تحديات البداية وتوقعات التتويج
عندما تولى سلوت القيادة الفنية الصيف الماضي، بدا هدف الفوز بدوري الأبطال أو التتويج في البريميرليغ ضرباً من الخيال، بعد أربعة مواسم خلت خزائن ملعب أنفيلد من اللقب المحلي. وفي فبراير الماضي، اعترف بنفسه قائلاً: “لم يتوقع أحد أننا سنكون منافسين على اللقب مطلقاً عند انطلاق الموسم”، مما يعكس مدى التحول الذي أحدثه في أداء الفريق ومخرجاته التكتيكية.
وبحسب الأرقام، يمثل تتويج ليفربول هذا الموسم استثنائية لافتة
وذلك إذ لم ينجح أي فريق متوقع ضعيف في مضمار اللقب منذ ذلك الإنجاز الذي حققه أنطونيو كونتي مع تشيلسي عام 2017. وعلى غرار حكاية ليستر سيتي في 2016، أجبر سلوت ورفاقه الجميع على تعديل توقعاتهم، لكن ما إن ربط “بايرن” لندن الانتصارات حتى بات المرء على يقين بقدرتهم على استرجاع العرش المحلي.
سمات المشروع الفني ومرونة التكتيك
قام المدرب الهولندي بتطبيق فلسفة بناء اللعب من الخلف والضغط المرتفع بشكل متوازن، معتمداً على ثنائية الأجنحة التي يقودها محمد صلاح والدولي السنغالي المحترف حديثاً في الفريق. ولاحظت تقارير صحافية أن أداء ليفربول هذا الموسم تميّز بنسبة تمرير ناجحة تجاوزت 85%، واستحواذ متوسط بلغ 61% في المباريات الحاسمة، ما أدى إلى السيطرة الميدانية أمام منافسين كبار مثل تشيلسي ومانشستر يونايتد.
كما استفاد الفريق من تنوع الحلول الهجومية

حيث ساهمت خبرة صلاح وفيرجيل فان دايك في منح الفريق التوازن الدفاعي، فيما أضاف أليكسيس ماك أليستر ورايان غرافينبيرغ الحيوية في وسط الملعب. وقد أكدت تصريحات سلوت مؤخراً أن “الهدف الأول كان الحفاظ على المجموعة أولاً، تمهيداً لمشروع طويل الأمد”، لكن سرعان ما أصبح الحلم بتحقيق اللقب واقعاً ملموساً.
انعكاس التفوق على حسابات المنافسين
عطفاً على نتائج ليفربول، بدا مانشستر سيتي المتربّع على عرش الدوري في المواسم الستة الماضية في موقف ضعف وباتت أخطاءه تكلفه نقاطاً ثمينة. وبالمثل، تراجع أرسنال إلى المركز الثاني للمرة الثالثة توالياً، رغم قيادة ميكيل أرتيتا للفريق لنهائي دوري الأبطال، فيما عانى من غياب هداف مميز وتذبذب في مستوى بعض نجومه. هذا المشهد فتح الباب أمام أندية أخرى مثل نيوكاسل وأستون فيلا لتعزيز موقعها وتقديم أوراق اعتمادها في السباق على المراكز الأوروبية.
ومع إعلان ليفربول معادلته لرقم مانشستر يونايتد (20 لقباً)
بدا جليّاً أن المعركة المحلية ستدخل مرحلة انفتاح أكبر من أي وقت مضى، إذ لم يعد التنافس حكراً على عملاقين تحتكران اللقب سنوياً، بل سيمتد لأكثر من أربعة فرق تناطح الصدارة على امتداد الموسم.
التحديات المستقبلية للحفاظ على الزعامة

مع انتهاء الموسم الحالي على وقع الاحتفالات في أنفيلد، يواجه سلوت اختباراً جديداً: هل سيتمكن من الدفاع عن اللقب في الموسم المقبل؟ تجارب أسلافه تظهر أن الفوز في الموسم الأول لا يضمن الدفاع عنه، فكل من مورينيو وأنشيلوتي وكونتي لم يكرروا الإنجاز في الأعوام التالية (باستثناء مورينيو موسم 2005–2006 مع تشيلسي).
ويرتبط ملف الانتقالات الصيفية باستثمارات كبرى
إذ ينتظر أن يدعم ليفربول صفوفه بوجهات جديدة لاكتساب العمق البدني، خصوصاً في دفاع الوسط والهجوم. وقد أنهى الفريق تمديد عقد صلاح وفان دايك، لكن مع بلوغهما 33 و34 عاماً، يبرز التساؤل حول مدى قدرتهما على الحفاظ على نفس الوتيرة.
كما يترقب الأنصار إمكانية تعويض رحيل ترينت ألكسندر-أرنولد المنتظر
وتعزيز المحور بإيجاد بديلٍ يخفف من عبء الأداء المكثف. وفي المقابل، سيحاول أرسنال تعزيز خط الهجوم بلاعب قادر على تسجيل 20 هدفاً في الموسم، تحسباً لعودة المنافسة على اللقب.
آفاق حقبة المنافسة الشاملة
انتقال لأفكار الملكية الرياضية إلى أروقة البريميرليغ، يعني أن المنافسة لن تنحصر في معادلة تقليدية بين ليفربول ومانشستر سيتي، بل ستشمل أرسنال، تشيلسي، نيوكاسل المحتضن من صندوق الاستحواذ السعودي، وأستون فيلا المنفعل بدعم ستيفن جيرارد. وهذا التوسع في دائرة المنافسة يوحي بأن حقبة القابلة للمفاجآت التاريخية قد بدأت مجدداً، في زمنٍ لن يقبل فيه أي فريق أن يتراجع عن الصدارة دون معارك شاقة حتى الجولة الأخيرة.
في النهاية، يؤكد تتويج ليفربول العشرون
أن الدوري الإنجليزي الممتاز ما يزال يضيف فصولاً جديدة ومتجددة لحكاياته، إذ لم يعد تحقيق اللقب حكراً على كبار السناب، بل صار ممكناً لأي مشروعٍ يجمع بين التخطيط الاستراتيجي والجرأة في التنفيذ. ومع انطلاق صافرة الموسم المقبل، ستكون أعين المتابعين مصوّبة على “أنفيلد” لمعرفة ما إذا كان هذا الإنجاز سيكوّن بداية عهدٍ طويل للزعامة، أم مجرد لحظة استثنائية في سجلِّ التنافس الأهم في كرة القدم العالمية.