
في لقطة كروية لا تُنسى على أرض “أليخاندرو موريل” بميامي، قاد المدرب الأرجنتيني خافيير ماسكيرانو فريقه إلى تأكيد قوة الشخصية والقتال، بعدما حوّل تأخره 0-2 في الشوط الأول إلى تعادل مثير 3-3 مع متصدر الدوري الأمريكي، في مباراة شهدت تألق ليونيل ميسي وتكتيكات تعكس جوندورياً حقيقية داخل غرفة خلع الملابس.
البداية الصعبة وانتفاضة “التانغو”
دخل إنتر ميامي مواجهة فيلادلفيا يونيون وهو في حالة ضغطٍ عصبيٍّ بعد تعثره في المباريات السابقة، حيث لم يذق طعم الانتصار في سبع مباريات من آخر ثماني خاضها في جميع المسابقات.
وتلقّى شباكه ثلاثة أهداف للمباراة الثالثة تواليًا قبل أيام، ما زاد القلق حول قدرة الفريق على المقاومة.
ولكن قبل انتهاء الشوط الأول، وجد “المرينغي” ماسكيرانو فريقه في ورطة حقيقية بعد استقباله هدفين متتاليين: الأول عبر هجمة مرتدة سريعة، والثاني من ركلة رأسية استغل فيها مهاجم فيلادلفيا ضعف الرقابة الدفاعية.
بدا الوضع ميؤوسًا منه، لكن ما حدث في الشوط الثاني كان الدرس الأبرز في الإرادة والروح القتالية.
ماسكيرانو: “ظهرنا ما نريد”

قال ماسكيرانو في المؤتمر الصحفي بعد اللقاء:
“كنت أطالبهم دومًا بألا يفقدوا الثقة. لقد أظهرنا شخصيتنا الحقيقية وقلناها بصوتٍ عالٍ: هذا هو إنتر ميامي!”
وأضاف مدرب “التانغو” الذي قاد الأرجنتين لألقاب عالمية كلاعبٍ:
“استقبلنا هدفًا مبكرًا في كل ردة واحدة، وقلت لهم: لا تفكروا في النتيجة، اركضوا، قاتلوا، واستعيدوا الكرة. لقد أبدى اللاعبون روحًا لا تُصدَّق، واستحقوا على أرض الملعب هذا التعادل.”
كانت كلمات ماسكيرانو بمثابة وقودٍ معنويٍّ للاعبيه الذين فرضوا ضغطًا متواصلًا على حارس فيلادلفيا منذ الدقائق العشرين الأولى من الشوط الثاني.
لحظات “الفري كيك” وريمونتادا ميسي
جاءت نقطة التحوّل عند الدقيقة 86، حينما احتسب الحكم ركلة حرة مباشرة من على حدود الصندوق.
تولى ميسي مسؤولية تنفيذها، وسكنت الكرة الشباك ببراعةٍ مميزةٍ تُضاف إلى سجل أهدافه الخيالية في الدوري الأمريكي.
هدف تقليص الفارق قلب أجواء الملعب رأسًا على عقب، وزرع الخوف في قلب الخصم، قبل أن يعلن البديل الكولومبي لويس سولومو التعادل في الدقيقة الرابعة من الوقت بدل الضائع برأسيةٍ متقنةٍ إثر عرضية متبادلة.
نصف موسمٍ من التحديات

رغم احتلال إنتر ميامي المركز السادس في ترتيب مجموعة الشرق برصيد 23 نقطة من 14 مباراة، إلا أن سلسلة النتائج السلبية هددت طموح النادي الجديد في الدوري الأمريكي.
فالفريق الذي بدأ الموسم بقوة جديدة بعد انضمام ميسي وسوتو وفانديفيرده، شهد تذبذبًا في الأداء الدفاعي أفقده الثقة أمام معظم الفرق القوية.
لكن ريمونتادا فيلادلفيا كانت بمثابة جرس إنذار إيجابي ولحظة مفصلية لتصحيح المسار قبل الجولة المقبلة، إذ أظهر أبناء ماسكيرانو قدرتهم على استيعاب الضغوط والرد سريعًا.
خطة ماسكيرانو وحلول “اللعب من الخلف”
أوضح المدرب أن سر الانتفاضة جاء من تعليماتٍ تكتيكيةٍ بحتة:
“طلبت منهم التركيز على التمرير من الخلف والانتشار بين الخطوط. أردت تحريك الكرة بسرعةٍ من جانب إلى آخر لإرهاق المنافس. الطريقة الوحيدة للخروج من هذا المأزق كانت بالاستحواذ والسيطرة على إيقاع اللعب”.
واتضح أن التبديلات التي قام بها ماسكيرانو، بإشراك لاعب وسطٍ دفاعي لتعزيز الاسترجاع، ثم إدخال جناحٍ سريعٍ لاستغلال المساحات في ظهر الدفاع، كانت عوامل رئيسية في صناعة الضغط الهجومي.
ميسي والعنصر النفسي
لا يمكن فصل هذه المعجزة الكروية عن تأثير ليونيل ميسي داخل الملعب وخارجه.
فقد حصل الإنتر على دفعة معنوية كبرى بزيادة ثقتهم في اللجوء إلى الحلول الإبداعية عند الحاجة، مستفيدين من خبرة الأفضل في التاريخ.
مساهمة ميسي في الهدف ومن ثمَّ تقديم التمريرات الحاسمة، أكدت دوره كقائدٍ حقيقيٍ قادرٍ على قلب الموازين.
التحدي القادم: مونتريال في الانتظار
لا يملك إنتر ميامي متسعًا كبيرًا من الوقت للاحتفال، إذ يستعد لمواجهة مونتريال يوم الخميس المقبل في ملعب “دي إم في بيفرلي هيلز”، حيث يطمح لاستعادة نغمة الانتصارات بعد استرجاع الروح.
الفوز في هذه الجولة سيكون بمثابة تأكيدٍ على أن ريمونتادا فيلادلفيا لم تكن صدفة، بل بدايةٌ لعودة الفريق إلى النتائج الإيجابية.
خلاصة وتأثير ريمونتادا ميامي
تثبت مباراة فيلادلفيا أن إرادة المدرب وثقافته التكتيكية يمكن أن تحول أسوأ اللحظات إلى قصص بطولية.
ماسكيرانو، الذي واجه انتقاداتٍ لعدم تحقيق نتائجٍ مطمئنةٍ في المباريات الأخيرة، أثبت أن قدرته على قراءة المباريات وتوليد الأدوار القيادية للاعبين تصنع الفارق.
وفي ظل متابعة ملايين المشجعين حول العالم لهذا الانتصار الدرامي، يزداد حجم الصحافة العالمية التي تتناول إنتر ميامي كظاهرةٍ كرويةٍ تجمع بين الفن والقتال، مما يعزز ظهور النادي الصاعد بين أندية النخبة في الدوري الأمريكي.
بهذه الروح، يواصل “التانغو” مسيرته على أمل أن تتحول دفعة فيلادلفيا إلى سلسلة انتصاراتٍ تقوده للظفر بأماكنٍ متقدمةٍ في صراع التأهل إلى الأدوار الإقصائية، حيث ينتظر الفريق المزيد من التحديات أمام خصومٍ لا يرحمهم ملعب “ميامي” الحالم.