أداء استثنائي لبنزيما في النهائي
في مساء كروي استثنائي تحت أضواء ملعب الإنماء بجدة، اجتمع نجوم القادسية والاتحاد في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين للعام 2024/2025، وقدم الحاضرون عرضاً كروياً يضج بالمنافسة والإثارة.
في هذا السياق برز النجم الدولي الفرنسي كريم بنزيما كمحور حقيقي لقيادة الهجوم الاتحادي، بينما بدا نجم القادسية الغابوني بيير إيميريك أوباميانغ طريداً داخل الملعب غير قادر على ترك بصمة مؤثرة في اللحظات الحاسمة من اللقاء الذي انتهى بفوز العميد بثلاثة أهداف مقابل هدف.
هدف أول مبكر من بنزيما
منذ صافرة البداية بدا واضحاً أن الاتحاد قادمٌ بقوة لتحقيق الثنائية المحلية، بعد أن ضمن درع دوري روشن السعودي مبكراً، وأن هذا النهائي يشكل محطة أخيرة لإضافة لقب الكأس إلى خزائنه للمرة الثالثة عشرة في تاريخ مشاركاته.
وكان الاعتماد الأكبر في الجانب الهجومي على قدرات كريم بنزيما، الذي أظهر منذ الدقائق الأولى حرصه على فرض حضوره في مناطق الخصم دون انتظار لحظة ثابتة من اللعب أو ركلة جزاء.
كشف بنزيما في الدقيقة الخامسة عشرة عن قدرته على استيعاب الكرة على صدره بشكل رائع وسددها على يمين حارس القادسية، معلناً عن الهدف الأول للاتحاد ومنح العميد الثقة اللازمة لإرسال رسائل مبكرة للمنافس وجماهيره عبر المدرجات.
الأمر الذي جعل العديد من المحللين الفنيين يشيرون إلى أن بنزيما لا يحتاج للركلات الثابتة حتى يصنع الفارق في المباريات المهمة.
هدف ثاني وتأكيد التفوق

سجل بنزيما هدفه الثاني في الدقيقة السابعة والستين عبر متابعة ممتازة للكرة التي ارتدت من العارضة بعد تسديدة قوية انطلق بها المدافع القادسي إلى إبعادها.
وفي لحظات معدودة وجدت الكرة طريقها إلى شباك القادسية بعد لمس خفيف من رأس بنزيما، الذي أظهر حنكة المثالي في استغلال الفرص وتركيزاً ذهنياً عالياً قبل نهاية الوقت الأصلي للقاء.
هدف أوباميانغ الوحيد
قلص أوباميانغ النتيجة بركلة جزاء نفذها ببراعة في الدقيقة الثامنة والسبعين، لكنه لم يستمر في إثبات حضوره في المباراة.
وخاصةً وأن الأنظار ظلت تتجه إلى متابعات بنزيما لحسم المنافسة قبل نهاية الوقت الأصلي للقاء.
وظهر رصيد تسديدات بنزيما على مرمى القادسية خلال المباراة أنه سدد ثلاث كرات مباشرة نحو المرمى، جميعها جاءت بدقة عالية وخطورتها في مناطق الجزاء، دون محاولة واحدة خارج الإطار، مما يعكس دقة شديدة في التصويب وقدرة على مواصلة الضغط نحو مناطق تسجيل الأهداف.
غياب أوباميانغ عن المشهد

على الجانب الآخر، بدا أوباميانغ طريد الأجواء الكروية في جدة حيث اكتفى بتسجيل ركلة الجزاء ونفخ الهدف الوحيد لفريقه، لكنه لم ينجح في اكتشاف مساحات الاتحاد الدفاعية بشكل كافٍ ولم يشكل تهديداً كبيراً للعمق الاتحادي.
واستعاد الاتحاد قوة التحصين عقب الهبوط المؤقت في الأداء بعد الهدف القادسي، وكان غياب ليونة الحركة والتمركز الصحيح لأوباميانغ واضحاً في اللحظات التي كانت تحتاج لاستغلال الفرص الخاطفة.
ما جعل الجهاز الفني للقادسية يضع علامات استفهام كبيرة حول مدى مناسبتها التكتيكية لخططهم في المباريات التي تتطلب مرونة عالية وسرعة في الرد على الأحداث على أرض الملعب.
الجانب التكتيكي: ضغط عالي ودور محوري لبنزيما
على المستوى التكتيكي، اعتمد الاتحاد على خطة هجومية مبنية على الضغط العالي واستغلال ضعف مساحات القادسية في مناطق وسط الملعب.
وقد وفر ذلك أرضية مثالية لبزوغ دور كريم بنزيما قائد الأوركسترا الهجومية، حيث بلغ معدل دقته في التمرير 90 بالمئة، إذ قام بتنفيذ 35 تمريرة صحيحة من أصل 39 محاولة.
وهو ما يكشف مدى دوره المؤثر في بناء الهجمات وترابط الخطوط قبل لحظة التسديد أو عملية التسجيل الحاسمة.
وأسهمت هذه القدرة في كسر سقف الانسجام بين عناصر الفريق وبين المتابعين الميدانيين لهذا اللقاء، حيث اتسعت فرصة المهاجمين الآخرين مثل حسام عوار.
هدف ثالث حاسم من عوار
على هجمة واحدة، تلقى عوار كرة مرفوعة من بنزيما ارتدت من الحارس قبل أن يضعها في الشباك معلناً عن الهدف الثالث في الدقيقة الواحدة والثمانين.
