودٍ مستدامٍ بعيدًا عن أضواء البرنابيو.
نهايةٌ مفتوحةٌ لفصلٍ ذهبي
مع صفقة العقار التي هزّت السواحل البريطانية، يثبت لوكا مودريتش أنه ليس لاعبًا عاديًا ترك بصمته في ريال مدريد فحسب، بل أسطورةً تختار وجهاتٍ بعينها لتكون موطنًا لذكرياتها وخطةِ ما بعد اللعب. وبين الاستثمار الرياضي والعقاري، يبدو أنه يكتب فصلاً جديدًا في مسيرته المتألقة، فصلًا يضجّ بإشراق شاطئ سوانسي ولؤلؤة قصر ثري كروسز التي ربما تُنير دروب أعوامه المقبلة.