مما وضع النقاط على الحروف بأن العميد لم يكن بحاجة إلى ركلات جزاء لتسيطر على مجريات اللقاء وتؤكد جدارته باللقب.
لحظات جدل تحكيمي
إلى جانب ذلك، لم تخلُ المباراة من لحظات إثارة مثيرة للجدل، من بينها قرار تحكيمي بعدم احتساب ركلة جزاء للاتحاد في منتصف الشوط الثاني.
ورجح الخبير التحكيمي محمد كمال ريشة عبر تحليله أن الكرة اصطدمت بذراع أحد مدافعي القادسية داخل منطقة الجزاء قبل أن يستمر اللعب.
وكانت الدراية الميدانية في الملاعب قد أشارت إلى أن مثل هذه الفرص كانت كفيلة بإحداث تراجع نفسي لدى لاعبي الاتحاد، لكن رد بنزيما كان سريعاً ومباشراً، إذ عاد وتقدم بثقة ليضع هدفه الثاني وهو ما أدهش الجمهور الفني على شاشات التلفاز ووضع إجراء القرارات التحكيمية تحت الأضواء الصارمة قبل أن يستأنف العميد أفضليته على أرض الملعب.
ردود الفعل بعد المباراة
مع نهاية المباراة، بدأ الحديث يدور حول صلابة دفاع الاتحاد وتناغم لاعبيه في أداء الخطوط كافة.
وكيف أن بنزيما، بمنجز هدفين وتعامل مع المواقف الصعبة، قدّم درساً رائعاً في كيفية التعامل مع المباريات النهائية دون الاعتماد على الضغوط النفسية أو التقنيات الثابتة كالركلات الثابتة والكرات الركنية.
وبالمقابل بدا أوباميانغ كأنه بعيد تماماً عن الصورة رغم أنه كان مرشداً للفريق القادسي لتوجيه هجماته بشكل أسرع وهو ما لم ينجح فيه.
الأمر الذي فتح نقاشاً وسط مواقع التواصل الاجتماعي حول مدى جاهزيته التكتيكية للتواجد في نهائيات تحمل الطابع الجماهيري الكبير في الملاعب السعودية.
الاحتفالات والتأثير الإلكتروني
وبعد صافرة النهاية، دخل لاعبو الاتحاد في سباق احتفالي مع الجماهير التي حشدت حضوراً قوياً في المدرجات وردّدت هتافات تملأ الأجواء بالحماس.
أشادت الجماهير بفن الرسم الهجومي أمام المرمى وكيف وصلت الكرة إلى الشباك بثقة من قبل بنزيما، الذي بدد شبهات افتقاده للفاعلية في اللحظات الحاسمة.
واستعاد بنزيما بالفعل التمثيلي البسيط والعفوي صورته الأولى كمهاجم يوزع الأدوار ويرسم الدقائق الأخيرة بحرفية عالية.
ولدرجة أن أغلب محركات البحث على الإنترنت شهدت زيادة في عمليات البحث عن مصطلحات مثل "كأس الملك الاتحاد"، "بنزيما"، "تحليل أداء"، "أوباميانغ"، "نهائي القادسية"، وهي مؤشرات واضحة على الاهتمام الإلكتروني الذي حققه الحدث الكروي على مستوى الوطن العربي والقارة الآسيوية.
أرقام بنزيما في الموسم
أما عن أرقام بنزيما مع الاتحاد في هذا الموسم، فقد باتت هائلة بعد أن أشار الإحصائيون إلى أن النجم الفرنسي حسم نسبة كبيرة من أهداف العميد في الدوري والكأس.
فقد ساهم بنزيما بأكثر من 30% من مباريات الفريق في آخر 20 مواجهة رسمية بين تسجيل وصناعة.
ويرى الكثيرون أن هذا مؤشر واضح على أن الاتحاد يجد في بنزيما البراعة في إنهاء الهجمات والأناقة في بناء اللعب.
في المقابل، عصفت الشكوك بأوباميانغ من جهة إمكانية تكرار ما فعله في نهائيات مثل كأس ملك إنجلترا أو كأس الرابطة الإنجليزية في ضوء تفاوت مستواه لدى الانتقال إلى دوريات مثل الدوري السعودي، الذي يتطلب اندفاعاً عالياً ومرونة تكتيكية بين الخطوط بما يتناسب مع متطلبات الكرة الحديثة.
ختامًا: رسالة قوية للمنافسين
في الختام، يستمر النقاش حول ما فعلته الثنائية المحلية، حيث سجل الاتحاد موسماً استثنائياً بحصد درع الدوري وكأس الملك معاً لأول مرة منذ بدء تطبيق الاحتراف عام 2008/2009 وفقاً لمحللين وتقارير إعلامية محلية.
اعتبر خبراء أن ذلك يعزز موقع الاتحاد في صفحة المحفوظات الكروية، وهو ما سيشكل رسالة واضحة للمنافسين القادمين في الموسم المقبل سواء على الصعيد المحلي أو في البطولات الآسيوية.
فـ"العميد" يمتلك جسراً من الثقة والتناسق بين نجومه المحليين والمحترفين الدوليين، وأن المسار التكتيكي للفريق لا يقوم على الاعتماد على الركلات الثابتة، بل على طريقة بنزيما في صناعة الفارق داخل الصندوق وتفجير الفرص بلمسة واحدة.